'هاي هيه المرجلة؟!'، حبل المشنقة يزين عنقه، وحس الهزل لم يتعطل لديه، فهد البسام يروي لنا الكوميديا بشخصية صدام حسين؟!
زاوية الكتابكتب أغسطس 6, 2010, 1:21 ص 1802 مشاهدات 0
فهد البسام / نقطة / هاي هيه المرجلة؟!
بعد مرور السنوات العشرين على الغزو وسقوط نظام البعث وإعدام رئيسه قد يكون بالامكان الآن التخفف والكتابة عن جانب آخر من الموضوع يتعلق بشخصية صدام حسين، سبب كل الكوارث وتداعياتها حتى زواله، عوضا عن الكلام الانشائي المكرر سنويا من نمط «القزو القاشم» وصمود شعبنا العظيم والعدو الذي لم يفرق بين الكويتيين، فإن لم يكن ذلك من باب الفائدة والاضافة فعلى الاقل من باب التغيير والتجديد.
جاء في الاثر ان من كثر ماله طال حسابه، فما بالكم بحساب شخص مثل صدام حسين حكم واستولى على اغنى بلاد الارض وتمكن من رقاب بشرها وحجرها وهي التي خشي من قبله الخلفاء تعثر نعجة واحدة فيها خشية من الاثم والعقاب، بينما اشتغل السيد صدام بأهها حروبا وتعذيبا وافقارا واسيدا وجدعا وكل ما لم ولن تراه عين او تسمعه اذن من اشكال التعذيب والحط من الكرامة والانسانية.
ولكن ورغم كل ذلك يجب الا نغفل جانب الظرف والكوميديا المتنكرة التي كان يتمتع بها سيادته، قولا او فعلا قد لا يقصدها لكنها مضحكة، نابعة عن جهل او تجاهل او حس دعابة مكبوت لا نعرف، لكنها كانت احدى سمات شخصية صدام حسين، أنا لا اعني هنا النكت التي اطلقت عنه وعن نظامه و«اسلوب» حكمه، ولكني اقصد هنا اقواله هو شخصيا وافعاله التي كانت تثير الضحك، مضحكة لذاتها او لمفارقتها، فتعارض القول مع واقع الحال او تناقض القول مع الفعل هي صميم الكوميديا الانسانية.
ولكن للاسف قبل غزو الكويت لا احد كان يجرؤ على الضحك، حتى في الكويت، وفوتنا على انفسنا فرصة للاستمتاع والترويح لن تتكرر، لكن اليوم عندما نتذكر او نشاهد بعض الافلام التسجيلية لابد لنا ان نضحك ونقهقه ايضا، مرتين وأكثر، مرة على كلام الرجل وافكاره وتناقضاته، واخرى على انفسنا لاننا كنا نصدقه ولم نستوعب حجم السخرية في حينها واخذنا الانبهار بالرفيق، ففي احد المؤتمرات الصحافية سئل صدام بعد حرب ايران عن خططه لمعالجة الوضع الاقتصادي العراقي المزري بعد الحرب، رد بعد ان نظر حوله كعادته: «الأزمة الاقتصادية تسويلها هيجي وتروح» ورفع كتفه كمن يضرب لاعب الفريق الخصم كتف غير قانوني، هكذا رئيس عربي عراقي مهيب يخضع له الملايين ويصدقه ملايين اكثر منهم بالخارج يريد حل ازمة اقتصادية كبرى بمجرد «هيجي» ولم نضحك ولم نفهم في حينها، هو فعلا عمل «هيجي» للكويت في سبيل حل أزمته الاقتصادية، لكن حمدا للرب ان «الحكم كان صاحي» اما في فترة الغزو فكلنا يذكر مبادرته المرحة حين طلب ان تحل جميع قضايا الكرة الارضية من نيكاراغو حتى فلسطين المحتلة ثم قد، لاحظوا قد، ينظر في «موضوع» الكويت، ولا اظن ان احدا لم يضحك على قصة طائرة «الستليث» التي سيعطل تقنيتها الراعي «بشمر التراب»، اميركا علمها مغروز على سطح القمر منذ اربعين عاما «والحبيب» يريد التشويش على الطائرة الشبح برمي التراب، وقبل سقوط بغداد كلنا شاهد اجتماع مجلس الحرب عندما كان احد الضباط يتكلم بجدية وحماس عن ايقاع الهزيمة «ببوش» الزغير «فقاطعه السيد الرئيس داعيا الحضور للاستمتاع بالقهوة «والجقاير» في «هيجي قعدة حلوة»، هل كان هناك من يتوقع هزيمة اميركا خصوصا بعد «هيجي قعدة حلوة»؟!، ثم بعد سقوط بغداد استمرت روح الفكاهة عند صدام واغلبنا ربما شاهد محاكمته والقفشات التي كان يتفوه بها وتنم عن روح دعابة لم تؤثر كثيرا على طريقة حكمه سابقا للبلاد، كذلك في التحقيقات معه والتي نشرت لاحقا كانت له اجابات كثيرة ظريفة ومضحكة واستهزائية، فعندما سئل مثلا عن حقيقة وجود اشباه له اجاب ساخرا: «هذا فيلم سحري!»، وحتى آخر لحظة من عمره وحبل المشنقة يزين عنقه لم يتعطل حس الهزل والدعابة لديه حين قال لفرقة الاعدام بنبرة اندهاش مقولته الشهيرة «هاي هيه المرجلة؟!» وكأنه كان متربيا ومعتادا على فعل المراجل والنبل والفروسية في سابق عهده...!
صدام حسين كنز من الكوميديا اكتشفناه متأخرين ومقلب كبير «شربته» الامة العربية، والمثير للسخرية والألم اكثر انه حتى بعد موته وانكشاف المستور مازال هناك من يستمتع بشربه...
تضامنا مع إضراب الشياطين والأبالسة اعضاء نقابة العاملين بالادارة العامة لجهنم واعمال الوسوسة وما جاورها نتوقف عن الكتابة طوال الشهر الفضيل ولحين اقرار كوادرهم بعد عيد الفطر... السعيد.
ودمتم...
فهد البسام
تعليقات