مفاعل بوشهر: الأمور لا تجري على ما يرام ؟!
عربي و دوليأكتوبر 5, 2010, 9:38 م 2154 مشاهدات 0
في عام 1961م وفي ذروة الحرب الباردة، قاد الكابتن أليكسي فوستريكوف 'Alexei Vostrikov ' الى شمال الاطلسي قرب السواحل الأمريكية الشرقية أول غواصة نووية سوفيتية قادرة على حمل صواريخ بالستية.
وقد سميت 'k-19' أو صانعة الارامل 'The Widow maker' كما لقبت قبل إبحارها، فقد قتل طبيب الغواصة في حادث غامض، وخنقت غازات اللحيم والحوادث الكثير من عمال بنائها، بل إن زجاجة شمبانيا تدشينها لم تنكسر منذرة بمستقبل مشؤوم .
وبعد مناورات قاسية تعرض أحد المفاعلين من نوع VM-A لخلل أدى الى تسرب نووي يتطلب اصلاحه الدخول ولحيم انبوب التبريد في حجرة ملوثة . ولسوء عمليات الامداد والتمون في البحرية السوفيتية كانت صانعة الارامل قد أبحرت دون التزود بالبدلات الواقية من الاشعاع، وكان المتوفر بدلات الحرب الكيماوية التي لم تكن إلا واق من المطر مع كمام بدائي .
كان الكابتن فوستريكوف امام خيارين، أولهما الغوص على عمق كبيرللقيام بالتصليحات رغم ان الكلفة كانت تعني فقدان ثلاثة رجال كل عشر دقائق. أو طلب المساعدة من قاعدة عسكرية قريبة لحلف الناتو،أو المدمرة الأمريكية التي كانت تراقبهم.
و مما منع فوستريكوف من طلب المساعدة الغربية، اخذ بحارته اسرى حرب، او انفجار الغواصة في قاعدة حلف الاطلسي مما يدفع واشنطن لضرب الاتحاد السوفيتي بالقنابل النووية في رد انتقامي ظنا منها ان موسكو قد افتتحت الحرب العالمية الثالثة.
وقد نجح فوستريكوف وهو المستعد للتضحية بغواصته وطاقمه من أجل الاتحاد السوفيتي في اصلاح التسرب أول مرة ، لكنه كان مكابرا ولم يطلب المساعدة في الوقت المناسب مما ادى لعودة التسرب النووي مرة اخرى وقتل الكثير من رجال الغواصة المساكين .
لقد كنت اشاهد أحداث فيلم صانعة الارامل مشدودا الى أداء الممثل هاريسون فورد ' Harrison Ford ' في دور فوستريكوف ليقطع إستمتاعي خبر عن ان تسربا طفيفا في حوض قريب من مفاعل بوشهر النووي سيؤخر تشغيله، كما نقلت وكالة الانباء الايرانية عن رئيس البرنامج النووي الايراني علي اكبر صالحي قوله :خلال عملية التنظيف، اكتشف وجود تسرب طفيف في حوض قريب من المفاعل وتم وقفه. وان التسرب قد أخر العمل لبضعة ايام .
لقد كان هناك الكثير من المؤشرات الدالة على ان الامور لاتجري على مايرام في بوشهر التي لاتبعد عنا الا 250 كم متر فقط .
فقد ذكرت مصادر رسمية ايرانية أن الفيروس المعلوماتي ستاكسنت 'Stuxnet ' قد تمكن من التسلل الى الآلاف من اجهزة الكمبيوتر رغم النفي بتعرض بوشهر لهجوم معلوماتي، لكنهم اقروا بأن الفيروس اصاب اجهزة شخصية لموظفين في المحطة، وأن التأخير كما قال صالحي لا علاقة له بالفيروس. فهل نصدق صالحي أم ان الحكومات الغربية وإسرائيل التي تعتبر ان التخريب احد سبل ابطاء نشاط ايران النووي قد بدأ بشن الحرب على بوشهر؟
لقد كثرت التناقضات في تصريحات صالحي حين قال ان بدء انتاج الكهرباء سيتأخر ليكون في يناير من العام القادم بدل اكتوبر الحالي، وقد سبق ذلك تصريح لصالحي في 31 اغسطس عن أن تأخير ناجم عن حرارة الجو المرتفعة في بوشهر والتي اضطرت العمال خلالها للعمل ليلا.
وهنا نتوقف للاشارة الى ان مفاعل بوشهر بدأت بتشييده شركة سيمنز الألمانية فى العقد السابع من القرن الماضى، واكملته روسيا بعد توقف دام اكثر من ثلاثة عقود ، بتكلفة لاتصل الى نصف تلكفة المفاعلات النووية المماثلة له في الغرب. مما يجعلنا نتوجس من صدق وجود الفيروس المعلوماتي ستاكسنت 'Stuxnet ' أصلا ، وهل هو السبب الحقيقي ؟
هذا على الجانب الايراني أما على الجانب الخليجي فنتسائل اين دور الجهة المعنية بالرصد الاشعاعي والانذار المبكر.؟ فبناء على حديث سابق للاخ مدير إدارة البيئة والتنمية الحضرية في معهد الكويت للأبحاث العلمية د. ضاري العجمي، كان قد تم وضع اطار لخطط مواجهة الطوارئ الاشعاعية والنووية المحتملة في دول مجلس التعاون، مع اقتراح المستويات المرجعية الاشعاعية الاسترشادية مثل الجرعة، الأغذية، والمياه، ووضع الاطر لتعليمات الحماية من الاشعاع فهل هناك من سيقوم ببث الطمأنينة في نفوسنا قريبا ؟
لقد تقمص أكبر صالحي في مخيلتي دور فوستريكوف وهو ( صارم القسمات يكاد فمه ان يشبه اثر الجرح الغائر في ذقنه) كما كتب احدهم . وازداد الشبه وهو يقول ان 'قلب المفاعل يعمل بصورة جيدة جدا'. فهل ينوي صالحي طلب المساعدة من وكالة الطاقة الذرية، أم ستمنعه العزة الوطنية كما فعلت بالكابتن أليكسي فوستريكوف ويغوص ويغوص بنا حتى يستطيع بادواته البدائية إصلاح المفاعل ؟
تعليقات