هل تستطيع القبائل إدارة الدولة؟ .. تساؤل طرحه غليفص بن عكشان على مجموعة من الشباب .. فماذا قالوا؟
زاوية الكتابكتب سبتمبر 27, 2010, 11:38 م 1721 مشاهدات 0
هل تستطيع القبائل إدارة الدولة؟
Tuesday, 28 September 2010
غليفص بن عكشان
في حديث عام، هذا سؤال تم طرحه على مجموعة من الشباب أصحاب المؤهلات الذين يتمتعون بالرؤى المستنيرة والعقول الراجحة ومعرفة الحقوق والواجبات للفرد والمجتمع والدولة، فتقاربت الآراء وتباعدت الرؤى، إذ انقسموا إلى اتجاهين أحدهما يرى خلاف رأي الآخر .
فيرى البعض أن القبائل تتمتع ببعد النظر وصفاء الذهن وقد كانوا مادة دولة الإسلام وبناء دولته وعماد الفتوحات الإسلامية ولم يكن منهم خيانة على طول زمان حياتهم الاجتماعية لأي دولة يكونون مجتمعها ولديهم الوفاء والإخلاص وعدم الأنانية أو الجشع ويتصفون لذلك بالوطنية والإخلاص للنظام والوطن الذي يعيشون في ظله، فضلا عن شجاعتهم للدفاع عن الوطن ، ولديهم من العلم ما يؤهلهم لقيادة الدولة في الميادين السياسية والاقتصادية والأمن الداخلي والخارجي ومعرفتهم العلمية والفطرية بمتطلبات المجتمع في هذا الزمان، إذ منهم أصحاب الاختصاص في علوم السياسة كأساتذة جامعات وأساتذة طب وقانون واجتماع وشريعة إسلامية واقتصاد وإدارة، وهذا كله يمكنهم باقتدار من إدارة الدولة، إذ فتح لهم مجال ادارتها ، مع تمتعهم بالإخلاص الذي يمنعهم من الكذب والنفاق والخيانة وهذه صفات موروثة ومكتسبة من السلف للخلف .
أما الطرف الآخر فقد وافق الطرف الأول على هذه الخلال الطيبة وأقر لهم بذلك، ولكن يرى من ذات منظار الطرف الأول تاريخيا أن القبائل لم تستطع في الماضي ادارة دولة، مع أنهم أغلبية دول الجزيرة العربية، وعليه ليس لهم قدرة على ادارة دولة في الزمن الحاضر، وذلك لافتقارهم للأساس الإداري، إذ لم يكن في أصولهم من كان صاحب خبرة ادارية ولم تقم دولة ما بإدارة القبائل، ما يدل على عدم قدرتهم للإدارة، والدولة عادة، بل دائما، تدار من قبل أهل المدينة، أي أصحاب الحاضر لخبرتهم في سلوك المدينة بالتحضر ودرايتهم الفطرية بالحضارة في المدينة أكثر من القبائل الذين حياتهم كانت تقوم على السلب والغارات والقتال، دون الاستقرار في مكان واحد بل التنقل من جهة إلى أخرى، وهذا يفقدهم ميزة الاستقرار والتعايش مع الآخرين وتكوين الجماعات السياسية من جميع الأطياف، فالقبائل، كما يقول هذا الطرف، ذات اتجاه واحد وهو رباط الدم الذي يربط أفراد القبيلة بعضها ببعض ويرون هذه ميزة لهم على غيرهم، الأمر الذي به يستطيعون ادارة دولة مدنية، لأنهم لم يديروها في الماضي .
فاستأذن الطرف الأول بالتعقيب وقال : لم يكن من دولة في الماضي تعتبر حضارة لها أثر في السياسة والاقتصاد والإدارة، إلا دولة الإسلام، وكانت القبائل مادة الإسلام التي قامت عليها الدولة من قيادات الفتوحات إلى حماية الدولة وكان لهم نصيب وافر من الاستقرار والحضارة والإدارة وما كانت فترة تنقل القبائل إلا في زمن تمزق الدولة الإسلامية وانحطاط فترة الاستعمار العثماني ثم الاستعمار الأوروبي الذي جعل من القبائل بالضرورة تعيد التجمع لحماية الكرامة والتكاتف على حماية النفس من بطش القوى المستعمرة الذي أدى إلى التخلف العلمي والحضاري حتى أصبح الكيان العربي بأسره يعيش ظلمات الجهل المميت .
كما أن لهم دورا بارزا ومشهود له بإحياء وتنشيط الدعوة الوهابية التي كاد يقضي عليها محمد علي باشا بغزواته وذلك بحركة الإخوان وهم جميعا من القبائل في نجد وما حولها بما جعل الحركة الوهابية تمدهم باعتبار أن الإخوان يحاربون الخرافات التي كانت تحاربها الوهابية التي أدخلها الاستعمار على الجزيرة العربية وشوهت بعض صور الدين الإسلامي بالخرافات، لذا فالقبائل مادة نشطة فالماضي لبناء الدولة مع ما كان من جهل، إلا أن النفوس بالفطرة معتصمة بالدين الإسلامي الحنيف، ولم تكن الخرافات إلا في جانب القراء المتحضرة لما دخل عليها من استقرار الخرافات بها من الغرباء .
أما اليوم إذ تطور العلم وأصبح في متناول الجميع فإن القبائل لها في جميع الاختصاصات حظ كبير يفوق غيرهم، ولكن لم تسنح لهم الفرصة لممارسة وقيادة مؤسسات الدولة أو المشاركة فيها، ومن ثم لا يمكن الحكم عليهم بهذا الحكم القاسي بعدم القدرة على ادارة الدولة .
أخيرا انتهى النقاش وكل على تمسكه بوجهة نظره دون أن يفسد ذلك للود قضية، فهل من تزكية لأحد الطرفين على قاعدة الإنصاف؟ اللهم احفظ الكويت وارزق شعبها بحكومة قادرة على انجاز التنمية والعمل لمصلحة هذا الشعب المخلص الوفي . آمين .
تعليقات