عبدالله زمان يضيف مزيد من التوضيح حول موقف المعارضة ردا على مقالتين لياسر الصالح وعبدالله سهر

زاوية الكتاب

كتب 271 مشاهدات 0





عبدالله زمان / غرباء الموالاة ... ومأزق الهوية
 
 
 
على هذه الصفحات سطر الأخ العزيز دكتور ياسر الصالح بتاريخ 20/7/2010 مقالاً بعنوان «أيتام المعارضة» يستعرض فيه الحالة لبعض التيارات السياسية بعد «أزمة التأبين» خصوصاً بعض النخب الفكرية التي تندرج تحت مسمى القاعدة الشعبية لهذه التيارات. ما دعاه لإطلاق صفة «الأيتام» على القواعد الشعبية لتلك التيارات نظراً للخلخلة النفسية والميدانية التي أصابت تلك القواعد. ثم عقب الأخ العزيز دكتور عبدالله سهر في الزميلة «الوطن» بتاريخ 28/7/2010 عبر مقاله بعنوان «أنين أيتام المعارضة... والحنين للتكتل الشعبي» محللاً ما طرحه الصالح في مقاله بأن يتم المعارضة يتجلى بفك ارتباطها مع «كتلة العمل الشعبي» كما وصف سهر أيضاً إيجابيات وسلبيات هذه «الشعبي» والتي أتفق معه فيهما تماماً.
في رأيي فإن الصورة التي رسمها الأخوان العزيزان في حاجة إلى توضيح مهم ليصبح المشهد المقصود أكثر واقعية ووضوح، فما تم الإغفال عنه بأمر يتم المعارضة، أو غربة هؤلاء بالموالاة كما أراه يعتبر أيضاً من نواتج التحالفات والتخالفات السياسية الجديدتين. وباستعراض الحقبة القصير السابقة لما يسمى بـ «أزمة التأبين» وفي الوقت الذي كانت «كتلة العمل الشعبي» بتمام أعضائها، كانت المعارضة حذرة من السلطة الحكومية مع الميل لدعمها سياسياً لأنها «ذات جهود إصلاحية»، كما كانت المعارضة متباينة أيضاً بمواقفها السياسية تجاه بعض الأحداث والقرارات مما أظهر مؤشر عدم انسجام واضح فيما بين أعضاء «كتلة العمل الشعبي» آنذاك. حتى أتت «أزمة التأبين» إذ وجد بعض أعضاء «الشعبي» أنفسهم وحيدين في ميدان المعركة وانكشف ظهرهم السياسي بعدما كان «الشعبي» يتشدق بالمبادئ والقيم السياسية المستقيمة والحقيقة غير ذلك تماماً. فالغربة السياسية كانت واضحة على هؤلاء، وكان الترنح السياسي بادياً عليهم. هنا انبرت بعض القوى «المتخالفة» في ذلك الوقت، والذين هم «متحالفون» حالياً، لاتخاذ قرار جبر خاطر «الغرباء» واحتضانهم بشكل تدريجي، وقد كان ذلك بلسماً لجراحاتهم من جانب، ورسماً لمعالم تحالف ومعادلة جديدة فرضت عليهم ولم يختاروها بأنفسهم. وهنا لعبت العاطفة لعبتها الساحرة مع القواعد الشعبية، ولكن آثارها لم تدم طويلاً نظراً للأسباب التي طرحها الأخ ياسر الصالح في بداية مقاله.
إذاً، فإن المعارضين القدامى دخلوا لعبة سياسية هم لم يقصدوا الدخول فيها، وبالتالي فإن دخولهم المسيّر لا المخيّر خلق إرباكاً لليتامى والغرباء، وهو الأمر الذي بدوره أخذ مأخذاً عظيماً من هويتهم. إذ لم يعدّوا العدةّ لمثل هذا اليوم، ولم يتدرجوا بدراسة متأنية لما وصل الحال عليه اليوم، والنتيجة بأن المباغتة في التصنيف والمواقع أفقدهم الهوية أو لنقل بأنها خلقت حالة ضبابية لهويتهم السابقة.
وبعد ذلك بدأت مرحلة الغربة الثانية، إلاّ أن الفرق بين الغربتين واضحاً، ففي الغربة الأولى كانت القواعد مترابطة مع بعضها البعض، أمّا في الغربة الثانية فقد أخذ التباين بين القواعد والقيادات والانقسامات فيما يظهر للعلن نتيجةً للغربة واليتم معاً. وما أعنيه هنا بأن بعض المعارضون القدامى أخذوا يتسترون خلف شخصيات لا تنتمي لتياراتهم تحت مسميات جديدة ونوعية محاولين بذلك إخفاء ملامح شخصيتهم الأزلية السابقة والتي لا تستقيم مع المعادلة الجديدة، وهنا أصبح الجميع أغراباً قواعد كانوا أم قيادات. ولا أريد الدخول أكثر بتفاصيل الغربة الثانية. وربما يكون هذا بحث مستقبلي في حد ذاته.
ما أود قوله بأن قيادات هؤلاء الغرباء أنفسهم، أو مع قواعدهم، كانوا يمارسون السياسة من أرفع وأسمى درجاتها، وهم ما زالوا من أنظف وأرقى الساسة على الساحة، ولكن مشكلتهم في القيادات السابقة الذين تطبعوا على صفات وملامح يصعب معها الدخول في معادلة سياسية مغايرة. ومع ذلك، فإن رحيلهم عن الساحة سوف يسبب فراغاً كبيراً لأنهم لم يؤهلوا بدلاء عنهم للمستقبل... وهنا تزداد الحيرة أكثر والله المستعان.
ومن جانب آخر، فأنا لا أدعو لفك أي ارتباط حالي أو تحالف سياسي قائم، بل على العكس، إنمّا أدعو إلى تحليل الوضع الراهن بشكل متأن وتشخيص الموقف وبلورة الأهداف السياسية التي تتناسب والمرحلة المستقبلية بما يخدم الوطن والمواطنين، كل ذلك تماشياً مع مبدأ الاستقرار والتطوير الداخلي والذي سوف يلقي بظلال منافعه الكثيرة على المستقبل السياسي الذي أصبح على المحك المحلي والميداني.


عبدالله زمان

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك