الخلايا النائمة و سياسة 'نحن على بَيِّنَةٍ' الخليجية
عربي و دوليأغسطس 25, 2010, 11:35 م 2333 مشاهدات 0
نكرر على امتداد السطر حتى ميلاد النقطة الأخيرة، بأن عملية بناء جسور الثقة مع دول الخليج العربي ليست من أولويات جمهورية ايران الإسلامية، بل إن هناك مراكز قوى ايرانية عابرة للسلطات في طهران تسعى لإحراق الجسور القائمة، وفي المشهد الخلفي للصراع الايراني الغربي حول طموح طهران النووي، تخرج الحكومات الخليجية من أزمة مع ايران لتوقع نفسها في أزمة أخرى، ولعل آخرها قضية الخلايا الايرانية النائمة، فقد هزتنا وسائل الاعلام الخليجية بقضية الشبكة التجسسية في الكويت، ثم الخلايا النائمة في البحرين، والتي كانت من خلالها تشير بأصابع الإتهام الى كوادر حرس الثورة الإيراني وفيلق القدس وغيرها من أعشاش تفريخ مفجرات أمن الخليج الإيرانية، فحين أذاعت وسائل الاعلام خبر القاء القبض على افراد الشبكة الكويتية ثم الخلايا البحرينية تسابقت القنوات الفضائية لاستضافة خبراء أهدروا الكثير من وقتنا، كما أهدروا الكثير من الزيت المسكوب لزيادة اشتعال القضية، حينها فقط صدرت تعليمات حكومية كويتية بحظر النشر في هذا الموضوع، وبالمثل نفت الحكومة البحرينية صلة طهران بالخلايا النائمة التي نجحت في القاء القبض عليها .
قد لايكون المدخل الوارد في الفقرة السابقة دقيقا بما يكفي للقول بأن غياب معطيات واضحة لايرقى اليها الشك حيال مثل هذه القضايا تساعد في جعل الأمور عصية على المراقب المختص فما بالكم بالمواطن العادي، وإذا كان من واجبات أجهزة الأمن تنفيذ اجراءات الأمن الوقائي قبل وقوع الجريمة فإن من واجبهم أيضا بث ما يبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين قبل وصول الأخبار غير المؤكدة لوسائل الاعلام، فلقد أدت الإجراءات المتواضعة لأجهزة الأمن الخليجية في باب العلاقات العامة خاصة حيال هذه القضايا الى ظهور عواصمنا وكأنها تعج بالخلايا الارهابية النائمة، حتى جعلت المواطن الخليجي ينظر الى صاحب البقالة على أنه رئيس فرع الاستخبارات الخارجية، والى عامل البناء على أنه قائد مجموعة القوات الخاصة التي ستقود الغزاة الى قلب العاصمة، فهل يمت هذا الى الحقيقة بصلة؟ بالطبع لا ، لكن التعامل الخليجي بحياء وبغير واقعية تحول الى مكسب ايراني مجاني حيث أن غياب التوضيح الحكومي المبكر قد وطن (فوبيا الخلايا الإيرانية النائمة ) فأثارت الرعب فينا.
ولا شك أن السياسة الإيرانية تغلب عليها نزعة لا يمكن التنبؤ بها، والحديث حول خلايا إيرانية تستعد لضرب مصالح الولايات المتحدة في دول الخليج في حال تعرض إيران لعدوان أمريكي أو إسرائيلي أمر ليس خارج تفكير صانع القرار الإيراني، ونستند في ذلك الى اعترافات الدبلوماسي والقنصل الإيراني المنشق في دبي عادل الأسدي، الذي ارعبنا بعدد وعدة تلك الخلايا، مما يجعلنا أمام حاجة الى تجاوز حملات العلاقات العامة وتطوير طرق ومناهج المتابعة لهذه الخلايا وتنفيذ تحركات جادة لمحاصرتها، حيث أن ما تم حتى الآن لا يتعدى رسالة خليجية لطهران مفادها 'نحن على بيّنة بما تضمرون لنا' وذلك أضعف الإيمان .
تعليقات