الخوف على العراق من العراق نفسه

عربي و دولي

ستة أشهر من جمود تشكيل الحكومة والامور تسير نحو العسكرة

2995 مشاهدات 0


 في 11أغسطس 2010 م رفض نائب رئيس الجمهورية العراقي طارق الهاشمي فكرة تمديد بقاء الجيش الأمريكي، مشيرا الى ان الحل لمعضلة الامن هو في قيام جيش عراقي قوي ، موضحا وجود فيتو يعرقل تسليح الجيش العراقي.

الفيتو الخجول الذي تحدث عنه الهاشمي تلميحا وتتحدث عنه منتديات العراق تصريحا مصدرة الكويت جنوبا  والاكراد شمالا، فماذا يجري في العراق وهل خوفنا من العراق  امر مبرر؟

 تظهر مؤشرات عدة على اتجاه  العراق نحو العسكرة.فقد كشفت لجنة الأمن والدفاع بمجلس النواب العراقي عن خطة طويلة الأمد للتسليح  تمتد لغاية 2020م و تصل مخصصاتها الى 10 مليارات دولار.و تتضمن  الخطة استراتيجيتين،إحداهما لغاية عام 2015م والأخرى الى 2020م  لتأهيل الجيش  . ففي10 فبراير، 2010م أعلنت شركه هوكر بيتش كرافت انها سلمت أربع طائرات تدريب عسكريه لسلاح الجو العراقي من نوع T-6A. من اصل ثماني  طائرات إضافة الى عقد لاحق اشتمل على اضافه سبعة طائرات تدريب، ليصل مجموع العقد إلى 15 طائرة.  وفي18 يوليو، 2010م تمت الموافقة على بيع  العراق طائرة أف-16 حيث ان هذه الصفقة سوف تعزز بشكل كبير قدرة العراق على السيادة الجوية . وفي 12 اغسطس 2010م  تسلم العراق 11 دبابة أميركية الصنع من طراز أبرامز' Abrams 'تمثل الدفعة الأولى من صفقة مع واشنطن لتزويد العراق بـ140 دبابة من هذا الطراز الذي يتمتع بشهرة واسعة كونها من أفضل الدبابات من ناحية الحماية التدريعية المجربة قتالياً والقوة النارية . وفي التاريخ  نفسه أبلغت وكالة التعاون الدفاعي الأمني الكونغرس عن  النية لبيع العراق خدمات دعم لوجستية لطرازات عدة من هليوكبترات روسية وامريكية  بقيمة تقدر بـ 152 مليون دولار أميركي.  وفي إطار إعادة بناء قدرات القوات البحرية،أعلنت البحرية الأميركية في 5  فبراير 2010م عن قيامها بمنح شركة ريفرهوك للسفن السريعة' RiverHawk Fast Sea Frames ' عقداً للتصميم التفصيلي وبناء سفينتي دعم في أعالي البحار OSV لصالح سلاح  البحرية العراقي. وفي 12 أغسطس، 2010م جاء في الاخبار ان البحرية العراقية بدأت في  بناء منشأة لإصلاح السفن في قاعدتها البحرية في ميناء أم قصر ، لتعزيز دعم أسطولها البحري ، ومنحت البحرية لهذا الغرض شركة' Corporation’s Global DivisionVSE 'عقدا لتزويد المنشأة بالمعدات والدعم الفني. وكانت البحرية العراقية طلبت 26 قارب دورية من طراز' Defender-class '  ، و4 قوارب من فئة الفاتح للدوريات من شركة' Fincantieri '.وستكون المرحلة الأخيرة تسلم سفينتي دعم سريعة من شركة' RiverHawk 'في نهاية عام 2011.كل ذلك في خاصرة االكويت في ميناء أم قصر؟

 يخشى العراق نفسه من العراق، ومن يشكك في صحة هذه الكلمات فليشاهد نشرة الاخبار ليرى القتل والدمار.وكيف لانخشى العراق! والتصريحات و المواقف التي تصدر عن المسؤولين العراقيين تجاه الكويت لا تنم  الا عن طمع متأصل في كل ذرة من تراب الكويت . نخشى العراق لانه منذ ستة اشهر وهو يسير نحو حكم الفرد والاستئثار بالسلطة بعد ان مزق الفرقاء هناك صحيفة نتائج الانتخابات الديمقراطية وقرروا حسمها بالسيارت المفخخة والاحزمة الناسفة . كما نخشي الحكومة القادمة لانها ستكون حكومة التدخلات الإقليمية. ونخشى العراق لأن حسم قضية الحدود الذي تم بيننا منذ 20 عاما عاد في بغداد ليكون موضوعا مبهما و لتدور المتاولية التبريرية  لرفضهم لقرارات الشرعية الدولية

 .و نخشى العراق لان لدينا شهود  عراقيون يؤكدون حقنا في الخوف، فقد طالبت حكومة اقليم كردستان بشكل متكرر ان تكون لها  رقابة على مشتريات الاسلحة للجيش العراقي  بسبب  فداحة ما عانى منه الشعب العراقي كافة على يد الجيش في الماضي .  ونخشى العراق لغياب المهنية والانضباط بين افراد الامن فيه، حتى اصبح تسليح الجيش العراقي أشبه بتسليح الميليشيات،فالجيش هناك هو جيش المحاصصة الطائفية،جيش المليشيات المتمردة وجيش منح  المناصب و الرتب الوهمية .

الفيتو الكويتي المزعوم  لم يتعدي  حديث  لوزير الدفاع الشيخ جابر المبارك في اواخر سبتمبر 2008م  من أن الكويت قد  أبلغت الولايات المتحدة بمخاوفها حول إبرام واشنطن صفقات أسلحة مع بغداد، مما ينتج عنه  اختلال في موازين القوى في المنطقة . وخوف الكويت كما نرى  مبرر وفي في محله  طالما  بقيت بغداد تنظر الى القوة العسكرية كأقوى اذرع السياسة الخارجية فاعلية  حيث ستذهب بها دون شك الى هذيان العظمة ، وطالما لازالت بغداد تريد ان تكون البوابة الشرقية وصاحبة الاطلالة البحرية الكبيرة و الامتداد الجغرافي من النويصيب الى دهوك كما كان في فكر  الطاغية صدام.  ان على بغداد تغيير استراتيجيتها  ووضع اهداف امنية واضحة ومنشورة كما في الديمقراطيات المتحضرة  وتعديل عقيدتها القتالية لتضم انساق واسلحة دفاعية لحفظ امن العراق بدل المغامرات الخارجية . كما ان  اعتماد الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية، بدل العسكرية  كما فعلت  اليابان والمانيا بعد الحرب العالمية الثانية هو التحول الجذري المطلوب ليس لجيران العراق فحسب بل للعراق نفسه لتلاشى خوفه من العراق .

د.ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك