كشف حسابات بعد معركة الاستجوابات

محليات وبرلمان

من ربح ومن خسر من من معركة الإعفاء والتدوير والإقالة؟

860 مشاهدات 0




 من البديهي القول أن المعركة السياسية الأخيرة التي كانت شرارتها تقديم الاستجوابين، وإعفاء المعتوق وتدوير الحميضي ثم إقالته، خرجت بنتائج سياسية فيها المنتصر والمهزوم أو ربما حسابات الربح والخسارة السياسية.
 وفي هذا التحليل، نرصد وجهتي النظر لمن يعتبر منتصرا أو مهزوما من الأطراف الأساسية في هذا الفصل الساخن للأحداث، سنحاول- قدر الإمكان- أن نقدم تقييما متوازنا يرصد مواقف الكتل البرلمانية، والشخصيات السياسية من هذه المعركة.
1. رئيس الحكومة: الشيخ ناصر المحمد :
 هناك فريقان يقفان موقفين متناقضين تجاه تقييم وضع رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح:
هناك من يقول أن الشيخ ناصر خرج منتصرا بعد أن جنب حكومته أزمة وتحاشى استجوابه شخصيا، وبدا متعاونا مع المجلس، ونزع أكثر من فتيل أزمة بما في ذلك ردوده على الجدل الذي أثاره إنشاء شركة أمانه للتخزين ثم إلغاؤها بمرسوم آخر، وإفصاحه بكل شجاعة وثقة عن مساهمته وأولاده في الشركة قبل إنشائها، ثم تبرعه بأسهمه فيها لأعمال الخير.
وجاءت ردوده القوية على رئيس المجلس جاسم الخرافي لتقول بأن مرحلة جديدة من القوة والردود الحكومية على منتقديه قد بدأت، وبأن ردوده القوية على الخرافي يصدق فيها المثل: 'احذروا ثورة الحليم'، فرئيس الحكومة شخصية هادئة لا تدخل في كل جدل، ولكن الردود على الخرافي أوصلت رسالة بأن 'للصبر حدود'.

  لكن هناك فريق آخر يرى في هذه السياسة الحكومية تنازلات ومؤشرات ضعف، فالحكومة تخلت عن وزرائها، وهي حاولت أن تنقح الدستور بالتدوير ونزع الصلاحيات الدستورية للمجلس، وبأن هذه التنازلات ستثير شهية الجميع مستقبلا ضد الحكومة التي فتحت لها أبواب لن تستطيع إغلاقها مستقبلا. كما بدت الحكومة غير قادرة على حماية وزرائها والدفاع عن قراراتها التي قالت أنها دستورية.
2. رئيس المجلس-جاسم الخرافي- الأسد الجريح:
  هاجم الرئيس جاسم الخرافي رئيس الحكومة ناصر المحمد، متهما إياه بعدم الوضوح وبأنه لم يشاوره في اختيار الوزراء الذين رأى في تشكيلهم وتدوريهم 'ترقيعا'. وأعقب رأي الخرافي في مقابلة العربية الشهيرة ردا عاصفا من رئيس الحكومة، وهي الظاهرة التي تسجل لأول مرة في تاريخ الحياة السياسية الكويتية بين رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكاد الخلاف يتفاقم لولا تدخل الأمير شخصيا، فأوقف التراشق الإعلامي بينهما.
لكن كثير من المراقبين يرون بأن الهدنة مؤقتة، وبأن الخرافي الذي يشعر بأن الخاسر في هذه المنازلة، لا بد وأن يتحين فرصة يرد فيها اعتباره لنفسه- وخصوصا أن الانتخابات قد تأتي في أية لحظة، صحيح أن وضعه الانتخابي غير مقلق، ولكنه بحاجة إلى استعادة كبرياءه من جهة، وإلى تسخين خطابه الانتخابي من جهة أخرى، فالنار تحت الرماد، والأيام القادمة قد تشهد تسخينا من قبل المستقلين الذين يرتبطون بعلاقة وثيقة برئيس المجلس جاسم الخرافي.

3. التكتل الشعبي: المنتصر الأكبر:
يكاد يجمع معظم المراقبين على أن التكتل الشعبي كان المنتصر الأكبر في هذه المنازلة، ومعه النواب الذين اقتربوا في مواقفهم من مواقفه، وعلى رأسهم ضيف الله بورميه الذي 'لاحق' الحميضي حتى تخلصت منه الحكومة، وفيصل المسلم –القريب من التكتل- والذي لا حق شركة 'أمانه' حتى ألغاها المرسوم وكشف الرئيس أوراقه فيها بكل شجاعة وشفافية.
كان التكتل الشعبي قد شن  هجوما عنيفا على حكومة الشيخ ناصر وهددوه بالاستجواب إن تم تدوير الوزير الحميضي ، ثم هددوا رئيس الحكومة بالإستجواب إذا لم يستقل الوزير الحميضي أو أن تتم إقالته كما الوزير المعتوق ، وبعد عملية أشبه بالقيصيرية استقال الحميضي تحت ضغط الإقالة، ومن هنا فاز الشعبي الذي قاد معارضة التدوير، وقاد الخروج من جلسة القسم،  وأعد العدة لمواجهة كبرى كانت وشيكة الحدوث  لولا حكمة 'الاستقالة أو الإقالة'- لا فرق.
 بذلك يسجل للتكتل نجاحه بكفاءة عالية في إدارة الأزمة حينما اعترض على التدوير قبل الاستجواب كعملية التفاف على الدستور، وحين توج اعتراضه بإسقاط التدوير وعدم تمكين الحكومة من تثبيته كسابقه من شأنها تفريغ الدستور من محتواه.
 وبالطبع فإن لهذه القراءة مخالفيها، حيث يرى خصوم الشعبي أن حكمة رئيس الوزراء هي التي وأدت الأزمة في مهدها، وبأن التكتل كان يمارس الصراخ ويفتعل الأزمات أملا في حل المجلس ومن ثم العودة بقوة أكبر في البرلمان، وهو الأمر الذي لم يرغب في تحقيقه للكتلة –لا رئيس الوزراء- ولا منافسي الكتلة في ساحة الانتخابات الخماسية القادمة.
4. الحركة الدستورية ( حدس )- سياسة الصمت 'الحكيم':
ظلت (حدس) صامته طوال الأزمة واعتبر سكوتها موقفا مؤيدا لرئيس الحكومة من جهة ، وبسبب الإبقاء على وزيرها المهندس محمد العليم ، فلم تعترض على التدوير وأيدت حكومة الشيخ ناصر . خصوم الحركة يقولون بأنها قبضت (كعادتها) ثمن الصمت بكل هدوء وصمت، ومثال الأثمان هذه التغييرات التي قام بها وزير الحركة –محمد العليم- في القطاع النفطي، حيث أجرى تغييرات جوهرية وجذرية في مجالس الإدارات للقطاع الذي هو عصب الحياة الاقتصادية في البلاد، وقد قام العليم بتلك التغييرات الجذرية وهو وزير للنفط بالوكالة لصالح قريبين من الحركة بشكل عام، وما كان لوزير بالأصالة أن يقوم بها دون ضوء أخضر، فكيف بالعليم والوزارة عنده بالوكالة، ما لم تكن تغييراته الشمولية ضمن صفقة أشمل بين حركته وبين الحكومة؟
أوساط الحركة تقول بأن الحركة مارست سياسة متوازنة وعاقلة طوال الأزمة، فلا فرطت في موقفها من رفض التدوير، ولا أيدت المعارضة علنا بالمقاطعة والتصعيد، وبأنها تبنت موقفا بين بين، كما تشيع أنها لعبت دور الوسيط بين الأطراف المختلفة، وأظهرت نضجا سياسيا تفوقت فيه على الجميع، وبأنها ساهمت في إنهاء الأزمة بدورها الحكيم الذي اضطلعت به، بينما بدا الآخرون إما متشنجون في معارضتهم- يقصدون بذلك الشعبي- وإما موالون بتأييد الحكومة في تدويرها، وهم يقصدون السلف والمستقلين. أما الحركة- مثلما يشيع مؤيدوها- فقد مارست ضبط النفس، ولم تفرط بمواقفها على حساب مصالحها.
5. الكتلة الإسلامية المستقلة: تطوير أم توقف؟
كانت الكتلة الإسلامية المستقلة أثناء الأزمة شعبية في مواقفها مما جعلها الأقرب إلى التكتل الشعبي، وتمثل ذلك في خروج معظم أعضائها من جلسة القسم مع نواب الشعبي ، وسيكون من الصعب استقراء مواقف واضحة لهم مستقبلا ما لم يتم استثمار ما تحقق لهم من كسب شعبي أثناء الأزمة. على أية حال، فإن الأيام القادمة ستظهر إن كانت هناك جهودا لرص الصفوف، أم أن المسألة مؤقتة وستبقى الضبابية سيد الموقف في سياسة ومواقف الكتلة.
6. الكتلة السلفية : انتصرت ولكن!!
انتصروا في معركتهم مع الوزير المقال عبدالله المعتوق، حيث سجل لهم أنه أول وزير تتم إقالته في الكويت بسبب اعتراضهم على استمراره في الحكومة  وتقديم استجواب ضده. لكن حساباتهم في إقالة المعتوق أخطأت في تأييد تدوير الحميضي مشبهين ذلك بتدوير الشيخ سعود الناصر ، والأمر المتناقض في ذلك أنهم كانوا معارضين لتدوير الناصر ومن باب أولى أن يعارضوا تدوير الحميضي أيضا . وهو ما لم يتم تبنيه، فأخطأوا في حساباتهم، وراهنوا على حصان خاسر، ولعل نشوة الانتصار ضد المعتوق قد أنستهم أولويات الحسابات السياسية واستثمار انتصارهم على المعتوق بشكل أفضل.
7. التكتل الوطني: تساؤلات وغموض؟؟
اتهموا بعدم الوضوح والتناقض في مواقفهم الأمر الذي فسر على انه متعمدا بسبب ما قيل أنه دورهم الكبير في تشكيل الحكومة الحالية وكذلك في التعديل الأخير حيث سيطروا على ما يقل عن خمس حقائب وزارية ،والتدوير جعل موقفهم في غاية الحرج خاصة وان نصف اعضاء الوطني قانونيين (العنجري والراشد والمليفي والرومي)، واتضح ذلك في الموقف المرتبك للعنجري في جلسة القسم والجلسة الرد على الخطاب الاميري حيث قال مرة ان الاجراء دستوري وقال في أخري أن هناك شبهة دستورية ، بينما قال ثلاثة منهم (الراشد والصقر والشايع) في اعلان متأخر ان التدوير فيه شبهة دستورية في موقف مناقض لموقف زعيم التكتل الوطني العنجري ، اما عضو التكتل الرومي فاعتبر التدوير دستوريا .وقد سطرت مقالات من كتاب قريبين من التكتل يحثون على وضوح موقفهم وضرورة معارضة التدوير لأنه ببساطة تنقيح للدستور.
 لكن أوساط الكتلة تقول بأن موقفهم كان واضحا وبأن خصومهم يحاولون تشويهها لأسباب انتخابية، فهم قالوا بأنهم ضد التدوير، لكنهم ضد الاستجوابين لأنهما رأوا بأن وراء الاستجوابين شخصانية واضحة ترجمتها الملاحقة للحميضي حتى بعد خروجه من المالية إلى النفط وهي مسألة شهدت تلاسنا بين الرومي وبورميه في جلسة الأربعاء الماضي أدت إلى رفع الجلسة.
8. كتلة المستقلين: 'توعد ووعيد للحكومة بالتصعيد!!'
يعانون من ضبابية في المواقف منذ وصولهم الى هذا الفصل التشريعي في 2006 لأسباب كثيرة بينها تناقص أعدادهم بعد انتخابات 2006، ولابتعاد حكومة ناصر المحمد عنهم،  وعدم الاعتماد عليهم بعكس الحكومات السابقة التي كانت ترعاهم وتكافئهم نظير مواقفهم المؤيدة
وقد تشهد الأيام القادمة معارضة شديدة من نوابهم للحكومة ووزرائها، فأوساطهم تقول بأن معارضة الحكومة والصراخ عليها هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تحقق مطالبنا، وهم بذلك يضربون مثلا بنواب التكتل الشعبي الذي يعارضون الحكومة ومعاملاتهم ماشية وهم أكبر واسطة منهم رغم موالاتهم للحكومة.

 

الآن-خاص-تحليل سياسي

تعليقات

اكتب تعليقك