د.حسن عباس يتهم من وصفهم بأصحاب الفكر التكفيري بالهجوم على مسجد القيروان

زاوية الكتاب

كتب 2345 مشاهدات 0


 



د. حسن عبدالله عباس / مسجد القيروان
 
 
ثقافة الاعتداء على المساجد لكثرتها أصبحت من الأمور الاعتيادية وللأسف. فما أفهمه من هذا التصرف العنيف للتعامل مع المساجد هو أنها في نظر البعض «حرب مقدسة ضد الكفر المحض»، وضد أصحاب «العقائد الفاسدة»! فمن يقوم بعمل تخريبي كهذا بالتأكيد متدين ويهمه أمر الدين، وإلا فأرباب الجرائم والسوابق ليسوا معنيين بأمر المساجد، فمن يتعرض للمساجد والمقابر والحسينيات هم بالتأكيد من أصحاب الفكر التكفيري (على افتراض أننا نستبعد من يريد إيقاع الفتنة بين المذاهب)، فأولئك سواء بعملهم في القيروان أو في غيره يظلون يحملون هذا الفكر المتشدد ضد أبناء المذاهب الأخرى بموجب ما يعتبرون أنه «أفكارهم العقائدية الضالة». فالمحصلة أن النظرة للمذاهب الأخرى بعيون المتشددين إن لم تكن أقل وأسوأ لأتباع الديانات الأخرى والملاحدة والمشركين، فلا أقل بأنها بالمستوى نفسه وهو ما يبرر للعنف عندهم كاسلوب مفضل للتعامل مع كل رمز ديني!
أما الشيء الثاني الذي نفهمه من العنف في التعامل مع تشييد المساجد الجديدة هو معنى لغة الحوار لدى القوم، فلغة الحوار عند المتشددين هي لغة واحدة وهي اليد، أما القانون والقنوات الدستورية فلا تعني شيئاً! ومع أن الكويت تختلف عن غيرها لاعتبارات كثيرة كحرية العقيدة، ووجود برلمان يطالب بحقوق المواطنين، وصحافة حرة، لكن ومع ذلك يظل العنف سيد الأساليب عندهم. وقد يكون هذا مرده ليس فقط إلى التشدد العقائدي، بل قد يكون مرجعه يعود إلى الجانب التراثي الذي حمله بعضهم بحيث يتعامل مع كل مخالف بالعنف وبطول اليد!
كذلك نفهم من الاعتداء على المساجد ضعف السلطة في بسط الأمن خصوصاً بالنسبة لقضايا حساسة كالتعدي على المذاهب. الدولة عليها مسؤولية التصدي لهذه الأعمال وبصورة أكثر ندية. التعرض لمسجد ليس كالتعرض لأي شيء آخر، فالمسجد ودور العبادة والرموز الدينية لها اعتبارات خاصة وعلى الدولة أن تعتني بهذا الجانب بصورة تنم عن احساسها بالمسؤولية، ومشكلة بحجم التناحر الطائفي.
أخيراً موضوع القيروان له دلالة واضحة على عدم قدرة جهود وزارة الأوقاف والتربية زحزحة الفكر المتطرف والمنغلق وإبداله بفكر منفتح وطني قادر لاحتواء وتحمل الرأي الآخر. بل العتب كذلك موصول للجهات الرسمية الأخرى وعلى رأسها المجلس الوطني للثقافة والفنون وأمينها العام الذي لا يعرف من الثقافة سوى «الدق والرقص» بدلاً من نشر ثقافة التسامح، وحُسن المطالعة، والتنوع الفكري!


د. حسن عبدالله عباس

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك