سعود هلال الحربي يرى واقعنا رماديا وزماننا يقود فيه بعض الرعاع بعض صحفنا وإعلامنا من باب المزايدات والتكسب والتشطير
زاوية الكتابكتب أكتوبر 2, 2010, 1:42 ص 1203 مشاهدات 0
مثقفو الزمن الرمادي
كتب سعود هلال الحربي
لم تكن هزيمة العرب عام 1967م عسكرية فقط، لأنها لو كانت كذلك لهان الأمر، ولكنها في حقيقتها هزيمة ثقافية وفكرية ونفسية كبيرة، كما أنها فاصل كبير بين تغييب الوعي والضياع والسوداوية وهنا أتذكر ما كتبه حسين أحمد أمين في كتابه أبو شاكوش عندما يقول أنه لن يغفر لعبدالناصر أو نظامه ثلاث حيل خبيثة (على حد قوله) وهي كلها متعمدة فالأولى: ان دور السينما بدأت تعرض الأفلام الفاحشة التي استهوت الشباب والثانية: على الرغم من افلاس خزينة الدولة والضائقة الاقتصادية أغرق النظام الجمعيات الاستهلاكية والأسواق بسلع تموينية لم تعرفها مصر مثل الجبن الروكفر والبلكان والكاشفال والسالمون وغيرها، والثالثة: سريان اشاعة تقول ان طيف السيدة مريم شوهد وهي تحمل طفلها السيد المسيح واذا بالناس يتدفقون لمشاهدتها من الأقباط والمسلمين على حد سواء، واتضح لا حقا ان ذلك بفعل أشعة الليزر.
هذه الفترة تسمى حقيقة الزمن الرمادي وذلك للانقلاب الفكري وشيوع ثقافة سوداوية قاتمة محرضة ومستفزة، لذلك أنتجت فكرا وأدبا يحمل هذه المضامين فظهر حينها ولا حقا أشعار نزار قباني ومظفر النواب وغيرهما الكثير، الذين جلدوا الذات العربية بل حطموا الانسان العربي وسوغوا لألفاظ كفرية وبذيئة وفاحشة تحت تأثير الصدمة ولا يختلف الوضع عنه في مجال الرواية أو الصحافة أو المقالات التحليلية.
ولكن والحق يقال من حقنا نقد هذه الأفكار والتوجهات ولكننا لا نستطيع ان نشكك بشاعرية قباني والنواب، أو نقلل من أسلوب عبدالرحمن منيف الروائي والذي يعد سمة بارزة من سمات الرواية العربية خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي، وينسحب هذا الكلام على معظم رواد وكتاب ثقافة ذلك العصر.
في الكويت الآن وبعد هذه الفوضى التي ظهرت بصورة منظمة أستطيع ان أقول أننا في زمن رمادي يشابه ذلك الزمن، والفرق أنه لم تكن هناك حربا وهزيمة كما حدث في عام 1967 ولكن هزيمتنا كانت في صميم الضمير والوحدة الوطنية، لذلك ظهر مثقفون من كتاب ومذيعين ومنظرين لهذا الزمن نشاهدهم صباحا ومساء ينشرون سمومهم علينا من باب الوطنية، واذا كنا نقر بموهبة وقدرة مثقفي الزمن العربي الرمادي فاننا نشك بثقافة أصحابنا اليوم، فضحالة الفكر وسطحية المعالجة ونشر الغريب والنشاز من الألفاظ يمثل حقيقة ثقافتهم المزعومة، والأهم بالطبع غياب المسؤولية الأخلاقية لأن هناك من يكتب ويتكلم دون أي احساس بها، ومع ذلك أصبحوا روادا للثقافة والصحافة تزين صورهم الجرائد متزامنة مع سمومهم، والتي أزعم ان بعضهم لا يعرف أنه أداة دون علمه.
في هذه المقالة أعلم حجم القسوة والألم الذي يبرز بين السطور ولولا التزاماتي الأدبية والتربوية لاستفضت بصورة أكبر ولكن كما يقال (والحر تكفيه الاشارة) كما أنني أعبر عن قراءة لواقع رمادي لوث مفاهيم كثيرة من أهمها مفهوم الوطنية، في زمن أصبح فيه بعض الرعاع يقودون بعض صحفنا واعلامنا من باب المزايدات والتكسب والتشطير، ومع ذلك تبقى الكويت لنا على الرغم من ثقافة الزمن الرمادي.
د.سعود هلال الحربي
تعليقات