من واقع المتشابهات والاختلافات بين معركة الجهراء والغزو العراقي، عبدالله سهر يُسجل ملاحظاته

زاوية الكتاب

كتب 2193 مشاهدات 0


أنا مع وضد
 

درس معركة الجهراء والغزو العراقي من واقع المتشابهات والاختلافات


 
كتب د. عبدالله يوسف سهر
 

تشكل كل من معركة الجهراء التي وقعت بتاريخ 1920/10/10 والغزو الصدامي الغاشم في 1990/8/2 مفصلين مهمين من تاريخ وحاضر الكويت وبالتأكيد مستقبلها. وبعدا عن تفاصيل كل من الحادثتين فهناك مقاربات كلية يمكن الاتعاظ منهما بشكل يحاكي الواقع ولربما يعفي مستقبلنا من بعض أوجه القصور أو التقصير التي تمت ابان تلك المسافة بين الحادثة الأولى والثانية. ومن سليل الحادثين يمكننا استخلاص العديد من المتشابهات وأخرى من الاختلافات ما يمكن بناء عليه اجراء استقراء نظري عام قائم على المنهج التاريخي الموضوعي في استنطاق الأحداث، ومحاولة بناء نسق يقود الى تعبير عن ملامح تجريبية انسانية حول سيرة التاريخ وملامح المستقبل. فمن حيث المتشابهات نجد أن بعضها يورد كالتالي: -1 كان الاعتداءان يستهدفان وجود الكويت كحكم وكيان وهوية وحياة. -2 كل من الاعتدائين خارجي مقود من حالة العنف والجشع من كل معتد حيث لم تخل افعاله من عنصر المباغتة والخداع. -3 استثارة بعض أوجه الشؤون الداخلية في الكويت كمدخل لتبرير الاعتداء، فالغازي قوات الاخوان بقيادة فيصل الدويش كانت تبرر اعتداءها بوجود ما تسميه بظواهر المنكر في الكويت التي يتعين ازالتها، بينما تحجج حجاج العراق صدام بمبررات كثيرة منعدمة الحق والحقيقة منها زعمه الظلم الذي توقعه الحكومة الكويتية على أهل الكويت الذين طلبوا مساعدته. -4 على الرغم من استبسال الشعب الكويتي في مقاومة الاعتداءين بشكل يدعو للافتخار حيث شارك في هاتين الملحمتين جميع أطياف ومكونات المجتمع واستشهد فيهما الشيخ والمواطن العادي وجمع من البادية والحاضرة، بيد ان الفيصل الذي ردع الاعتداء تمثل في التدخل الخارجي حيث تدخلت بريطانيا في ردع قوات الاخوان التي رابطت في منطقة الصبيحية بعد نزوحها من الجهراء لتغزو الكويت ثانية، كما تدخل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لطرد المعتدي الأثيم من أرض الكويت. -5 التفاف جميع الشعب الكويتي على اسرة الحكم وعدم ترك أي شك للمعتدين باحتمال تفكك الجبهة الداخلية، في حين أكدت الأسرة الحاكمة على تمسكها طبيعة الحياة الكويتية وعدم ترك أي مجال لفرض وصاية من الخارج على طبيعة حياة المجتمع. -6 على الرغم من وقوع الاعتداءين في حيز وقت سكون الحياة الديموقراطية، الا ان ذلك لم يجعل مفارقة بين الحاكم والمحكوم بل على العكس قد تكرس وتعزز الالتحام. -7 انتهاء الاعتداءين بالهزيمة النكراء، وقضاء زعيمي الغزوتين الى نفس الخاتمة وكأنها حتما محتوما على كل من يمس الكويت بسوء، فبعدما كان مقدرا من حكومة المملكة العربية السعودية قضى قائد الاخوان فيصل الدويش طريدا طالبا ممن وصفهم في أمسه بالكفار الاحتماء فحاول اللجوء للكويت لكنه لم يجد ملجأ غير الحامية البريطانية ومن ثم انتهاؤه في سجون الرياض. وفي الوجه الآخر لمصير الطاغية، بينما كان مقدرا من الحكومتين الكويتية والأمريكية انتهى صدام طريدا قد اتاه الفناء من الهجوم البري من جهة الكويت ثم الى غياهب سجن الامريكان وبعدها معدوما في أحد سراديب بغداد. أما الاختلافات فهي تنصهر في المقاربات التالية: -1 كان الاعتداء الأول قبل استقلال الكويت بينما كان الآخر بعد ذلك. -2 على الرغم من تشابه حالة الغزو التي شابها بهتان وتدخل في شؤون الكويت، الا هناك اختلافاً في المنابع الفكرية حيث انطلق الغزو الأول من تعصب ديني يبيح له تكفير الآخرين واخراجهم من ملة الاسلام ويمنح نفسه الجنة وحق الفعل باسم الدين، بينما انطلق الثاني من تعصب قومي بغيض سمح له بالهجوم على الآخرين بينما يرى ان الآخرين مجرد تبّع خنّع أو خونة مارقين. -3 على الرغم من شرف المقاومة الذي تقلده واحتلاه الكويتيين نساء ورجالا، الا ان ابان الاعتداء الأول بنى أهل الكويت سورا حولهم واحتموا في الداخل، بينما وفي الاعتداء الثاني غادر الكثير من الكويتيين بلادهم بعذر أو بغير عذر لتكون هناك ثغرة يحاول الكثير المرور عليها دون تعقيب. -4 لم يكن الكويت بلداً ثرياً حينما حاولت قوات (الاخوان) بقيادة الدويش غزوها ما يجعل الأسباب الدينية تتصدر الأسباب الاقتصادية، بينما هي بلد غني حينما غزاها صدام ما جعل اسبابه الآقتصادية في مقدمة اسبابة الايديولويجية. -5 كان هناك نوعان من اللاعبين السياسيين في المعركة الأولى دولا وقبائل، بينما في الغزو الصدامي استمر اللاعب الأول وهو الدول بينما دخل في الملعب لاعب جديد تمثل في المنظمات الدولية. -6 بعد الاعتداء الاول تعلم المجتمع الكويتي دروسا في الوحدة الوطنية ولم تستشر بينهم الأقاويل والاشاعات التي حاول العدو ان يبثها سواء كانت بين القبائل والعوائل أو بين الشيعة والسنة، بينما يبدو ان البعض من المجتمع لم يتعظ بدرس الغزو الصدامي وأخذ بعد فترة يتناسي تلك الدروس ليتبع سنة المعتدي الذي لم يستطع تمرير اشاعاته وقت الحرب لكنه استطاع ان يقنع القلة بخروج الآخرين عن الدين أو القومية، فيا له من اختلاف جدير بدراسة البعد الانثروبولوجي للانسان الذي كان يفتقر للتعليم لكنه أكثر وعيا بينما الانسان الآخر الأكثر تعلماً لكنه أكثر تخلفا.

الدرس: على الرغم من انتهاء صدام وحركة الدويش كشخوص، الا ان هناك من يتبع نفس النهج ويتخذون من الدين تارة والقومية تارة أخرى لباسا لهم لايهام الناس وقليلي الوعي ومنعدمي العقل والحكمة، هؤلاء كما كانوا سيكونون أعداء للكويت واهلها وطبيعة حياتها الاجتماعية والسياسية، هؤلاء هم العدو فاحذروهم.

 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك