هناك استجوابات كيدية وفاسدة وتافهة طالت بعض أفراد الأسرة الحاكمة أمثال الشيخ سعود ناصر الصباح، بينما لم يتعرض أي وزير من وزراء قوى التخلف والجهل والقبلية أو السلفية أو الإخوانية لأي استجواب..فحوى مقالة خالد السعد

زاوية الكتاب

كتب 404 مشاهدات 0



الاستجوابات الهزيلة والتافهة
 


بإمكان أي مريض أن يخدع نفسه فيستخدم الكمادات لورم خبيث, أو أن يتناول عقاراً مخدراً يتحايل عليه من الألم لبعض الوقت, ولكن المرض الخبيث لا يعبأ بهذه الحيل, ويمضي ينهش الإنسان وفق قانونه الخاص, وما نراه, ونعيشه في الكويت من فوضى عارمة, وفساد يضرب أركانه في كل موسسات الدولة, ومرافقها حتى وصل إلى السلطة التشريعية, والسلطة التنفيذية, وسمم الدورة الدموية للبلاد كلها بحيث لم ينج منها لا الرأس ولا الذيل.
فمن يتابع أعمال السلطة التشريعية, وكذلك السلطة التنفيذية خلال ثلاثة العقود الماضية يخرج بنتيجة واحدة, وهي أن الفوضى, والفساد, والتفريغ المتعمد للدستور ودعس القوانين, وتخريب الذمم, وتدمير الإدارة, وسرقة المال العالم, ومصادرة الحريات الشخصية, والعامة قد استشرت وبائياً, وصارت المعالجات الموضعية, أشبه بالتخدير لداء خبيث يقضم العافية, ويضاعف الهزال, وينذرالمريض بالموت المحتم, هكذا تبدأ المشكلة فمن يتابع الاستجوابات الهزيلة والتافهة والكيدية, والتي لا تأتي لتصويب الانحراف أو مراقبة الأداء الوزاري خلال ثلاثة العقود الماضية والمتعاقبة, ولا يهمها النهوض بالبلاد وعلاج الأمراض التي تفتك بالمرافق الحساسة في بلد لا يتجاوز تعداده المليون نسمة وفيه ما فيه من الثروة المادية, والبشرية يخرج باستنتاجات أليمة, ومريرة وهي أن أغلب تلك الاستجوابات تثرثر, وليست تشخيصات, وأدوية تتكلم, وأن الأغلب الأعم من تلك الاستجوابات الهزيلة والفاسدة تستهدف أكثر ما تستهدف الوزراء ذوي الكفاءة العلمية وذوي الانتماء الوطني, والتوجه الإصلاحي, والقدرة على تجاوز الأمراض التي تضرب في المرافق والوزارات التي يتقلدونها بضمير, وبصيرة ومسؤولية حتى طالت تلك الاستجوابات الكيدية والفاسدة والتافهة بعض أفراد الأسرة الحاكمة أمثال الشيخ سعود ناصر الصباح حين كان وزيراً للإعلام في كلام عام وهلامي بينما لم يتعرض أي وزير من وزراء قوى التخلف والجهل والقبلية أو السلفية أو الإخوانية لأي استجواب, وكأن أفعالهم وخطاياهم مبنية للمجهول أو أن هذه القوى الظلامية خارج المساءلة أو أنها منزهة, ومطهرة عن ارتكاب الأخطاء وهي تستشيط في ارتكاب حماقاتها وتستهيج في ارتكاب الأخطاء, والخطايا. إضافة إلى هذه الظواهر والأمراض فإن تلك الحكومات المتعاقبة سرعان ما تتخلى عن وزرائها التي اختارتهم عن عمد, وسبق إصرار, وأغدقت عليهم بالمال والوعود العرقوبية.
لهذا يمكننا القول ويمكننا تسجيله هو أن الخطأ منهجي ويتلخص في تلك الإشكالية الغريبة التي جاءت من خلالهما السلطتان التشريعية, والتنفيذية وهما تحملان تشوها, وصياغة محرفة تجعلهما في صدام دائم, وتنازع مستمر لا سبيل إلى إيقافه أو تأجيله, وكلتاهما تعمل بإرادتها أو بغير وعي منها على تخريب الذمم, وتعطيل التنمية, وتشويه الديمقراطية والأسباب واضحة وجلية, فالسلطة التشريعية جاءت من قانون انتخابي مزور, وغير دستوري يعتمد على الولاء للقبيلة أو للمصلحة الحزبية الضيقة, وليس الإيمان بالوطن, والدولة والانتماء لها, وسلطة تنفيذية ليس لديها برنامج واضح ولا أهداف واضحة ومفصلة بالعمل, والزمن, وتركيبتها الوزارية تقوم على المحاصصة وعلى الاسترضاء فالمنطق والقانون لا يحميان من لا يستخدمهما في أنماط تفكيره فيكون مزيداً من العلاج الوهمي يؤدي إلى تفاقم الوباء فبغير قانون انتخابي يؤمن وصول أصحاب الكفاءة والوعي والنزاهة والانتماء الحقيقي للدولة تقابله سلطة تنفيذية لها برنامج لمدة معينة لتطبيقه وآلية وهدف واضح لهذا التطبيق ويكون اختيار وزرائها من أصحاب الكفاءات العلمية والوعي السياسي والانتماء الوطني والإيمان الديمقراطي بالاختلاف والحوار والانفتاح على العالم وعلى العصر ومعارفه, فبغير هذه النظرة وهذا التعامل ستبقى الحال على ما هي عليه بل أسوأ, ولن تنفع مع هذا المرض كل العقاقير التي تصرف للحد منه فهي مجرد مسكنات تحتال بها السلطة على الأسباب الحقيقية لعلل وأسباب أمراضنا وفوضانا العارمة.

 خالد عبدالعزيز السعد  

 

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك