أحد محاربي حرب التحرير يكتب عن ذكرى الغزو:

محليات وبرلمان

هل استمر الغزو والحرب في النفوس طيلة عشرين عاما؟

3712 مشاهدات 0

فرحة تحرير الكويت (الصورة عن الأي بي)

 لقد كنت من المؤمنين بان العديد من الحوادث سوف تتوارى في  ثنايا الذاكرة الجماعية الكويتية الا الغزو الغاشم في 2 اغسطس 1990م. فلقد كنا طول عقد التسعينيات  في مزاج اقل تسامحا تجاه من يقلل من قيمة ما حل بدولة الكويت طوال اشهر الاحتلال الصدامي السبعة . لكن رصد المتغيرات الحالية على الساحة الداخلية للكويت قوض الكثير من الرؤى والمفاهيم التي طالما عشت أسيرا لها  فيما يخص زلزال الثاني من اغسطس .لقد تراجع الغزو كدافع للالتحام الوطني ورمز لصمود شعب تكاد لاتميز الوان الطيف فيه ،الى مؤثر سلبي في نظرة البعض الى الوطن . فنتيجة للايقينية، والشعور العميق بامكانية تعرضنا للغزو مرة تلو الاخرى ظهر مزاج اللامبالاة ،وتراجعت قيم الوطنية بكل اشكالها من التسيب الى استباحة المال العام،الى تمزيق الوحدة الوطنية، والى تخوين بعضنا البعض،والى مكاسب آنية عدة، والكل يعتقد مخطئا انه في معزل عن التعرض لنفس التخوين في الشرف والامانة والوطنية .

ولا يجد المراقب سببا لما نمر به من تجاهل لدروس الغزو إلا الشعور بقابلية الغزو، وهو امر لم استطع التوقف عن تكراره وتفسيره كداء يستوجب الدواء . لقد وطن الغزو في نفوس الضعفاء من أبناء هذا الارض عدمية هذا الوطن وزواله عاجلا ام آجلا نتيجة البيئة الاقليمية المحيطة ولانكشافنا الاستراتيجي الكبير بين بلدان تفوقنا قوة ، فطفق قليلي الوطنية في تمزيق رداء الكويت ،يحاول كل فرد منهم اثبات احقيته في أخذ اكثر من غيره قبل الغزو القادم ، جاهلا ان الكويت التي تأسست 1613م قد تعرضت لما هو اشد من الغزو العراقي ضراوة  في منعطفات تاريخية عدة، وبقيت منذ ذلك التاريخ وبشكل مستمر تحت نظام حكم واحد واسرة واحدة في الوقت الذي تغير فيه  حكم  كل بلدان المنطقة المحيطة بنا من  حدودالمغرب حتى حدود الهند .  

 في كتابة شروط النهضة والتخلص من الاستعماريتحدث المفكر الاسلامي مالك بن نبي عن قابلية الاستعمار لدى الشعوب وكيف استعبدت لعقود وقرون ، وهو مانخشاه لو استعرنا المفهوم وصار استعمار النفوس بالخوف بدل استعمار التراب هو الخطر . إن الشعور بقابلية التعرض للغزو هي العامل الداخلي المستجيب للعامل الخارجي، وهو رضوخ داخلي عميق لعامل الغازي ، فيترسخ الغزو في فكرنا ويجعل التخلص منه مستحيلاً. و مفهوم  قابلية التعرض للغزو  لها معنيين  مختلفين، الأول تكون فيه هذه القابلية ناتجة عن واقعة  الغزو، أو بتحديد أكثر عن الرضوخ الداخلي لهذه الواقعة وتقبلها ورفض إزالتها. أما المعنى الثاني، فتكون فيه قابلية التعرض للغزو  مجموعة من الصفات العقلية والنفسية وما يناسبها من علاقات اجتماعية تجعل المجتمع لا يستطيع مقاومة الغزو وتسهل  للغازي مهمته. لقد قاومنا الغزاة ودحرناهم في حرب تحرير الكويت، ثم اقمنا اضخم ورشة اعادة اعمار عرفها العالم ، لكننا عجزنا عن ازالة الوشم الذي تركه الغزو في النفوس . لماذا؟

 يجمع الباحثون على ان الكويت تفتقد الى مركز لدراسات الغزو والتحرير، وبدون القراءة الصحيحة لما حدث سوف يبقى تكييف فهمنا للغزو يتم اما من غير مختصين او من قبل الغير.كما ان هناك حرب لا زالت مستعرة منذ 20 عاما ، وهي حروب الذاكرة ،و في حروب الذاكرة  في الكويت يحاول كل طرف الغاء ذاكرة الطرف الاخر، فهناك من كان اداءه  متواضعا  ابان الغزو والتحرير لدرجة ان 2 اغسطس يعني صفعة  متجددة يتلقاها كل عام ، وعلى الطرف الاخر هناك من ضحى بكل ما يستطيع و لا زال مؤمنا ان لوطنه الكويت دينا في عنقه يستحيل سداده .

 الكاتب عقيد ركن متقاعد بسلاح الطيران الكويتي

د.ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك