مشيرا إلى قسوة بندين من مرسوم الجنسية.. أحمد الديين يحذر من أن يظل تقدير عقوبة إسقاط الجنسية في يد الحكومة فقط بمعزل عن القضاء
زاوية الكتابكتب سبتمبر 21, 2010, 8:16 ص 1853 مشاهدات 0
عقوبة سحب الجنسية أو إسقاطها..!
كتب احمد الديين
بغض النظر عن الحالة العيانية المحددة لقرار سحب الجنسية الكويتية من ياسر الحبيب وما أحاط بهذا القرار من ظروف وملابسات وما سبقه من ضغوط ومساومات، أدعوكم جميعا إلى أن نقرأ معا النص الكامل للمادة 13 من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية، التي جرى الاستناد إليها في قرار سحب جنسية ياسر الحبيب، لنكتشف مدى خطورة هذه المادة، التي صدرت في صيغتها الراهنة بمرسوم بقانون في العام 1987 خلال فترة الانقلاب الثاني على الدستور، حيث سبق أن رفض مجلس الأمة بعد التحرير وبعد عودة العمل بالدستور إقرار ذلك المرسوم بقانون، إذ صدر قرار الرفض في جلسة المجلس المنعقدة بتاريخ 4 يوليو 1995، ومع ذلك لا يزال هذا المرسوم بقانون المرفوض من مجلس الأمة معمولاً به وقائما كأمر واقع!
وأمامكم نص هذه المادة، ولاحظوا البندين الرابع والخامس منها، “يجوز بمرسوم بناء على عرض وزير الداخلية، سحب الجنسية الكويتية من الكويتي الذي كسب الجنسية الكويتية بالتطبيق لأحكام المواد 3و4و5و7و8 من هذا القانون وذلك في الحالات الآتية:
1 - إذا كان قد مُنِح الجنسية الكويتية بطريق الغش أو بناء على أقوال كاذبة، ويجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممَنْ يكون قد كسبها بطريق التبعية.
2 - إذا حُكِم عليه خلال خمس عشرة سنة من منحة الجنسية الكويتية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة.
3 - إذا عُزِل من وظيفته الحكومية تأديبيا، لأسباب تتصل بالشرف أو الأمانة خلال عشر سنوات من منحه الجنسية الكويتية.
4 - إذا استدعت مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي ذلك، ويجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممَنْ يكون قد كسبها معه بطريق التبعية.
5 - إذا توافرت الدلائل لدى الجهات المختصة على قيامه بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادي أو الاجتماعي في البلاد أو على انتمائه إلى هيئة سياسية أجنبية، ويجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممَنْ كسبها معه بطريق التبعية”.
فمن الواضح أنّ هذه المادة من قانون الجنسية، التي سبق أن رفضها مجلس الأمة، تفتح الأبواب على مصاريعها أمام الحكومة في أن تصدر مرسوما بسحب الجنسية الكويتية عن أي مواطن كويتي اكتسب جنسيته بالتجنس، وذلك من دون استناد هذا المرسوم إلى حكم قضائي، ومن دون خضوعه لرقابة القضاء الإداري، حيث تتمتع مسائل الجنسية الكويتية بالحصانة المطلقة إزاء ولاية القضاء الإداري، مهما كانت قرارات الحكومة في شأنها جائرة... ونلاحظ أيضا أنّ هذه المادة لا تضع معايير محددة في بندها الرابع لسحب الجنسية، فيكفي أن تستدعي “مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي ذلك”، ويكفي وفقا للبند الخامس منها أن تتوافر دلائل لدى الجهات المختصة على قيام هذا المواطن الكويتي بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادي أو الاجتماعي أو الانتماء إلى هيئة سياسية خارجية، حتى وإن لم يصدر حكم قضائي نهائي بإدانته في ذلك، فالمطلوب فقط هو “توافر الدلائل”!
إنّ سلطة الحكومة المطلقة في تطبيق هذه المادة من قانون الجنسية، التي رفض مجلس الأمة إقرار مرسوم قانون تعديلها، لن تنحصر في حالة ياسر الحبيب وحده، وإنما يمكن أن تمتد وقتما تشاء الحكومة إلى مَنْ تشاء عقابه من المواطنين الكويتيين بالتجنس وذلك من دون حاجة إلى محاكمته وإدانته... وللأسف أيضا فإنّ الأمر ذاته يمكن أن يتحقق في إسقاط الجنسية الكويتية عن المواطنين الكويتيين بالتأسيس في معظم الحالات الواردة في البنود الثلاثة من المادة 14 من مرسوم قانون الجنسية الكويتية، وذلك من دون استناد إلى حكم قضائي، وكذلك بالطبع من دون إمكانية خضوع مرسوم إسقاط الجنسية عن المواطن الكويتي بالتأسيس للطعن به أمام القضاء الإداري!
باختصار، سحب الجنسية وإسقاطها إجراء بالغ الخطورة، من شأنه إعدام حقّ المواطنة، ولا يصح على أقل تقدير أن تبقى مثل هذه العقوبة الخطيرة أمراً مطلقا بيد الحكومة تقرره وحدها، بمعزل عن حكم القضاء وبعيدا عن رقابته!.
تعليقات