الجنايات تبرئ البراك وقناة الراي من تهم الشمالي
أمن وقضايايوليو 22, 2010, 5:12 م 2737 مشاهدات 0
قضت محكمة الجنايات اليوم ببرائة النائب مسلم البراك ومسؤولي قناة الراي الفضائية، وعدم جواز الاستئناف في القضية المرفوعة من قبل وزير المالية مصطفى الشمالي على خلفية وصف النائب البراك لوزير المالية بوزير التوهان خلال لقاء تلفزيوني عقد في 19 فبراير 2009م، وفيما يلي نص الحكم:
المحكمة الكلية
الدائرة : جنايات 3
بالجلسة المنعقدة علناً بالمحكمة الكلية في يوم : 26/4/2010
برئاسة الأستاذ المستشار : حمود المطوع رئيس الدائرة
وعضو الأستاذين : فيصل العسكري – وليد المذكور القاضيين
وحضور الأستاذ : فراس الشطي ممثل النيابة
وحضور الأستاذ : سيد مهدي أمين سر الجلسة
صدر الحكم الآتي
في القضية رقم : 27/2009 جنح إعلام مرئي ومسموع
المرفوعة من : النيابة العامة
ضد :
1 – مسلم محمد حمد البراك
2 – بسام منصور ناصر الجزاف
3 – علي محمد معلم
4 – يوسف أحمد محمد الجلاهمة
الأسباب
بعد مطالعة الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانوناً ...
من حيث أن النيابة العامة أسندت للمتهمين أنهم في يوم 19/2/2009 بدائرة دولة الكويت :
بثوا وأعادوا بث البرنامج ' لقاء الرأي ' والمتضمن العبارات الصادرة من المتهم والتي تضمنت المساس بكرامة المجني عليه مصطفى جاسم الشمالي والحض على كراهيته وازدرائه بين فئات المجتمع حال لكونه موظف عام ومكلف بخدمة عامة انطوت على تجرح لشخصه والإساءة إليه على النحو المبين بالتحقيقات .
وطلبت معاقبتهم بالمواد 1/1-2-3-4-5 ، 4/1 ، 11/10-11-12،13/1 بند 2 ، 2 ، 17 ، 18 ، 19 من القانون رقم 61 لسنة 2007 بشأن الإعلام المرئي والمسموع .
وذلك استنادا إلى أدلة الثبوت التي ركنت إليها النيابة العامة في إحالة القضية للمحكمة من شهادة وكيل الشاكي ومما ثبت من محضر تفريغ القرص المدمج للمقابلة التي تم بثها موضوع الاتهام .
حيث شهد بتحقيقات النيابة العامة المحامي حسين علي العبدالله وكيل الشاكي جاسم مصطفى الشمالي – بأن قناة الرأي القضائية التي يديرها المتهم الرابع يوسف الجلاهمة بثت بتاريخ 19/2/2009 مقابلة مع المتهم الأول مسلم البراك حاوره فيها المتهم الثاني بسام الجزاف مقدم برنامج ' لقاء الرأي ' حيث صدرت من الأول عبارات وأقوال تمس سمعة وكرامة المجني عليه مصطفى جاسم الشمالي 'وزير المالية' وتحط من قدره موصفاً إياه بأنه وزير التوهان ، وبأنه سطح معاناة 250 ألف مواطن ، وفتح حنفية المال العام الكويتي ، وأنه يغش الناس ويساعد كبار المتنفذين على الاستيلاء على المال العام ، كما يساعد أصحاب النفوذ على تهريب أموالهم إلى الخارج ، وأنه لا يعلم عن شئون وزارته أي شيء نافياً وجود خلافات سابقة بين الطرفين .
وحيث أنه بسؤال المتهم الأول بتحقيقات النيابة العامة أنكر ما أسند إليه ودفاع بأن صفته النيابية تحتم عليه نقد ومحاسبة الوزراء ، وبأن الوزير الشاكي كان قد صرح قبل وقوع الأزمة الاقتصادية العالمية بعافية السوق الكويتي وأن أفضل وقت لشراء الأسهم هي تلك الأيام مما دفع الناس للإقبال على شراءها وتبع ذلك انهيار أسعار البورصة وفي ذلك تضليل للشارع ، وأن نقده أنصب على حزمة قوانين مالية منها قانون الاستقرار المالي بحسبان أنه يفيد شركات محدودة ، وأنه قصد بلفظ وزير التوهان أنه توه الناس بتصريحاته ، فضلاً عن تعليقه على قانون المعسرين أن سبب ذلك ضعف رقابة البنك المركزي على البنوك فنجم عنه اضطراب الحالة المالية لعامة الناس وملاحقتهم قضائياً .
وحيث أنه بسؤال المتهم بتحقيقات النيابة العامة أنكر ما نسب إليه ، وقرر بأن المتهم الأول هو المسئول عن كلامه .
وسئل المتهم الرابع فأنكر ما نسب إليه قرر بأن الحوار الذي أعده لم يكن متعلقاً بشخص الوزير الشاكي ، وإنما تعلق بقانون الاستقرار المالي الذي تقدمت به الحكومة وكانت المقابلة مع نائب برلماني يمثل كتلة سياسية معارضة لذلك القانون لإبداء رأيه ، مشيراً إلى أنه ليس ثمة ضرر أصاب ذلك الوزير بدليل تجديد الثقة له بإعادة تعيينه في منصبه .
وحيث ثبت من محضر تفريغ شريط DVD الخاص بالبرنامج سالف الإشارة إلى أنه تضمن لقاء تلفزيوني على قناة الرأي بتاريخ 19/2/2009 مع المتهم الأول ردد فيه بالعبارات المنوه عنها بأقوال وكيل الشاكي بالتحقيقات بحث موكله مصطفى جاسم الشمالي وزير المالية في سياق الحوار عن رأيه والكتلة التي يمثلها في قانون الاستقرار المالي والمشكلة الاقتصادية .
وحيث أحيلت القضية للمحكمة وبها نظرت على النحو المبني بمحاضر جلساتها ، فهل يحضر أي من المتهمين وحضر مدافعين عنهم ، كما حضر محام عن الشاكي وأدعى مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض المدني المؤقت بموجب صحيفة معلنة سدد رسمه وترافع سفافة وقدم مذكرة وقرر بأنه ثمة دعوى مدنية أقامها أمام المحكمة المدنية برقم 1097/2009 مدني كلي وصدر فيها حكم بالوقف ، وورد خطاب رئيس مجلس الأمة بما يفيد رفع الحصانة النيابية عن المتهم الأول ، وترافع الحاضرون عن المتهمين شفافة وقدموا مذكرات بدفاعهم التمسوا في ختامها البراءة كما دفع الحاضر عن المتهم الأول بسقوط الدعوى الجزائية بمرور ثلاثة أشهر .
وحيث قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة 19/4/2010 ومد أجل الحكم لاستكمال المداولة وليصدر بجلسة اليوم .
وحيث أنه عن الدفع المبدي من دفاع المتهم الأول بسقوط الدعوى الجزائي بمرور ثلاثة أشهر فهو غير سديد ، ذلك أن القانون رقم 61 لسنة 2007 بشأن الإعلام المرئي والمسموع قد خلت نصوصه من ميعاد سقوط محدد كما هو الشأن في المادة 25 من القانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر ، الأمر الذي يضحي معه هذا الدفع غير قائم على سند من القانون خليقاً بالرفض .
وحيث أنه من المقرر أن الأصل الدستوري هو حرية الفكر وإبداء الرأي بما في ذلك حق النقد ، وأن الاستثناء هو القيد ، ولا يجوز أن يمحو الاستثناء الأصل أو يجوز عليه أو يعطله ، فيقتصر أثره على الحدود التي وردت به ، وأن النشر والنقد المباح هو الذي لا يتضمن ما يخدش الآداب العامة أو يمس كرامة الأشخاص أو حريتهم الشخصية التي كفلها الدستور والقانون ، فإذا لم يتجاوز النشر والنقد هذا الحد فإنه لا محل لمؤاخذة المسئول عنه باعتباره مرتكباً لجريمة السب أو القذف أو الإهانة حسب الأحوال .
