خليل علي حيدر يطرح 4 نقاط مثيرة للاهتمام للنقاش على خلفية شتائم «ياسر الحبيب»

زاوية الكتاب

كتب 2507 مشاهدات 0





شتائم «ياسر الحبيب»

 
كتب خليل علي حيدر
 
2010/09/18    10:39 م

 
 
الكل يدرك أن لدى المجتمع الكويتي من القوة ما يستطيع بها أن يردع كل مثير للفتن
 
 
الكل يعرف أن الأزمة الطائفية الخطيرة التي احدثها الداعية الشيعي المشدد ياسر الحبيب لا تمثل حقا واقع العلاقات السنية – الشيعية في الكويت، والكل يدرك ان لدى المجتمع الكويتي من القوة الحكومية والشعبية والدستورية ما يستطيع ان يردع بها كل متلاعب بالمشاعر الطائفية وكل مثير للفتن على اي صعيد. والكل يعي، ثالثا، ان تميز الكويت واستقرارها قائمان على هذه التعددية السكانية والمذهبية والقبلية، وهذه القوانين الديموقراطية التي يضمنها الدستور.
ولكن النخبة السياسية والثقافية والاجتماعية في البلاد، بل نحن جميعا، بحاجة ماسة لان نتعمق في تفاصيل الواقعة بعض الشيء، وندرس بعض جوانبها كي نحمي مجتمعنا الصغير، المهدد ربما بما هو أسوأ من هذه الازمة وبخاصة ان تفجر الصراع السياسي و«النووي» في المنطقة!
ثمة أربع نقاط تثير اهتمامي اطرحها للنقاش ولا افرضها على احد. فلا شك ان الازمة لاتزال مستمرة، ولدى مختلف الاطرف تحليلاتها الخاصة لما جرى وسيجري:
-1 ان اول ما اظهرته الازمة وجود فكر فقهي وتاريخي فج، وسلوك سياسي مغامر، في بعض الاوساط الشيعية، عبر عنها بقوة مدمرة ياسر الحبيب. وقد القى بالفعل في البئر او البِركة حجرا ضخما يعجز خمسون او حتى خمسة آلاف شخص عاقل عن اخراجه او تهدئة امواجه. ومثل هذه الازمات معروفة في كل المجتمعات حيث يستطيع اي كاتب او شيخ دين او قس او حاخام ان يثير بمقال او بخطبة او تصريح مجتمعات كاملة لأيام وشهور! فالشيعة اذن وبالذات، بحاجة ماسة الى ان يلقوا نظرة فاحصة على تراثهم الفقهي والتاريخي، وان يأخذوا بالاعتبار هم والاخوة الكرام اهل السنة، الفاصل الزمني الطويل الذي يقدر بالقرون، بيننا وبين زمن تلك الانقسامات. وعلى شيعة الكويت وسنتها ان يدركوا جيدا ان ما كل ما يطرح ويعلن في بعض مناطق العالم الاسلامي، وبعض الجامعات الخليجية والحوزات الايرانية والعراقية واللبنانية صالح للتداول في الكويت. كلا الشيعة والسنة ضحايا لتراث لا حق لهم في مناقشته والتحاور العلمي الصريح فيه.
-2 من الواضح ان كل عقلاء الحضر والقبائل، والسنة والشيعة، دعاة تقارب وطني ومؤيدو تفاهم واستقرار. ولكنهم لا يستطيعون الوصول بسهولة الى القاعدة الشعبية او الى العناصر التي تقود الفكر المتشدد والخطابة التكفيرية او الشتامة. فمثل هذه الازمات تتحكم بها قوانين الصراع السياسي والاجتماعي والمزايدات والتدخلات التي يصعب التنبؤ بمسارها. ولعل الحاجة ماسة الى لجنة وطنية تتولى التنسيق في هذا المجال وتتصدى لأي ازمة قادمة. وقد رأينا الدور الايجابي الكبير الذي لعبه البيان الجماعي الذي اصدره مجموعة من الاكاديميين الشيعة في محاصرة اضرار ما صدر عن ياسر الحبيب، وحبذا لو تعددت مثل هذه المجاميع في كل مجال.
-3 ثمة قوة تلاحم وتفاهم عميق في المناطق الحضرية بين السنة والشيعة لأسباب معروفة، ولكن ثمة حاجة ماسة لتقارب وتفاهم بين الشيعة وابناء القبائل، فالكثير من الشيعة واقعون تحت نفوذ التشيع السياسي والتعصب المذهبي والتعبئة الفكرية المتشددة، والكثير من ابناء القبائل تتغلغل في اوساطهم الجماعات السلفية المتشددة وتيارات التعصب والتكفير. وقد تعمقت فجوة الخوف والنفور بين الطرفين ولم يعد ممكنا ان نعرف كيف نبدأ اعادة التفاهم بين الطرفين. واذا اخذنا بالاعتبار ان الكثير من المدرسين والموظفين وسائر العاملين الكويتيين والكويتيات من القبائل والشيعة، وانهما الشريحتان الاقل معرفة وعلاقة بالطرف الآخر، ادركنا الخطر الكبير الذي يهدد مجتمعنا بسبب هذا التوجس والانعزال.
-4 قادت «المناطق الخارجية» او القبلية عملية الاحتجاج، وكانت بصدد المزيد من التصعيد لولا التدخل الحكومي، وهذا بعض التأكيد لما اشرنا اليه منذ قليل. ولكن لا يعني هذا اطلاقا التهوين مما تفوه به «ياسر الحبيب» او الزعم بان بقية المناطق لم تتأثر بهذه الشتائم والاتهامات العدائية. ولكن ثمة تعبئة ضخمة ضد الشيعة منذ سنوات وبخاصة في اوساط الجماعات السلفية ولا اقول كلها. ولا احاول هنا تبرئة الجانب الشيعي كذلك مما يستحق من اللوم. وقد تضاعفت هذه التعبئة الطائفية المعادية للشيعة مع ازمة التأبين والصراع العربي الخليجي – الايراني، ومشاكل واوضاع العراق ولبنان والبحرين. وهي كذلك حملة لا نعرف كيف نضع حدا لها. فهناك سياسات دولية تتصارع، وهناك سياسة ايرانية مصرة على التسلح النووي ودول عربية تشعر بقلق مشروع بسبب الخلل القادم في الجوانب الامنية ومصير دول مجلس التعاون والتلوث الذري والكثير من المشاكل الحقيقية الاخرى. وهناك قنوات تلفزيونية ومحطات ومواقع انترنت وكتب ومنشورات وخطب واشرطة.. وكارثة اعلامية في كل زاوية!
ما الذي يتوجب علينا ان نفعله شيعة وسنة، بدوا وحاضراً، لقطع دابر هذه الازمة واي ازمة مماثلة؟
لنسأل انفسنا جميعا هذا السؤال!

خليل علي حيدر 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك