عشرون عاما على الغزو:

محليات وبرلمان

نتسامى، نتسامح ونتناسى، لكننا لن ننسى!

1507 مشاهدات 0


رأينا

مرت عشرون سنة على الغزو العراقي للكويت، ومرت معها سنين طويلة من الآهات والترقب والدروس والعبر. كيف حالنا اليوم بعد الخميس الأسود الذي اجتاحت فيه القوات العراقية بلادنا؟ ماذا استفدنا من ذلك الزلزال المدمر الذي أحرق أغلى ما لدى أي شعب في العالم- الوطن؟ كيف نستذكر هذا الحدث المهول بعد مرور عشرين سنة على حدوثه؟ بأية عقلية أو استعداد أو مراجعة مع النفس والذات استرجعناه واستعدنا صوره البشعة؟ بأي صورة ألهمنا جيل الشباب ملاحم البطولة والمقاومة والتصدي للعدوان؟

 كل هذه الأسئلة تدور في مخيلة أي كويتي عادي عايش المحنة، وعاصر التحرير وفرحة الحرية، لكنه مرارة الألم لا تزال تعتصر القلوب والنفوس: لماذا وكيف جرى ما جرى؟ وهل يمكن تكراره-لا سمح الله؟

  تسجل الدول والشعوب تاريخها وتحرص عليه، وتقوم بتسجيل أرشيف ذاكرتها وفاء لتضحيات شهدائها، وعرفانا بدور من ضحى من أجلها، وترسيخا لحب وطنها، وغرسا في نفوس أجيالها القادمة بتاريخها وتضحيات من سبقوهم دفاعا عن الوطن وحفاظا عليه.

 نسترجع الذكرى الأليمة اليوم ونفترض التعامل مع تساؤلات تاريخية ووطنية هامة حول ما جرى وما حل بنا وما حل بالعراق نتيجة جريمته بحقنا كشعب وكوطن:

ما حال مستقبل علاقاتنا مع العراق؟ هل زالت أسباب الخلاف التي فجرها صدام حسين عام 90؟ هل بقيت كوامن قد تنبعث شرورا وحروبا- لا قدر الله- مع العراق الذي ما من جيرته بد؟ كيف ندير مستقبل العلاقة الحتمية للتعاون والتآخي مع أجيال العراق القادمة؟ هل انتهت مشاكلنا الحدودية مع العراق؟ هل أنشأنا مراكز للبحث والدراسة ومتابعة الشئون العراقية لنقف عن كثب على تطورات الأوضاع فيه؟ هل ندرك أن ما ستؤول إليه أوضاع العراق سينعكس علينا سلبا وإيجابا؟ هل استثمرنا في علاقة مختلفة مع عراق ما بعد صدام؟

وعلى صعيد الخارطة الخليجية، تطرح أسئلة خاصة نفسها حول الغزو وتداعياته خليجيا:

كيف عملنا على تعزيز وحدتنا الخليجية؟ كيف سجلنا لأجيالنا الشابة وللشباب الخليجي عرفاننا بما قام به إخوتنا من تضحيات وبطولات ومساندة أخوية رائعة؟ هل بذلنا جهودا بتعزيز دروس التلاحم الخليجي التاريخي؟ هل عملنا على تقوية أواصر العمل الخليجي المشترك؟ هل بادرنا بتجاوز الفروقات السياسية تطلعا للمكاسب الاستراتيجية مع اخوتنا في دول الخليج؟ هل خططنا لعمل دفاعي خليجي حقيقي مشترك يتجاوز الشكليات والاجتماعات والبيانات المشتركة؟

وعلى الصعيد العربي، فلا زال الصف العربي أكثر تفككا وخلخلة منذ أن هزه زلزال الغزو العراقي عام 90، لكن أسئلة مهمة تطرح نفسها:

هل ترجمنا تطلعات سمو الأمير (حفظه الله) بتعزيز التعاون الاقتصادي العربي المشترك؟ وهل ترجمنا نظرة سموه في القمة الاقتصادية العربية الأولى التي عقدت بالكويت العام الماضي؟

وعلى الصعيد الاقليمي، تشكل إيران مصدرا للتوتر في المنطقة لكنها-وللانصاف- لا  تلام عليه منفردة، إنما الواقع يقول أن العالم بمعظمه يقف اليوم في مواجهة اقتصادية شديدة ضدها، ويفرض عليها حصارا سنكون رأس الحربة فيه، فماذا نحن فاعلون؟

هل سنعمل على تطبيق قرارات المقاطعة الدولية والتي آخرها القرار 1929 لمجلس الأمن ووقف التعامل التجاري- أو التضييق عليه- مع إيران؟ هل سنرفض تطبيق قرارات الشرعية الدولية-وإن لم تعجبنا ضد إيران- لكنها كانت مبررا لحشد الجيوش لتحرير بلادنا عام 90؟ أم أننا سنرفض ذلك لمصالح اقتصادية ستكون على حساب تحالفاتنا الاستراتيجية مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية تحديدا؟ وهل يمكن لمثل هذا الرفض أن يعزلنا عن حلفائنا؟ وماذا يمكن أن يترتب على تطبيقنا الحظر على إيران والعمل والمعاونة والمساندة على تفتيش طائراتها وسفنها؟

وعلى الصعيد الدولي، يتساءل المتابع الكويتي عن الرمزية الدولية التي مثلتها الكويت يوم احتلالها، وتحولت الكويت حينها رمزا للتضامن الدولي مساندة للحق في مواجهة العدوان السافر:

هل يمكن أن نحشد تحالفا دوليا لو حدث خطر يهدد وجودنا مثلما جرى العام 1990م؟ هل ستقف الدول التي ساندتنا جميعا في خندق واحد معنا مثلما كان في تلك السنة المشؤومة؟ ما الذي قمنا به للمحافظة على تلك الرمزية، والمحافظة على الصورة الكويتية الديمقراطية المسالمة؟ هل ساندنا العالم للنفط فقط؟ هل يمكن أن يتخلى العالم عنا وعن نفطنا في حال اختراع بديل للطاقة أرخص وأقل كلفة سياسية؟ هل حافظنا على أهم أسلحتنا في مواجهة العدوان وهو وحدتنا الوطنية وتراص جبهتنا الداخلية؟

 ولعل السؤال الأهم والأكبر، هو السؤال الذي يتعلق بنا في الداخل وعلى صعيد جبهتنا الداخلية ووضعنا المحلي:

هل يمكن أن نقول للعالم بأن التضحيات التي قدمها اخوتنا وأصدقائنا في العالم لم تذهب سدى؟ هل يمكن أن نقول لهم لقد ساندتم الحق، ولكنكم ساندتم في الوقت نفسه، الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة والعدالة ودولة سيادة القانون والشفافية ومحاربة الفساد؟

 إن التساؤلات أعلاه لا يمكن الإجابة عليها من قبل طرف واحد، فلا أحد يمتلك الإجابة عليها منفردا، لأنها ببساطة تساؤلات وطن، ولأن الإجابة عنها تتطلب مؤتمرا وطنيا عاما نطرح فيه احتمالات المستقبل، وتقلبات الدهر وصروف الأيام، لكي نناجي أنفسنا، ونسجل عرفاننا للتضحيات والبطولات، ونرسم ملامح مستقبل أمن هذا الوطن الغالي كي لا تتكرر المأساة ثانية.

 

الآن-رأينا

تعليقات

اكتب تعليقك