( الطعن 75... تجاري جلسة 22/11/2005)
ومن المقرر أن انتقاد القائمين بالعمل العام – وإن كان مريراً – يظل متمتعاً بالحماسة التي كفلها الدستور لحرية التعبير عن الآراء بما لا يخل بالمضمون الحق لهذه الحرية ، أو يجاوز الأغراض المقصودة من إرسائها ، وليس جائزاً بالتالي أن تفترض في كل واقعة جرى إسنادها إلى أحد القائمين بالعمل العام ، أنها واقعة زائفة أو أن سوء القصد قد خالطها ، كذلك فإن الآراء التي تم نشرها في حق أحد ممن يباشرون جانباً من اختصاص الدولة ، لا يجوز تقييمها منفصلة عما توجبه المصلحة العامة في أعلى دراجاتها من عرض انحرافهم ، وأن يكون المواطنون على بينة من دخائلها ، ويتعين دوما أن تتاح لكل مواطن فرصة مناقشتها واستظهار وجه الحق فيها ( الطعن رقم 37 لسنة 11 ق دستورية عليا جلسة 6/2/1993 ) وأن أداء وسيلة الإعلام قد ينطوي أحياناً على ما يمس شرف أحد الأشخاص في صورة قذفه بعبارات قاسية بحيث يتبين أن أداء هذه الوظيفة غير ممكن في الصورة التي تقتضيها مصلحة المجتمع بدون هذا المساس ، فإذا ثبت ذلك تعين إباحة هذا المساس ترجيحاً بين حقين أحدهما أكثر أهمية من الآخر ( جلسة 8/2/1995 طعن 1512 سنة 59 ق – 49 – 349 ) .
كما أنه من المقرر أنه إذا كان الهدف من النشر إثارة قضية عامة ونقد موقف جهة ما تحقيقاً للصالح العام ، فإن الناشر – وإن اشتدت عبارته وعنف تعليقه – يكون ملتزماً حدود النقد المباح ، وبالتالي ينتفي خطئه الموجب للمسؤولية ( الطعن 85/92 تجاري جلسة 3/1/1993 ) وكان من المقرر أيضاً أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ الإهانة أو المساس بالكرامة أو الحياة الخاصة هو بما يطمئن إليه قاضي الموضوع من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة التمييز مادام لم يخطئ في التطبيق القانوني للواقعة ( الطعن 27/2007 جزائي جلسة 5/6/2007) لم ينشر .
لما كان ذلك ، وحيث أنه بالنسبة للاتهام المستند للمتهم الأول ، فإن المحكمة وبعد أن أحاطت بظروف الدعوى وملابساتها ومحصت أدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ودفاع المتهمين فيها ، لا ترى أن تلك العبارات – تقييماً لها في سياق الحديث وموضوعه ، وحسب ما توجبه المصلحة العامة في أعلى درجاتها من عرض الانحرافات بالمصالح والمرافق العامة وثروة الوطن ، بحسب تعبير المحكمة الدستورية المصرية ، أنه قد قصد منها التشهير بالشاكي أو النيل منه أو الحط من كرامته ، إذا كانت مناسبة تلفظه بتلك العبارات أثناء حديث مطول له عن رأيه بقانون الاستقرار المالي كأحد إفرازات الأزمة المالية والذي يتصل بالثروة الوطنية ويمس بلا مراء أفراد المجتمع قاطبين ، وذا كان الشاكي يعد من الشخصيات العامة بصفته وزيراً للمالية وفي مقام مباشرته لاختصاصه كموظف عام قد أطلق تصريحات تتعلق بالحالة الاقتصادية والمالية للدولة – وهو ما يقابله بطبيعة الحال حق النقد والتقييم وإبداء الرأي فيما أدلى - فإن الطعن في أعماله وهو بتلك الصفة يكون حقاً منتظماً لجميع المواطنين بصفة عامة والصحفيين على وجه الخصوص بالنظر لاتصال الموضوع بمصالح الناس نفاذاً إلى الحقائق والمعلومات المتصلة بالشأن العام ، وإذا كان الناقد وهو المتهم الأول نائباً في البرلمان الكويتي فهو بهذه الصفة يعد من أو المعنيين بالشأن العام ومنوطاً به المراقبة والنقد والمحاسبة لأعضاء الحكومة بشكل خاص ذوداً عن المصلحة العامة وإن جاء نقده في قناة فضائية فذلك مما لا يسلبه واجبه الدستوري ، هذا بحسب الأصل ، والمحكمة في تمحيصها لعبارات المتهم في سياق الحديث الذي أدلى به فإنها لم تلتمس غلبة قصد التشهير في نفسه بغية المساس بكرامة الشاكي نكالاً بشخصه ، وإذ لذع في جانب منه وقسى ، وإنما طالته عباراته بصفته شخصية عامة وضع نفسه تحت مجهر المراقبة الشعبية لأعماله ، وأن ألفاظ المتهم تلك قد وردت في مقام عرض رأيه المخالف لقانون الاستقرار المالي وقانون المعسرين وقانون ضمان الودائع وتعاطي الحكومة ممثلة بوزارة المالية مع الحالة الاقتصادية الكويتية ووجها منتقداً الشخص المعني وهو الشاكي بصفته وزيراً للمالية في الوقت الذي تعيش فيه البلاد مخاض الأزمة الاقتصادية العالمية ، فضلاً عن أن تلك الألفاظ محل الاتهام هي ممارسات جرت العادة على المساجلة بها في أعرق الديمقراطيات بين الأقطاب السياسية الأنداد وليست بذاتها مما تعتبر مهينة حاطة بالكرامة لكونها جاءت في معرض نقد أعمال الوظيفة واتصالها بها وعن قضية عامة ، بقصد عرض الحقائق والمحاسبة ، ولم توجه طعناً بشخصه ويظاهر ذلك أن وكيل الشاكي قد نفى بالتحقيقات أن يكون ثمة خلافات سابقة بين الطرفين وهو ما يرجح لدى المتهم الأول غلبة قصد الحرص على مصلحة المجتمع وإطلاع الرأي العام بما يدور عن قصد الإساءة ، بما ينهض معه سبب الإباحة التي رخصها المشرع في المادتين 213/أولاً ، 214/أولاً من قانون الجزاء في مثل هذه الأحوال وإن عنف تعليقه واشتدت عبارته تجريحاً بين حقين أيهما أولى بالرعاية وبالتالي لا تندرج عباراته في تقدير المحكمة تحت طائلة جريمتي السب والقذف لتغدو نقداً مباحاً ولتضحي من بعد ذلك الأوراق قد خلت من فعلها المؤثم بحث المتهم الأول ولا محل لمؤاخذته لتنتهي من بعد بتبرئة ساحته عملاً بنص المادة 172/2 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية .
وحيث أنه بالنسبة لكل من المتهمين الثاني والثالث والرابع فإن المحكمة ترى أن دور المتهم الثاني قد اقتصر على توجيه للأسئلة وليس بها ما يشير إلى التحريض على الإدلاء بأقوال تعد قذفاً أو سب، وأن الموضوع الذي أعده المتهم الرابع لا يعدو أن يكون مادة إعلامية رتبها لإجراء حوار سياسي مع شخصية الضيف تمكيناً لحرية عرض الآراء وتداولها في آفاق مفتوحة ، كما تنتفي التهمة عن المتهم الثالث مخرج البرنامج ، سيما وأن ما بدر من المتهم الأول من أقوال قد اعتبرتها المحكمة من قبيل النقد المباح الأمر الذي تنته معه إلى براءة باقي المتهمين مما نسب إليهم عملاً بنص المادة 172/1 ذاتها .
وحيث أنه عن الدعوى المدنية فإنه لما كان وكيل المدعي بالحق المدني قد قرر أمام هذه المحكمة بوجود دعوى مدنية مقيدة تحت رقم 1094/2009 مدني كلي وصدر حكم بوقفها تعليقاً لحين صدور حكم جزائي ، فإن المحكمة تترك أمر متابعة إجراءات الدعوى المدنية المرفوعة أمام هذه المحكمة بضمها إلى الدعوى المدنية سالفة الإشارة للارتباط للمدعي ، مكتفية بإيراده بالأسباب دون النص عليه في المنطوق .
( فلهذه الأسباب )
حكمت المحكمة حضورياً ببراءة المتهمين عما أسند اليهم .
تعليقات