د.مبارك الذورة يدعو لتحرير الناس من عبودية التجار والوزراء والنواب إلى عبودية الله
زاوية الكتابكتب نوفمبر 6, 2010, 12:51 م 614 مشاهدات 0
د.مبارك عبدالله الذروة / حرية ناقصة
د. مبارك الذروه
جميعنا يطالب بالحرية السياسية، والبعض ينادي بتعديل الدستور، وهناك من يسعى لقانون الأحزاب، وآخرون ينادون بتداول السلطة، وكل ذلك حقوق مشروعة لا يملك أحد أن يعترض عليها. فالحريات مطلب إنساني يقف أمام الظلم والاستبداد والبغي والعدوان. لكن الحرية السياسية ستظل كالكوب الفارغ ما لم يكن الناس أغلب الناس لديهم رصيد قوي من الحرية النفسية والذاتية لدفعها إلى الإمام.
كثير منا يبحث عن الملاذ الآمن تحت ظل نائب أو وزير أو شيخ أو تاجر... أليست هذه عبودية البشر! العبودية التي يريد أن ينحتها البعض في نفوس الشعب، والتي لاتزال تتحطم أصنامها بفأس «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا» ورغم من أننا نجد كثيرا من دول العالم تتمتع بحريات سياسية لا نظير لها في العالم العربي ومساحات واسعة من الرأي والتعبير والمشاركة إلا أنها مع كل ذلك تشكو من انتهاكات لحقوق الإنسان وبغي وعدوان وسجون وقضايا ثم الأدهى والأمر أنها تشعر بالتأخر الديموقراطي!
إذا هناك رقم ناقص في المعادلة، هناك جناح مكسور للحرية... هو في رأيي التحرر من الأشياء! نعم كل الأشياء... وهو ما يمكن تسميته بالحرية الذاتية للإنسان. مفهوم الحرية الذاتية فلسفياً هي أن تكون سيداً على ذاتك، حراً في إرادتك واختياراتك، لا تكن عبداً لأحد... لا لوزير ولا نائب ولا سلطان كائناً من كان، فلا تخضع إلا لصوت الحق داخلك... ولا يغرنك تقلبهم في البلاد، ولا يفتننك مدع الحريات الكاذبون، ولا يتخذ بعضنا أرباباً من دون الله!
لا يغرنك دنانيرهم أو مناصبهم ولا عقاراتهم أو خدماتهم... فالعبودية المحضة والخالصة لله الواحد القهار... فقط هو الله الذي أرادنا أحراراً، الله الذي منحنا العقل المميز القادر على الاختيار، وجعل لنا إرادة في ذلك. هذا هو التوحيد الخالص الذي يحررنا من عبودية المنصب والمال والجاه... فلا نذل عند باب نائب حنث بقسمه وخان الأمانة وجمع المال الحرام، أو تاجر مختلس أكل أموال عماله، أو شيخ ضيع الأمانة وما أداها حق الأداء.
فالذلة لله وحده، والباب بابه سبحانه، فالوقوف فقط عند باب القوي... الكريم... الرازق... الكبير، لا باب سواه. ولقد جاءت الشرائع السماوية كلها لمحاربة هذا اللون من العبودية... عبودبة الدينار والدرهم. وكم من رجال سقطوا في وحله وتلوثوا بطينه ونتنه... فتعس عبد الدينار وتعس عبد الدرهم.
إذا لابد أولاً من الحرية الروحية الكاملة والخالصة... حرية الفرد قبل حرية النظام. فمن أراد أن يكون حراً فعليه أن ينتفض من الخضوع والانكسار والذل للاشخاص والأشياء. العبيد وحدهم يأنسون بذلك فلا كرامة لهم، فهم في شقاء وعذاب، إنهم لم يستنشقوا عبير الحرية، يريدون أن ينطقوا بكلمة الحق فلا يستطيعون، ألسنتهم مقيدة بسلاسل الذل والانكسار لغير الله... هؤلاء العبيد لهم طقوس يقودهم لها مشايخ الدروشة الدينية ولصوص النفاق السياسي، ولهم تقاليد ابتدعها ساسة الدجل والتنجيم.
والذين ينادون يومياً بالإصلاح الإداري والسياسي والاجتماعي نقول لهم، أخرجوا الناس، كل الناس، من عبودية الأشخاص، من عبودية التجار والوزراء والنواب، أخرجوهم من نفاق المجتمع والسياسة والدين إلى عبودية الله النافع الضار، إلى عبودية الشافي الرازق، إلى الكمال المطلق والاخلاص لله وحده... عندها أبشروا بالتقدم والحضارة، أما قبل ذلك فوالله ليس لنا إلا الأماني. ليست الحريات كلمات تنطق باللسان بل هو شعور يخالج النفس بأن تكون عبداً لله وحده... لا يشاركه وزير أو أمير، هذا ليس منزلاً على الرمال أو قصرا في الهواء صعب المنال، انها تحتاج إلى صدق مع الذات، وعدم الالتفات إلى رغبات النفس ورضا الآخرين...
كلنا نقول ان الله هو الرزاق... وانظر ما يحل بنا لو انقطعت رواتبنا!
كلنا يقول ان الله الشافي المعافي... وانظر عندما نصاب بالأمراض والأسقام!
كلنا ندعي أن الله ذو القوة المتين... وانظر ماذا يحل بنا عند الخوف أو التهديد!
فهل نحن أحرار أم لا نزال عبيدا... عبيدا لذواتنا باسم الثقة والغرور، وعبيدا لأموال البنوك باسم القروض، وعبيدا للمسؤولين طمعاً بالترقيات والبروز؟
ألا فلنتحرر أولاً فإن الحرية منبع القوة النفسية والسبيل إلى النهوض، والحرية الكاملة هي في العبودية المطلقة لله وحده. الذين يهرولون خلف قوافل الحرية الكاذبة اقول لهم ستتعبون... هل أننا حصلنا على أقصى ما نتمناه من حريات سياسية، وهل أننا تفوقنا على أميركا في ذلك، فماذا سنفعل في استبداد المسؤول، وظلم المعلم وطغيان البنوك... سيأتي الشعب مرة أخرى ويدلي بصناديق الاقتراع الى من اتخذوه إلها لهم، يطعمهم، ويكسوهم، ويأمرهم وينهاهم! كيف نخرج انكسار الموظف الخاضع عند باب سيده المسؤول، وخضوع المواطن عند عتبة نائب الدائرة، كيف نخرج التعلق بالأشياء من حولنا لنكون أحراراً؟
اقتلعوا ذل المسألة من نفوس الناس وازرعوه فقط لله وبعدها أبشروا بحريتنا.
د.مبارك عبدالله الذروة
تعليقات