منها الفساد المالي والإداري والتخلف في الآراء.. محمد صالح السبتي يكتب عن الغزاة الآخرين الذين بقوا بعد زوال الغزو العراقي

زاوية الكتاب

كتب 702 مشاهدات 0


 


محمد صالح السبتي / انتهى الغزو العراقي... وبقي غزاة آخرون
 
 محمد صالح السبتي 

 
مرت على الكويت 20 عاما من أحداث الغزو العراقي ومازال الناس فيها والأكاديميون والسياسيون يرددون الكلام ذاته كل عام مع ذكراه... معظم هذا الكلام مكرر لا طائل منه يتم نشره في هذه الذكرى للواجب الأدبي ليس إلا.
لقد ولى الغزو العراقي بكل ما فيه، ولعل حتى آثاره عفى عليها الزمن، لكن بقي في مجتمعنا غزاة آخرون مازالوا يحتلون المجتمع، بل ويرسخون قواعد حكمهم فيه... وإن كانت الكويت تفخر بأن الغزاة الأقدمون لم يجدوا حتى ولا شخص واحد يتعاون معهم، إلا أن الغزاة الجدد وجدوا من يتعاون معهم ويصبح من عسكرهم حتى صاروا هم المسيطرون.
لقد غزانا الفساد المالي والإداري حتى تغلغل فينا وأصبحت له الغلبة في المجتمع، وتعاون معه الكثير وأصبحوا من جنوده... انظروا إلى جيش هذا الفساد كيف يعبث في البلاد، ويسلب ثرواتها، وينهب مقدراتها ألا يذكركم هذا بالغزو العراقي، كم خسرنا مادياً جراء الغزو العراقي، وكم خسرنا مادياً جراء غزو الفساد المالي والإداري لاداراتنا ومؤسساتنا؟ للأسف إن هذا الفساد لم يعد سمة خاصة بالقطاع الحكومي بل حتى قطاعنا الخاص غرق في وحل الفساد، وقد أفصحت الأزمة المالية الأخيرة عن أوجه بعض هذا الفساد.
لقد غزانا الجشع والطمع حتى أصبحت المادة هي المحرك الأول ولعله الوحيد للمجتمع، أصبحت الناس تلهث وراء الدينار ولا يهم من أين أتى وإلى أين سيذهب؟ المهم أن يجمعه. لقد غدونا نختلف
على كل شيء من أجل المادة... انظروا الى كم الخلافات المادية
بين الأسر الكويتية والشركات والأفراد.
لقد غزانا التخلف في الآراء، والإهمال في أداء الواجبات حتى أصبح الكسل وعدم الإنجاز صفة لصيقة بنا... هذه ذكرى الغزو العراقي الـ (20) تمر علينا... قارن بين أدائنا في وظائفنا وإنجازنا الآن وقبل (21 عاما)؟
لقد غزانا التحجر الفكري حتى لا يستطيع الإنسان منا أن يتحمل الرأي الآخر ولذا نعجز عن الإنجاز، اسمع إلى ما يقوله السياسيون وقادة العمل السياسي عن خصومهم لتعرف كم هي ضيقة نفوسنا تقبل الآخر... لقد فشل الغزاة الأقدمون في استمرارية احتلالهم لبلادنا... لكنهم أو
غيرهم نجحوا في احتلال أفكارنا وأرواحنا بمبادئ وأخلاقيات هدامة.
تخسر الكويت في حوادث المرور في سبعة أشهر ما لم تخسره من أرواح في الغزو العراقي، حسب الاحصائات المنشورة، ويذهب كل يوم منا شاب أو شابة جراء حرب الشوارع تلك... ألا تتفق معي أن سلوكنا في قيادة السيارات هي نتاج تربيتنا لأولادنا، أو ليس هناك جهات مطلوب منها ضبط سلوك مرتادي الطرق، أليس تطبيق القانون بصرامة هو مسؤولية وزارة الداخلية، وإذا ما تم ذلك ألا تعتقد أن حوادث كثيرة لن تقع لو عقل الناس أن قانوناً ما سوف يطبق عليهم ولا تدخل للواسطة فيه، أليس من مسؤولية الأحكام القضائية ضبط السلوك البشري بصرامة أحكامها، أليس هذا الفلتان الأخلاقي في القيادة على الأقل غزو اجتماعي احتل أفرادنا؟
من غير تشاؤم ... الواقع يقول ان وباءً، بل أوبئة، تفتك بالمجتمع ولا من يتصدى لها، ليس هناك مقاومة لهذه الجيوش الغازية... لقد تسرب أبناء المجتمع الى معسكر الضد والتحقوا به. مقاومتنا للغزاة الجدد ضعيفة أو لا تكاد تذكر، لقد غزانا الانفلات الأخلاقي، والسلوك الإجرامي، والنظر إلى أموال الدولة على أنها أموال مستباحة، تأخرنا في تنمية أفراد مجتمعنا حتى وقفنا والعالم يتحرك... هذا غزو جديد احتل بلادنا وأوجد مراتع تعاون معه والمطلوب المقاومة
حتى يخرج المحتل من أنفسنا وأرواحنا.

محمد صالح السبتي

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك