مبارك صنيدح يكتب عن عشق البدوي العذري مرورا بأشهر العُشاق منذ الجاهلية، حتى عشق الفداوية والمعارضة
زاوية الكتابكتب أكتوبر 29, 2010, 12:54 ص 1240 مشاهدات 0
عشق البدوي
كتب مبارك صنيدح
2010/10/28 09:22 م
عشق البدوي يتميز بمجموعة من المتناقضات..والتاريخ وقف بذهول وهو يسجل العشق العذري لدى القبائل العربية في صفحاته من أيام العصر الجاهلي المتميز بالعفة ابتداءً بعنترة بن ابي شداد وابنة عمه عبلة ومعلقته على استار الكعبة..وقيس بن الملوح ويقوده عشق ليلى الى الجنون..وعروة بن حزام وابنة عمه عفراء ويقوده الهوى الى الهلاك.
ولقد عشق البدوي..الوفاء واكرام الضيف والشجاعة وتفاخر بها واعتلى أسنة الرماح وحمل روحه على كفه وضربت امثلة على الإفراط في الشجاعة وسطرتها ابيات الشعر الخالدة وتناقلتها الأجيال وتغني بها في الأفراح والمناسبات.
وعشق البدوي نجدة المكروب والمظلوم..وفارس قبيلة شمر الذي جاءته أبيات شعرية من امرأة تستنجد به وهو متكئ على مسند وعندما سأل عن مكانها عرف أنها بعيدة ولا يستطيع نجدتها فمات في مكانه كمداً وقهراً عن عجزه نجدة امرأة استجارت به.
وعشق البدوي الصحراء وبرد الشتاء و(شبة النار) والقهوة العربية المهيلة..ورغم الحضارة الطاغية لكن عشق الصحراء يسري في عروقه ويتربع على عرش قلبه فينتهز الفرص وإجازات الربيع وعطل نهاية الأسبوع ليقضيها بين ربوع وادي العجمان والصمان وفيافيهما الخضراء ويقضي اجمل اللحظات معانقاً (شبة الضو) ونارها يبدد سكون الليل وعلى جالها القهوة المهيلة في برد الشتاء وأحاديث سمر ليل لاتنتهي.
وعلى النقيض من الفروسية والبطولة والكرامة عشق البدوي (الفداويه) وتربى في عزها ونبت لحم أكتافه من خيرها..وتحول الى شخص آخر (مسخ) لانعرفه يتحرك باشارة من سبابة (المعزب)..وأخلصوا للفداويه في حقها وباطلها وكانوا عصا الأنظمة في مواجهة وقمع المعارضة.
ويعشق البدوي المعارضة ويدرك ان (الخيل لاتربط الا في مرابطها) ويذوب في غرام المعارضة (ويموت في دباديبها) ويتعلق بأهدابها ويتشرف بوشمها على جبينه ويرفع لواءها ويجول ويصول في ميدانها..وله بصماته الواضحة في مسيرتها..وصدى صوته في قاعة عبدالله السالم يزلزل القلوب فتفر من مخادعها.
ومع ذلك أحياناً يكون العشق متطرفاً وأشبه بالجنون حين يدخل دائرة تقديس الرموز ويكون عنده (القول ما قالت حذام)..ويحتاج ان يفيق من سكرة المعارضة ونشوة التقديس التي تعمي البصيرة ويتوازن مع نفسه ويقف مع المعارضة بصلابة وقوة مناصراً لمطالبها العادلة وناقداً لها في الممارسات الخاطئة..فلا يلغي رأيه ويصادر حرية قراره ولايقبل ان يكون صفراً من أصفار التابعين إنما رقم صعب جريء في قول كلمة الحق ويكون ميزانه مصلحة الوطن لا وقود لمعارك سياسية مفتعلة.
مبارك صنيدح
تعليقات