الشراكة 'الخليجية_الأوروبية' هل تنجزها إمرأة؟

عربي و دولي

9400 مشاهدات 0

الأميرة فاطمة السبهان وأمل الحمد

عندما يريد أهل الجزيرة والخليج العربي الاستخفاف بقرار أو تهديد صادر من غير القادر على تنفيذه يقولون 'أي والله قرار فاطمة السبهان' نسبة الى رئيسة وزراء إمارة حائل ،الأميرة فاطمة الزامل السبهان التي تولت الحكم بتفويض من كبار آل رشيد في حائل من 1911م الى 1914م وكانت وصية على حفيدها الأمير سعود بن عبدالعزيزالرشيد، البالغ من العمر 9 سنوات . احتفظت فاطمة السبهان بمفاتيح الخزانة والقصر، وادارت الشؤون المالية، وأصدرت الأوامر العسكرية، وصرفت الأمور السياسية واستقبلت السفراء والمندوبين الذين كان منهم الرحالة جيرترود بيل 'Gertrude Bell'  مساعدة المندوب السامي البريطاني في العراق، وقد ارتعدت من فاطمة فرائص الرجال ولم تأخذها الرحمة بمن يحاول الاقتراب من الحكم فسجنت الأمير محمد بن طلال الرشيد وأقربائها من السبهان.

فهل تنجز السفيرة أمل الحمد ما عجز عنه الرجال  طوال 15 عاما ؟ سؤال حاد الأطراف فرض ظلاله على الخبر الذي أوردته الأنباء حين قالت سفيرة مجلس التعاون لدى الاتحاد الأوروبي وأرفع دبلوماسية خليجية في بروكسل: إن دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 ودول مجلس التعاون الخليجي الـ 6 بحاجة الى تعميق الحوار فيما بينهما لتوطيد أسس علاقة استراتيجية بين المنطقتين لإرساء الأمن والسلام الدوليين، وتوطيد أسس العلاقة الاستراتيجية يعني المصالح الاقتصادية بالدرجة الأولى بهدف الوصول الى مرتبة الشريك المفضل، وتخفيض قيمة الضرائب على منتجات الطرفين، وجذب الشركات الأوروبية للإستثمار في بلادنا فنخلق لهم مصلحة تجبرهم على أن يكونوا جزء فاعلا من منظومة أمن الخليج .

لقد شد المراقبين أسلوب السفيرة الذي يظهر مفاوض شديد الاقناع، حيث  بدأت أمل في اغراء الرأسمالية الأوروبية، بأن الكتلتين الاقليميتين تتمتعان بكل الامكانات لتوحيد جهودها ولعب دور مهم بوصفهما شريكين استراتيجيين لمواجهة التحديات العالمية والدولية، وأن هناك أربعة مجالات استراتيجية حاسمة لتطوير التعاون هي: الطاقة والاستثمارات والتجارة والأمن الاقليمي. وإن الاتحاد الأوروبي يحتاج الى دعم الدور الحيوي الذي تلعبه دول مجلس التعاون الخليجي في القضايا العالمية نظرا لموقعها الاستراتيجي في المنطقة.
       
ثم عادت السفيرة لتذكرهم بأنانيتهم في بطىء مسيرة العمل المشترك، وما من شيء اسوأ من تقريع إمرأة، حيث أشارت الى أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي بدأت من توقيع اتفاق التعاون في عام 1988 م، الا أن اعتماد برنامج العمل المشترك خلال الاجتماع الوزاري بين الإتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي في لوكسمبورغ لم يتم إلا  في يونيو الماضي،  بل أنها  طالبت البرلمان الأوروبي بالضغط على اسرائيل لوقف نشاطها الاستيطاني وإنهاء العنف في غزة والجلوس على طاولة المفاوضات. ثم اقترحت أرفع دبلوماسية خليجيية في بروكسل  ضرورة تعزيز علاقاتنا لدى تقاسم الهموم المشتركة وأن الضرورة تقتضي بذل المزيد على أرض الواقع للإرتقاء بالعلاقة الى مستوى أعلى .

لم يجد أعضاء الوفد الأوروبي ثغرة في دفاعات أرفع دبلوماسية خليجية في بروكسل بعد الانتهاء من كلمتها، فعادوا لذخيرتهم من رصيد اللؤم الرصين، وكان لابد من الاغارة على الأجنحة المدمرة التي لازال الدخان يتصاعد منها نتيجة فشل رجال الخليج  في انجازها، حيث دارت استفساراتهم عن  قضايا نرحلها من قمة الى أخرى، مثل العملة الموحدة واتفاقية التجارة الحرة وسياسة الطاقة ودور دول المجلس في عملية السلام بالشرق الأوسط واليمن ودور المرأة، ولم نكن بحاجة للؤم الأوربيين فمجلس التعاون كان يجري  مشاورات ومفاوضات مع الاتحاد الأوروبي امتدت لأكثر من 15 عاما، على أمل  اقامة منطقة التجارة الحرة بين الجانبين، والتي  كانت كما يقول من أدارها من رجال مجلس التعاون تواجه عوائق يثيرها الاتحاد بعيدة عن مضامين الاتفاقية، فكيف يتسق ذلك مع أن المصالح التي يريدها الاتحاد الأوروبي من دول مجلس التعاون تساوي حاجتنا لهم؟ فدول مجلس التعاون الخليجي تستورد ثلث اجمالي وارداتها من الاتحاد الأوروبي حيث يصدر الاتحاد ما قيمته 4ر47 مليار يورو الى المجلس وتشكل دول المجلس خامس أكبر سوق بالنسبة للاتحاد الأوروبي، بينما لاتصدر دول مجلس التعاون اللخليجي  الا ما قيمته 2ر35 مليار يورو معظمه منتجات نفطية، وتحتل المرتبة 14 من بين الموردين للاتحاد.
 
لقد كانت خطوة موفقة من د. محمد صباح السالم  وزير خارجية الكويت في ترشيح السفيرة أمل الحمد لهذا المنصب، وقد شكره أمين مجلس التعاون السفير عبد الرحمن العطية على ذلك، وقد وصلت أمل الحمد إلى بروكسل أول مرة عام  2006م كنائب رئيس مكتب بعثة المجلس للشؤون الاعلامية، و كأول امرأة خليجية تنضم الى عمل الأمانة العامة لمجلس التعاون.

ويبدو أن القرارات المرحلة من قمة الى أخرى قد دنا زوالها في مجلس التعاون وستظهر قرارات فاطمة السبهان الحقيقية، فهل تنجز أرفع دبلوماسي خليجيي في أوروبا الشراكة الاقتصادية بين دول المجلس ودول الاتحاد الأوروبي؟

أنجزيها يا أمل لتذهب مثل 'اي والله سوتها أمل الحمد '.

الآن: د.ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك