كوميديا 'جبور' أم كوميديا الطراثيث !!
زاوية الكتابكتب أغسطس 29, 2010, 9:39 م 3098 مشاهدات 0
عندما كنا ندرس في المرحلة الثانوية كان معنا زميل يدعو نفسه بـ'جبور' فهذا الـ'جبور' كان إختصاصي في السخرية والتعليق على الأخرين لدرجة أنه عندما يرجع البيت لا يراجع دروسه بل يراجع نفسه كيف سيسخر من زملائه في الغد ويعد العدة والحيل لكي يضحك ويسخر منهم وفي الأغلب كانت سخريته لاذعة، على الرغم أنني أحيانا كنت لا أسيطر على نفسي من شدة الضحك على سخريته لكنها في واقعها سخرية سلبية تنتقص من الآخرين وتمس كرامتهم، انهيت الدراسة الثانوية وأكملت حياتي ولم تعد لذكرى 'جبور' ولا لسخريته مكان في بالي إلا أنني في هذا الشهر الفضيل وللآسف عادت بي الذاكرة وبسرعة لشخصيته التي أرى أنها تسربت بشكل أشد إلى أحد القنوات الإعلامية الكويتية التي تسابقت على مبدأ الهمز واللمز لطرح قضايا بلدنا الحبيب بدلا من استخدام الكوميديا الهادفة التي تشرح الهدف والقضية بصورة تتقبلها كل القلوب.
أعلم جيداً أننا الكثير من شعبنا يحب ' الطنازة ' وهي السخرية في اللهجة الكويتية لغير العارفين بها ولكن على مستوى إعلامي تراقبه وتشاهده عيون من شتى الوطن العربي وخارجه لابد من الرقي في طرح القضايا والانتقادات حتى لا نسيئ لوطننا ويفهم الآخرون مفهومات خاطئة لا تمثل بلادنا بل تمثل فئة شقية لم تراعي أسس الإعلام الراقي ولم تكترث لمساسها بكرامة الآخرين فليس كل شعب او طائفة أو شخص يقبل النقد اللاذع فلابد من حدود ترسم الشكل الأساسي لمثل هذه الكوميديا.
قبل فترة قصيرة شاهدت أحد المسلسلات الذي يتصف بطابع كرتوني بعد الفطور وكان اول بداية هذه الكوميديا تصوير لنساء من بلد المغرب العربي وهم يغوون رجال من الكويت بالسحر للزواج منهن كأنه ' مافي بهالبلد إلا هالولد' حقيقة شعرت بإشمئزاز فهل نقبل نحن بأن يصور أحد ما صورة لنساء الكويت يفعلن أمرا مشابه لهذا لا ورب الكعبة لأقمت الدنيا وأقعدتها إذا كيف نقبل على غيرنا ولا نقبلها على أنفسنا؟، وبعد ردود أفعال مستحقة من الغضب العارم الذي هيج شعب نعتز بأخوته ومحبته مع استنكارنا لخروج بعض منها عن الحد ولكن المبدأ يقول ' البادئ أظلم' قامت القناة بتقديم إعتذار فنقول ' عفى الله عما سلف ' لكن المسلسل لم يتوقف عند هذا الحد بل أتى بالفاجعة الأكبر والتي اسميتها 'كوميديا الطراثيث' عندما خصوا حلقة باسم ' بدون الشقيقة' يقصدون فئة البدون ونتفاجئ بداية في تمهيد الحلقة مقولة ' جار لولا أبناؤه لضاعت الكويت ولما تمكنت صحافتها من الصدور ولا مجلسها من إطلاق التصريحات' ولو أن أحد أبناء الشهداء البدون قرأ هذه الجملة لبكى العمر كله على والده الذي قدم روحه فداء لوطنه ويأتي هؤلاء مستنكرين أي جهود لهذه الفئة ويستمر المسلسل الهزلي وخلال عرضه ابتدت مادة المسلسل بالسخرية من هذه الفئة بمقولة ' لا طالت وتشمخت تبي هالطراثيث اللي مادري من وين طلعلونا يتجنسون ويصير حالهم من حالنا' ربما يقصدون الرأي الأخر المضاد للتجنيس ولكن لماذا الجرأة على نعت 120 ألف شخص يعيشون على أرض الكويت بـ ' الطراثيث' وهذا مس لكرامة هؤلاء الأشخاص حتى لو كان الإعتقاد بعدم أحقيتهم !! هل انتهى المسلسل على هذه الإساءات لا بل استمر بمسميات لا أعرف كيف استنبطوها ' عاصمة : ماكو ، عملة: ماكو ، حاكم: الشيخ ماأحد بن غايب ' وهذه إساءة أكثر شدة فكل بشر موجود على هذه الأرض الطيبة لا يقر بسيادة سوى حكم آل الصباح حفظهم الله ولا كيان إلا كيان دولة الكويت وانما هذه مسميات باطلة ولو انها على سبيل السخرية وهو مرفوض قطعا وتستمر كوميديا الطراثيث لتمس بلدين حبيبين نحبهم ويحبوننا قطر والبحرين مع وضع خارطة تحمل بيان ' الخليج الفارسي' بدلا من 'الخليج العربي' حتى انتهى وقت الحلقة الذي ياليته لم يبدأ وألهب معاه آلاف النفوس التي لسان حالها ' حسبي الله ونعم الوكيل هذا ونحن في الشهر الفضيل '.
لذا أتسائل بماذا أفادتنا 'كوميديا الطراثيث' ؟ سوى زيادة الأحقاد والكراهية وإلهاب النفوس ناهيك أن مثل هذا المسلسل يشاهده صغار السن والذين أصبحوا عرضة لغزو ثقافي من 'كوميديا الطراثيث' ولتبدل مفاهيم احترام الاخرين وكرامتهم إلى التعامل مع الأخرين بـ'كوميديا الطراثيث'، لذا ختاما أسأل أبناء وطني الحبيب هل أنتم راضون عن ' كوميديا الطراثيث' التي فاقت 'كوميديا جبور'؟ والسلام مسك الختام.
تعليقات