'الذاكرة الإلكترونية' وضعت الذاكرة البشرية على الرف حتى إشعار آخر!!

محليات وبرلمان

1372 مشاهدات 0


ننساق أحيانا  وراء كل جهاز أو وسيلة حديثة نجدها أمامنا في هذه الدنيا، وتتعدد وتتنوع استخداماتنا لها حسب مانرغب به من جراء استخدامها، ولعل أكثرها قربا لنا هو الهاتف الجوال، فأصبح الناس لاينظرون اليه كوسيلة للاتصال فقط بل تجد من يضع فيه برامج معينة له و هي كثيرة جدا تمتلئ بها محلات برمجة الهواتف وآخرين يستغلونه بالتصوير في كل وقت، وكذلك لتدوين المواعيد والملاحظات وتصفح الانترنت، وهذا كله بفضل الذاكرة الكبيرة التي يحتويها، كما أن الهواتف الجوالة  تتطور بين فترة وأخرى وتتميز بمواصفات جديدة تختلف عن الإصدار الذي يسبقه، وتنخفض أسعار الهواتف القديم أمام اكتساح الموديلات الحديثة حتى لو لم يمض عليها بضعة شهور ،  فالتطور بدأ يتقدم بخطوات سريعة في كل شيء واختصر أيضا الزمن معه، ومن الأشياء الناتجة عن كثرة استخدامنا للأجهزة المختلفة بحياتنا كالهاتف الجوال هو الاعتماد كليا على ذاكرة هذه الأجهزة، فأصبحت حياتنا مقيدة بها، لا يستطيع المرء أن يفعل شيئا إلا بالرجوع لها وبالاستعانة بها، مما تسبب برمي الذاكرة الحقيقية والإنسانية التي نملكها في طي النسيان، لا نتذكرها إلا نادرا جدا و بصعوبة عندما نحاول تنشيطها وكأنها خملت عن العمل وتكاد تتوقف.

فالهاتف الجوال جعلنا ننسى فعلا ما كنا نقوم به من تنشيط للذاكرة وعمليات الحفظ المتنوعة التي كنا نحاول ملئ المساحات التي بها،  فالبعض لو سأل أحدهم هل يحفظ رقم أقرب شخصا له سواء كان الأب أو الأم أو الزوجة أو الأخوة والأخوات وغيرها من الأرقام التي تستوجب عليه حفظها عن ظهر قلب، لأجاب بالنفي لأنها محفوظة بذاكرة الهاتف وليست ذاكرته، فهل فعلا أخمدنا ذاكرتنا حتى إشعار آخر؟! ولنتخيل أننا سنحتاج يوما لرقم شخص معين وقد فقد أو تلف الهاتف في ظرف ما، فهل سننتظر أن تكون هناك ذاكرة بديلة منسوخة، وهل الجميع يقوم بحفظ نسخ احتياطية لما يقوم بحفظه بجهازه النقال تجنبا لسرقة الهاتف مثلا أو تعرضه للتلف أو لأي ظرف كان، و من ثم لماذا لا نعتمد على ذاكرتنا بحفظ الأرقام المهمة لنا وللأشخاص القريبين منا على الأقل، فهل سيشكل هذا الأمر عبئا علينا، كما يرى البعض أنهم ليسوا ملزمين بتنفيذه ولا تشكل أهمية لهم، ونحمد الله أن أرقام الطوارئ الضرورية نحفظها بسبب قلة عدد الأرقام وكثرة ظهورها بالوسائل الإعلامية المختلفة التي جعلتها تثبت إجباريا بعقولنا، كما نجد أن الكثير يحفظ أرقام بعض المطاعم المشهورة بسبب كثرة إعلاناتها والتي سهلت عليهم حفظها، وقد ارتبطت بها جانب معين في تلك الإعلانات استطاعت أن تشد انتباهه وتسهل عليه حفظها، وآخرين نجد أنها ارتبطت بذاكرتهم لأنها تتعلق بجانب الطعام وبملئ معدته قبل عقله وقلبه ، لذلك نجد إن الإنسان يمتلك القدرة عل الحفظ إن رغب بذلك، ولكنه يفضل أن يستغل أقل قدر من سعة الذاكرة لديه لأنه ببساطة يمتلك من يقوم بهذا الدور ويقوم بعملية التخزين والحفظ  في أي ذاكرة يمتلكها كالهاتف، و هذا الأمر لا ينطبق فقط على الهاتف فهناك الكثير من الأجهزة الالكترونية التي يستخدمها البشر تغنيه عن التفكير أو حل بعض المعادلات والمسائل العلمية ومنها مثلا الآلة الحاسبة والكمبيوتر و هناك 'الفلاش ميموري' الذي بات من الضروريات، ومنهم من يجعلها لصيقة معه أينما ذهب وتوضع أحيانا بميدالية السيارة أو تعلق كالقلادة و غيرها من الوسائل التي ترتبط أكثر بصاحبها لاستخدامها وقت ما يشاء، وغيرها من الأجهزة التي بتنا لا نستغني عن وجودها، لأنه يجد بهذه التكنولوجيا اختصارا للوقت وأفضل بكثير من الانتظار لاستحضار المعلومات من العقل، و كذلك لسهولة استخدامها التي لا تعتبر أمر معقدا، مما حدا بالناس للانجذاب للذاكرة الالكترونية ووضع الذاكرة البشرية على الرف حتى إشعار آخر.

الآن - تقرير: فوز الظاهر

تعليقات

اكتب تعليقك