ثقافة 'سليمه تصكك' !!

زاوية الكتاب

كتب 12035 مشاهدات 0


قبل أن أكتب هذه الأسطر سرت بي الذاكرة  لأيام الطفولة  لأتذكر أول مرة  سمعت فيها كلمة ' سليمه  تصكك' وكانت على  ما أظن عندما قام  والدي العزيز بأخذنا للتسوق ونتيجة لخلاف نسائي في أحد الجمعيات سمعت أحد النساء الغاضبات تصيح على الأخرى بقوة 'سليمه تصكج'، لم أعرف المعنى الحقيقي أنذاك لهذه الكلمة وبعد ما يقارب ثلاث وعشرون سنة من هذه الحادثة أردت أن أعرف المعنى الحقيقي أو الحرفي لهذه الكلمة فوجدت أصل هذه الكلمة، فـ 'سليمه ' أو بالأحرى 'سليموت' هو لفظ بابلي وآرامي يعني الموت أو شبح الموت فعندما نقول 'سليمة تصكك ' فكأنك تقول لعل الموت يريحنا منك.

ليس مقصدي من هذا المقال مناقشة هذه الكلمة بل لنقد ثقافة سلبية  منتشرة لدى الكثير في مجتمعنا، وهي احتقار الخصم وتجريحه  وتمني زواله في العاجل فبمجرد أن يخالفنا  البعض في تفكيره وآرائه أو قناعته يتعرض لهذا النوع من المعاملة وكأنه ملف في الكمبيوتر  بحاجة إلى Shift + Delete ليطير بسرعة البرق خارج الجهاز دون المرور حتى بسلة المهملات فالبعض يريد دائما أن يوافقه كل من يعيش على هذه المعمورة في رأيه وقناعته وأفكاره حتى التي تتعلق في لون جواربه !!.

قد يختلف الأخوان التوأم في الرأي والقناعات والاتجاهات الفكرية فالكل يسير حسب قناعاته التي اكتسبها من مختلف مداركه في الحياة، إن أساس أي محاورة يقوم أولا على إحترام الطرفين للإتجاه المعاكس ومن ثم مناقشة النقاط بصورة علمية ، ويستحسن دائما أخذ مقولة ' أخذ أخاك على ثمانين مأخذ' قاعدة في النظر للطرف المقابل فإلتماس العذر ومحاولة التفكير في نظرية ' تبادل المواقف' اي أن تتخيل وضع مكانك في الوضع المغاير يعملان على تقريب وجهات النظر وتضييق دائرة الخلاف وفتح قنوات إتصال، كذلك ان تجنب إطلاق الكلمات الجارحة أو الثقيلة تعمل على الرقي في الحوار وعدم تشتيت الأذهان وصرفها في السلبيات.


يعيش  على هذه الأرض  ما يقارب سبعة مليارات نسمة تختلف عرقياتهم وأديانهم وطوائفهم وانتمائتهم الفكرية والسياسية فلم أجد في حياتي شخصية مهما بلغت من الرقي وعلو المكانة إلا وقد تعرضت إلى نقد وكراهية فإعلم أنه مهما تم انتقادك فأنت لست أول من ينتقد على هذا الكوكب ولكي نعيش بسلام مع الآخرين يجب علينا أن نحترم الطرف الأخر وأن نتفهم أن الاختلاف الفكري هو حقيقة لابد منها وأن كل ما علينا هو شرح أفكارنا بصورة لائقة فمن أعجب بها فأهلا وسهلا ومن لم يعجب بها إما أن ينتقد إنتقادا نصحح بها أخطائنا وإما أنه انتقاد نابع من ثقافة ' سليمة تصكك ' فأفضل حل هو الإلتزام بقول الله تعالى 'خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ'.

من  منطلق ايماني بأهمية دور المرأة في المجتمع  فإن المقالات القادمة  ستتحدث عن سلسلة نساء من بلدي.


ولدكم

عبدالرحمن الحسيني

[email protected]

الآن - رأي: عبد الرحمن الحسيني

تعليقات

اكتب تعليقك