نحن وجار الشرق:
عربي و دوليإلى متى سنظل وإيران على حافة الجرف القاري؟
نوفمبر 10, 2010, 7:22 ص 3520 مشاهدات 0
في كتابهم القيم ' Getting to YES' في فن التفاوض يذهب روجر فشر وويليام يوري' Roger Fisher and William L. Ury' الى طرح أسلوب تفاوضي محكم يفضى الى موافقة الطرف الاخر،أو دفعه في نهاية المفاوضات لقول (نعم). وقد حدد الباحثان اسس عدة لذلك لفت نظري منها محور التركيز اثناء المفاوضات على المصالح وليس المواقف ' 'Focus on interests, not positions. وفي يوم امس الاول توجه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ د. محمد الصباح الى طهران للمشاركة في حوار التعاون الاسيوي التاسع حول تعزيز التعاون الاقتصادي والأمن الاقليمي،. وكان مما قاله: إن قضية الجرف القاري تأتي من ضمن الامور المشتركة التي دائما ما نناقشها في اللجنة المشتركة بين البلدين. وعندها قفز الى ذهني محور التركيز على المصالح وليس المواقف في السياسة الايرانية .
لقد ذكر معالي وزيرالخارجية الكويتي وهو محق إن قضايا الحدود ليست قضايا بسيطة، فهي معقدة فنيا وقال إن هناك لجان فنية أجتمعت من فترة بسيطة وستبعث بتقاريرها الى وزراء الخارجية، ثم اضاف: بإذن الله سوف ننهي هذا الأمر بأسرع وقت ممكن، وكما يقال السور الجيد يخلق جيرة جيدة. وللوقوف على تفاصيل قضية الجرف القاري سأفتح هنا قوسا كبيرا لاستعادة بعض النقاط التي سبق ان كتبنا عنها قبل عامين ونصف وبالتحديد في 22 فبراير 2008م .
أولاً الجرف القاري تعريفا هو الامتداد الفعلي والطبيعي لقاع الأرض القارية داخل البحار والمحيطات، أي الجزء الأرضي الغارق تحت سطح البحر، وقد حددت اتفاقية جنيف المتعلقة بقانون البحار الجرف القاري، بمسافة 200 م عمق في ما بعد البحر الإقليمي.
ثانياً حقل الدرة أو كما يسميه الإيرانيون حقل أراش هو المثلث المائي الواقع شمال الخليج العربي،ومما تجدر الإشارة إليه أن الجزء الأكبر من هذا الحقل يقع على الحدود المشتركة بين البلدين الكويت والسعودية كما يقع جزء مشترك من الحقل مع الجانب الإيراني،و قد توصلت الرياض والكويت لاتفاق بشأن الحدود البحرية بينهما عام 2000 . ومما يزيد من أهمية الحقل ما أفادت به الدراسات والمسوحات التي أجريت على الحقل وأشارت إلى بوادر تؤكد على وجود كميات كبيرة من الغاز.ففي عام 1967 قدرت شركة الزيت العربية اليابانية احتياطيات الغاز القابلة للاستخراج من حقل الدرة بواقع 5.5 تريليونات قدم مكعب 156 مليار متر مكعب.
وتأتي أهمية الحقل لكلا الأطراف من الحاجة الى الغاز، خصوصا الكويت التي تعد من الدول الفقيرة بالغاز. ويعود النزاع حول هذا الحقل إلى عقد الستينات عندما منحت إيران حق التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية الانجليزية للنفط سابقا والتي تعرف اليوم باسم بريتش بتروليوم في حين منحت الكويت الامتياز لشركة رويال داتش شل وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من حقل الدرة. وفي الوقت الحاضر تجددت الخلافات واحتجت الكويت والسعودية رسميا عندما نشطت منصة حفر إيرانية لمدة ثلاثة أشهر في هذه المنطقة، غير أن أعمال الحفر أوقفت بعد ظهور الخلافات وقد اتفق الجميع على بدء مفاوضات سياسية بهذا الخصوص للفصل في مسألة حدود الجرف القاري أولاً.
وقد اقترحنا في فبراير 2008م ان يتم تكليف شركة نفط باستخراج الغاز وإعطاء كل ذي حق نصيبه بعد معرفة نسبة كل طرف،وفي هذا السياق نذكر أن شركة الزيت العربية اليابانية تأمل بالمشاركة في تطوير حقل غاز الدرة من خلال تقديم الدعم الفني .
نعود الى مبدأ تقديم المصالح على المواقف، فنشير الى ان صانع القرار في طهران قد اصبح جلده سميكا نتيجة تراكم نجاحاته في اتباعه دبلوماسية الرفض والعناد ، ولما لاتفعل طهران ذلك وموقفها هذا قد اجبر المجتمع الدولي على التخاذل امامها في اكثر من صعيد ؟ مما دفعها الى اقامة مدرسة دبلوماسية تبعث اليها بصغار دبلوماسييها لتعلم فن المماحكات السياسية ضاربة عرض الحائط بمصالحها . وهنا ننبه جيراننا في طهران الى ان مصالهم معنا تفوق مصالحهم مع الغرب بكثير ، فنحن جزء من حلول مشاكلهم الاقتصادية باستيعاب مخرجات البطالة هناك، وفي قرارات رفع وتخفيض أسعار وكميات النفط في قمم منظمة أوبك ، كما اننا الجبهة العسكرية التي تقض مضاجعهم رغم تعهدنا باحترام حقوق الجيرة وعدم السماح لاحد بشن عدوان عليهم من اراضينا .
وإذا كانت ايران مكتفية بما تملك من موارد نفطية فنحن بحاجة ماسة الى الغاز الطبيعي من تلك المنطقة رغم إن تلك الحاجة ليست اليد التي تؤلمنا حتى تضغط عليها طهران .
كما نشارك د. محمد الصباح في تمنى التوفيق من الله لانهاء القضية لكننا لانتفق معه في التطلع لوقت قريب لانهائها ، لقد مضى عامين ونصف منذ آخر مرة تطرق فيها الجانبان لقضية الجرف القاري،واذا استمرت المفاوضات على هذه الوتيرة فستدخلنا طهران في نفق مظلم ينتهي بعد عقود . فكيف نقنع طهران بان السور الجيد يخلق جيرة جيدة ، كيف نستطيع الاستمرار في ترميم السور بيننا وبين ايران التي مابرحت في فتح ثغرات البنادق في جدرانه، والتي كان آخرها تأخر تسلم السفير الايراني الجديد لمهام عمله في الكويت وكأنها ذريعة للابتزاز .
بعبارة موجزة ،إن على طهران ان توقف سعيها في ضم ملف الجرف القاري الى صراع الملفات مع العالم ،وضرورة ازاحة هذا المومياء عن طريق علاقة يحكمها الاحترام المتبادل والمصالح الاخوية المشتركة .
تعليقات