افتتاحية القبس تأسف لأن مواطنينا صموا آذانهم عن صوت العقل، ولم يسمعوا إلا شياطين الفتنة وممتهني الوسوسة في عقول المؤمنين من كل المذاهب
زاوية الكتابكتب سبتمبر 21, 2010, 12:09 ص 1533 مشاهدات 0
قضية القبس اليوم
لسنا أغبياء!
هل فقد مجتمعنا صوابه حتى يهز أركانَه شخصٌ غير مسؤول متطرف، تفوّه بكلام باطل يخالف إجماع الأمة ومعلوم الدين والمنطق السليم؟!
هل أضاع شعبنا توازنه لمجرد ان تبادلت القوى والأصوات المذهبية، المختلفة في الشكل والمتطابقة في المضمون، الردح بأشكاله المعروفة التي نسمعها منذ مئات السنين من دون أن تضجر منها، ويبدو أن لها مصلحة في عدم النسيان؟!
هل يتجاهل جمهورنا علماءه على اختلاف مذاهبهم، وما يدعون إليه من صحيح القول والفعل، وهل يصد أصحاب الرأي السديد فيه، ويستمع لكل من هو سفيه بين صفوفه؟!
هل يرفض مواطنونا الاستماع إلى قول الحق، ويصمّون آذانهم عن صوت العقل، ولا يسمعون إلا شياطين الفتنة وممتهني الوسوسة في عقول المؤمنين من كل المذاهب، مع ان لدينا مذهبين فقط يؤمنان بكتاب واحد وبعقيدة واحدة ويأخذان بكل الاصول وبمعظم الفروع تقريبا إلا ما قل عدده وتقلص مضمونه الى بعض الثانويات التي لا تقدم ولا تؤخر؟!
هل صحيح أننا لسنا ابناء اسلام واحد مهما توزَّعنا على مذاهب وطوائف وفرق ومجموعات؟!
ألم نتعظ من السوابق، بأن وراء كل فتنة وشحن طائفي مصلحة او مصالح ضيقة، لا علاقة لها بالدين وبالمذهب ولا بالطائفة، من قريب ولا من بعيد، حتى لو توسلت الفتنة المذهبية طريقا والطائفية منهجا؟!
***
لا، نحن الكويتيين لسنا كذلك، هذا ما يقوله ماضينا، ويؤكده حاضرنا، وسيبرزه مستقبلنا، ولكن ذلك لا يمنعنا من الاعتراف بهشاشة نسيجنا الاجتماعي، وضعف تماسكنا الوطني.
لا، لم نفقد عقلنا وصوابنا، وإن كان بعضنا مارس الجنون، عن سوء نية ومصلحة، أو عن غباء – لا فرق – لان النتيجة واحدة.
لا، لسنا من دون بصيرة لكي ندرك ان طبّاخي الفتنة يضحكون في سرهم من غباء بعضنا المنقطع النظير، وهم يمررون ما يريدون وهم ضامنون اننا في مكان آخر، خارج التاريخ والعقل والمنطق، نصفّ.ي حسابات لا علاقة لنا بها، وبعضها قد يكون لمصلحة دول خارجية ومصالح اقليمية، وهنا تكون الطامة كبيرة وكبيرة جدا.
لسنا ممن يشكك في النوايا، ونعتقد ان احترام معتقدات الآخرين ومشاعرهم جزء لا يتجزأ من الحرية، لكن أخشى ما نخشاه ان يكون وراء هذه «الهوشة» مآرب مضمرة يخفيها أصحابها، مع ان كل هؤلاء المتعصبين، في كل الجهات، مصلحتهم في النهاية واحدة يتوسلون تحقيقها بإثارة النعرات ويحاولون تغطيتها بدخان الفتنة!
لا، لسنا أغبياء وعلينا ان نستفيق على من يلعب بنا، وبالتالي لا نسمح باثارة «طفارتنا» كلما ارادوا تمرير مصلحة فئوية، وقد عرفوا نقاط ضعفنا من دون أن نتلمس نحن نقاط قوتنا.
لنستف.ق ولا نجعل من أنفسنا مضحكة للآخرين، ومن بلدنا ساحة للاضطرابات والفتن، يكفي أن يأتينا مجنون من هنا، وأرعن من هناك ومتعصب من هنالك لكي يسوقونا جميعاً حيث يريدون، ويظهرونا شعبا خفيف العقل، تافها، بواسطة اقاويل لا قيمة لها، وان تعمدوا التفوه بالفاجر من الكلام والسافل من العبارات.
لا، لسنا أغبياء، كي لا ندرك ان دخان الفتنة قد حجب قضايا البلد الأساسية من تمويل خطة التنمية إلى أزمة الرياضة، وغطى على الأوضاع الخطيرة في المنطقة حولنا، ابتداء من لبنان والعراق، مرورا بالبحرين ووصولاً إلى أزمة المفاعل النووي الإيراني!
***
نعرف أن الحكومة، لو كانت حازمة في موقفها وحاسمة في تحركها، وذهبت الى تطبيق القانون من دون تردد، لما وصلنا الى الحالة المزرية التي تجعلنا مدار سخرية بين شعوب الأرض.. فلو بادرت منذ رأت تباشير الفتنة، وحددت الخطوات التي ستتخذها، ونفذتها بالفعل، لما تجرأ البعض على المضي في غيهم والاستهتار بعقائد الآخرين. فالقانون هو الفيصل بين الجميع، لأن المختلفين لم يقنع بعضهم بعضا منذ 1400 سنة، ولن نتوقع ان يفعلوا ذلك في المستقبل المنظور، لانهم يتعيشون على هذا التعصب.
إن قوانا السياسية، خصوصا الدينية منها، مسؤولة عن محاصرة الفتنة ووأدها، لا نفخ النار فيها وجعلها مداراً للتنافس الانتخابي في ما بينها، فمصير البلاد لا يتحمل تنافسا انتخابيا على خلفية الخلاف المذهبي أو الفئوي.. وبربكم ألا ترون في بعض التجمعات التي حصلت خلال الأيام القليلة الماضية مهرجانات انتخابية؟!
ان وسائل الاعلام معنية ايضا - بعد الحكومة والقوى السياسية، بالطبع - بوقف هذه المهزلة والمساهمة في منع تعرض المتعصبين لعقائد الآخرين على صفحاتها وشاشاتها، وقد سبق للحكومة ان سكتت عن المشككين في الاصول والانساب والهويات والولاءات، فكان طبيعيا أن يصل التشكيك الى العقائد.. فهذه الأنواع من النقاشات تمس كل أنواع المحرمات.
***
يفترض أننا نعيش في بلد متمدن ودولة مدنية تحفظ حقوق الجميع لا في وطن يستبيحه المتعصبون من كل حدب وصوب.
تطبيق القانون والتشدد في التطبيق عندما يستدعي الأمر، وليس تجاهله أو خرقه، هو طريق العلاج، وغياب القانون عادة ما ينسف الاستقرار، ويخلق الاضطرابات ويضع الناس بعضهم في مواجهة بعض.
نعم، نحن بانتظار الحكومة لكي تقدم على ما هو مطلوب منها، وتعيد الأمور إلى نصابها، ونشدد على أن تكون اجراءاتها في إطار الدستور، ومن صلب القانون، كي تكون فعالة وتطفئ نار الفتنة، ولا تترك ناراً تحت الرماد.
تعليقات