سامي خليفة يعتقد أنه لا بديل فى ظل الأزمة الحالية عن المطالبة بإقرار الحكومة الشعبية المنتخبة رئيساً وأعضاءً، وإقرار نظام الأحزاب والانتخاب حسب الدائرة الواحدة

زاوية الكتاب

كتب 401 مشاهدات 0


 

ارفعوا سقف المطالب... يا معارضة!


تعاني الدولة شللاً شبه كامل في كل قطاعاتها، والناس غرقت بمشاكلها، والمجتمع يئس وملّ الانتظار وفقد الأمل في رؤية بصيص النور الذي يخرجه من معاناته. ولولا منّ الله علينا بارتفاع كبير لأسعار النفط لتكشفت عورة الحكومة وسوء سريرتها، ولخرج الناس إلى الشوارع يطالبون بإسقاطها. وما يؤسف أن بلداً كالكويت يتمتع بدخل مالي هائل وعقول بشرية لا يستهان بها لا يقوى على النهوض بنفسه ومواجهة مشاكله وتحمل أعباء مجتمعه! وهنا ينقسم الناس بين من يرى أن العقلية الفردية التي تحكم القرار التنفيذي في الكويت هي السبب في ذلك، وهناك من يرى أن المصالح الفردية التي طغت على سلوك وأداء الكثير من نواب مجلس الأمة هي السبب، وهناك من يرى كلا الأمرين معاً!
وها هي الحكومة اليوم قد استنفذت كل ما تملك من خيارات بعد أن قادها رئيس تصفه المعارضة بأنه يحمل نوايا إصلاحية، وبعد أن جرّب هذا الرئيس «الإصلاحي» أكثر من طريقة، من إعفاء لبعض الوزراء وتدوير لوزراء آخرين وتحالف مع هذا الفريق النيابي وتنازل لذاك الفريق، بل وصل الحال أن يقرر توزير مجموعة رواد من ديوانية واحدة! ذلك كله لم يشفع لتلك الحكومة أن تتمتع بثقة نواب المجلس، ناهيك عن فقدانها لثقة الناس أصلاً، من الذين باتوا ينظرون إليها على أنها المعرقل الأساس لعملية التنمية والتطور، والمعول الأهم في هدم الأمل كله الذي من شأنه إخراج الناس من محنهم ومشاكلهم ومعاناتهم اليومية المستمرة!
أما المعارضة، فهي أيضاً تعاني ما تعانيه من تفاوت غير مبرر لكم ونوع وسقف مطالبها أفقياً وعمودياً، وعدم قدرتها على التوحد على أجندة مطلبية واحدة لا تحيد عنها مهما كانت الظروف ومهما قدمت الحكومة من إغراءات لبعضها. نعم، مشكلة المعارضة اليوم أنها لا تستطيع أن تجتمع إلى لحظة كتابة هذا الأسطر على وثيقة مطالب مشتركة تضع حدا للمهزلة السياسية في أداء الحكومة وقراراتها، وثيقة ذات سقف مطلبي يرتقي وحجم المشكلة ويستفيد من دروس الماضي ويواكب تطلعات الناس وآمالهم ليعالج الجذور لا القشور. ولا بديل هنا عن المطالبة بإقرار الحكومة الشعبية المنتخبة رئيساً وأعضاءً، وإقرار نظام الأحزاب والانتخاب حسب الدائرة الواحدة، ومن دون ذلك فإننا ندور في حلقة مفرغة لا تؤدي بنا إلا إلى المزيد من الغرق في تفاصيل مشاكلنا إلى درجة باتت تجعل بعضنا «يكفر» بالديموقراطية، وللأسف الشديد!
نعم، إن الكرة اليوم في ملعب المعارضة الشعبية التي عليها أن تبادر في الاجتماع على أجندة عمل ترفع فيها سقف المطالب بما ينسجم وتطلعات الناس، فلا يقبل اليوم أن يكون مد بصر تكتل «العمل الشعبي» هو إقالة وزير النفط الحالي رغم تأييدنا للمطلب، ولا يقبل أيضاً من «الكتلة السلفية» في المجلس أن تكتفي بإخراج وزير الأوقاف السابق من الحكومة لتتنفس الصعداء، ولا يقبل أيضاً أن تقدم كتلة «العمل الوطني» للحكومة صك براءة فقط لقبولها توزير عدد من مؤيديها! ولا يقبل من هؤلاء كلهم أن يفكروا في الانتخابات المقبلة حسب الدوائر الخمس، متمنين أن يتم حل المجلس حلاً دستورياً بأسرع وقت ممكن! وللحديث بقية!

د. سامي ناصر خليفة

 

الرأى

تعليقات

اكتب تعليقك