مشكلة تشكيل الحكومة العراقية كما يرى بن طفلة

زاوية الكتاب

كتب 1499 مشاهدات 0


مشكلة تشكيل الحكومة العراقية
تاريخ النشر: السبت 21 أغسطس 2010

حول الشأن العراقي، ظلت عبارة 'تشكيل الحكومة العراقية' هي أكثر العبارات تردداً في وسائل الإعلام طيلة الأشهر الستة الماضية وتحديداً منذ انتخابات السابع من مارس الماضي. ولعله لا ينافس هذه العبارة في ترددها في وسائل الإعلام سوى عبارة 'قتل كذا عراقي وجرح مئات بتفجير انتحاري... إلخ'.

تشكيل الحكومة العراقية: عبارة ملّها العراقيون وكل حريص على سلامة واستقرار العراق. التشكيل كلمة من 'شكل'، ومعانيها كثيرة، بعضها قديم لم يعد يستعمل، وبعضها حديث تطور بفعل تطور اللغة، ووردت مشتقة لها بالقرآن الكريم: 'قل كل يعمل على شاكلته'، أي على طبيعته وشكله.

منذ شهور وأخبار تشكيل الحكومة تُشكل على المتابع، أي أنها تلتبس على من يتابع أخبار تنظيمها. والإشكال هو الغموض والالتباس، ولا يبدو في الأفق ما يمكن أن يزيل الإشكال ويشكّل الموقف -أي يزيل التباسه، فتشكيل النص، هو وضع الحركات التي تجعله مقروءاً، لكن التشكيل والحركات لا تكفي لإزالة اللبس حول أخبار التشكيلة، وشكلها أكثر إشكالا -أي التباساً وغموضاً- مما تبدو للمراقب. فلم تَشْكل -تنضج- 'طبخة' التشكيل بعد، ومعروف أن الطبخة التي تتأخر كثيراً على النار تحترق، ويبدو أنها احترقت فعلا، لكن الطباخين لا يريدون الاعتراف بذلك، وهم كما المضيف الذي يعد ضيوفه بالانتظار لتقديم الطعام وقد طال انتظارهم، وقد لا يأتي الطعام لأن الطبخة احترقت.

شهور طالت، والانفجارات تهز العراق، كانت مركزة بمناطق بغداد والغرب وديالى، ولكنها بدأت في التوسع في طول البلاد وعرضها. الخدمات منعدمة والناس تموت، والفرقاء لا زالوا 'يجرون مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية'!

الشكل في اللغة هو الصورة أو الهيئة، فأي هيئة يمكن أن تخرج عليها الحكومة العراقية -إن تشكلت- بعد كل هذه المشاكل والاستشكالات والمخاض العسير الذي استمر شهوراً قد تطول؟ ويقال إن اللوحة 'شكلها جميل'، لكن المراقبين يشككون في جمالية التشكيلة القادمة لأن الأخبار تتحدث عن تحالفات تلاشت، وأخرى جديدة تتشكل. ائتلاف 'دولة القانون' بزعامة نوري المالكي -رئيس الوزراء 'الضرورة'، شكل تحالفاً مع الائتلاف الوطني بزعامة عمار الحكيم، وكان التحالف يهدف إلى قطع الطريق على القائمة العراقية بزعامة أياد علاوي -رئيس الوزراء السابق. التحالف بين القائمتين هوجم على أنه تحالف طائفي، لكنه لم يستمر على أية حال لأن رئيس الوزراء الضرورة يريد أن يكون رئيساً للوزراء للأبد! فما كان من الائتلاف الوطني إلا التخلي عن تحالفه مع المالكي واتجه صوب 'القائمة العراقية'! التحالف الجديد دخل على خطه تلميذ الحوزات الدينية بقُم الزعيم مقتدى الصدر، الذي يبدو أنه أوقف دراسته مؤقتاً للمشاركة في 'تشكيل الحكومة العراقية'.

ومن معاني 'شكل' الحديثة الهيئة الخارجية، فيقال: 'لا تهتم بالشكل، بل بالمضمون والجوهر'، وقد يقال هنا اهتم المالكي بشكل 'القائمة العراقية' عندما وصفها بالقائمة السُّنية ولم ينتبه لمضمونها وفلسفة 'تشكيلها'.

بعض الأطراف العراقية ترى أن تشكيل الحكومة العراقية مربوط 'بشكال' -أي رباط كرباط الدابة- القوى الإقليمية والخارجية. وهذا كلام يجافي الحقيقة: أوباما تخلى عن التزام أميركا الأخلاقي والسياسي والقانوني وتنكر لتضحيات جيشه وشعبه، وبدأ بالهرب من مواجهة مشاكل الواقع العراقي، وباقي القوى الإقليمية لا تستطيع أن تشكل الحكومة العراقية، صحيح أن بعضها يستطيع أن يعرقل تشكيلها -مثل إيران- لكن لا أحد يستطيع أن يشكلها على مزاجه كيفما أراد.

من معاني التشكيل الحديثة التنوع والتلوين، ولا مناص من 'تشكيل' الحكومة العراقية. فهناك شاكلة -أي حاجة- ماسة في تشكيل الحكومة العراقية وبأسرع وقت قبل فوات الأوان. أم أنه قد فات فعلا؟

الشرق الأوسط-الاتحاد-ايلاف

تعليقات

اكتب تعليقك