.. وذعار الرشيدي ينعيه كاتبا ومفكرا، ويصف منتقديه بأنهم تلاشوا فعلا

زاوية الكتاب

كتب 937 مشاهدات 0




تلاشوا وبقي البغدادي حيا
 
الثلاثاء 10 أغسطس 2010 - الأنباء
 

الموت ينهش قلوبنا برحيل الرجال، أما برحيل ما عداهم فيكتفي بانتزاع دموعنا حزنا.
الموت حالة غياب دائم لمن لم يفعلوا في دنياهم سوى السير «تحت الساس»، أما أولئك الذين شغلوا الدنيا بحياتهم فالموت بالنسبة لهم مجرد حالة توقف مؤقت لذكرهم بعد أن زرعوا كتاباتهم في سماوات ذكريات الكثيرين منا.

الموت ليس بالشيء المخيف ولكنه ليس بالهين، يتساقط أحبتنا تحت وقع زياراته المتوقعة أحيانا والمفاجئة أحيانا كثيرة، وليس لنا إلا أن نقبل حكم الله وقضاءه.

بالأمس رحل المفكر د.أحمد البغدادي، رجل نهش الموت قلوبنا برحيله، رحيل بطعم الغياب المؤقت لهذا الرجل الذي ترك إرثا كبيرا اتفقنا معه أم اختلفنا سيبقى إرثه ليترك اسمه معلقا في جدران الذاكرة.

قال لي عندما حكم عليه بالسجن رغم نقلي لعتبي الشديد على ما كتب يومها: «هم فهموا ما أرادوا أن يحاكموني بموجبه وأنا كتبت دون أن أحاول أن أجبر أحدا على الفهم، وتجاوزوا في حكمهم علي إلى ما يدور في خلجات نفسي».

ابو أنور كان كاتبا حقيقيا وأفضل من عشرات الكتاب إذ أنه كان من القلة الذين يكتبون ما يفعلون ويفعلون ما يكتبون، لا ازدواجية لديه بين حرفه الذي يطلع الناس عليه في مقالاته وما يفعل، فما يكتبه يفعله، وسواء اختلفت معه أم اتفقت ليس لك إلا أن تحترم توحده إلى درجة التطابق مع ما يكتب.

حتى ولو بعد 20 أو 30 أو حتى 40 عاما ستبقى ذكرى البغدادي حية ولو بين دفتي كتاب صغير على رف مكتبة جامعية تنتظر من يعيد قراءتها ويعيد معها اكتشاف قراءة سيرته كمفكر ليولد من جديد مع كل قارئ جديد، أما أولئك الذين ادعوا عليه واتهموه بما فهموا هم لا بما قال أو كتب، لن يتذكرهم أحد، سيظل البغدادي ويتلاشون بل إنهم تلاشوا فعلا ولم نعد نذكر إلا ما فعلوه، كان البغدادي وسيظل اسم الحدث أما من ادعوا عليه فمجرد جملة اسمية ناقصة في سياق خبر صحافي انتهى منذ أكثر من 10 سنوات وابتلعته دائرة النسيان، ذات الدائرة التي سيصعب عليها ابتلاع رجل بحجم البغدادي أحمد.

أسأل الله العلي القدير أن يلهم أهله الصبر والسلوان، وأن يتجاوز عنه وأن يشمله برحمته.
 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك