العراقيون لديهم قدرة عجيبة على قلب الحقائق، وهم منظمّون ومتوحدون في مواقفهم تجاهنا برأي زايد الزيد

زاوية الكتاب

كتب 1132 مشاهدات 0


 

الخلاصة

نحن والعراق

زايد الزيد 

.

  
 
تمر الذكرى التاسعة عشرة للغزو العراقي على بلدنا الكويت وسط أجواء توتر سياسي ملحوظ بين البلدين، ومحمل بالكثير من دعوات الافتراء والتحامل علينا من جانب عدد كبير من السياسيين والاعلاميين في العراق.

العراقيون يريدون منا اسقاط الديون، ويريدون أيضا أن نتنازل عن التعويضات! ويشككون بالقرارات الدولية التي ثبتت الحدود البرية والبحرية بيننا وبينهم، باعتبار أن نظام الطاغية صدام هو من وقع اتفاقيات ترسيم الحدود بعيد تحرير الكويت في العام 1991.

وفوق هذا يطالبوننا بدفع تعويضات مالية بسبب انطلاق القوات الأميركية في العام 2003 لتحرير العراق من نظام الطاغية صدام من أراضينا، وهم (أي العراقيون) يقعون في تناقضات لاحصر لها، حينما يطلقون مثل هذه الدعوات التي يملؤها الحقد الدفين على الكويت والكويتيين.

التناقضات تكمن أولا في أنه لا توجد دولة في العالم تعرضت لغزو من دولة أخرى، وتنازلت عن حقوقها، ومع الاقرار بأن الديون والتعويضات التي نستحقها من العراق، هي حقوق أصيلة، ملك للشعب الكويتي، الذي يقرر وحده حق التعامل معها بالطريقة التي يراها، من خلال قرارات نوابه المنتخبين الذين يمثلونه في بيت الأمة، مع الاقرار بهذه الحقيقة، فإن العراقيين لا يقدمون لنا أسباب مطالباتهم تلك! فالعراق اليوم ليس بلدا فقيرا، ولو كثف جهوده لملاحقة أموال المقبور صدام وعائلته، المخزنة والمتناثرة في معظم الدول الأوروبية وبعض الدول العربية، من أجل استردادها، لحصلوا على عشرات البلايين من الدولارات ان لم تكن مئات البلايين، ولو أوقفوا عمليات الفساد الكبير التي تنهش أموال العراقيين حاليا في المشاريع الكبرى، لأغناهم ذلك كثيراً.

وربما نحن في حاجة ماسة إلى التذكير بأن فلسفة التعويضات عن خسائر الحروب ولدت مع نشأة الدولة الحديثة، لتحمل الشعوب التي ابتليت بطغاة تسببوا في غزو دول أخرى، مسؤولية فعل هؤلاء الطغاة، حتى لاتتكرر المآسي بسبب نزوات حكام يعانون من جنون العظمة.

وتناقضات العراقيين في دعاوى إلغاء الديون والتعويضات لا تنتهي، فهم يحملوننا مسؤولية عبور القوات الأميركية لأراضينا في حربهم مع نظام الطاغية صدام، ويتجاهلون الدولة التي غزت أراضيهم لتسقط نظامهم، ويعقدون معها الاتفاقيات الأمنية والاستراتيجية تحت سمع وبصر الجميع، فهل يوجد تناقض أكبر من هذا؟

اليوم نقولها بكل أسف: ان الأحداث الآخيرة أثبتت فعلا أن الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العهد الملكي وحتى يومنا هذا تعتبر أن الكويت جزء من العراق، وهي الكذبة التي دسها حزب البعث العراقي _ طوال العقود الثلاثة التي حكم بها العراق _ في مناهج وأدبيات الحزب التي كان يدرسها لأتباعه الذين تبلغ أعدادهم الملايين، وكانوا يطلقون على الكويت في تلك المناهج بـ «القطاع السليب».

هذه هي القصة في رأيي المتواضع، لا تعويضات، ولا ديون، القضية أن «الأطماع» راسخة بالنفوس.

ما جاء أعلاه ، هو جزء من مقال نشر لي في هذه الزاوية بتاريخ 4 أغسطس 2009 كان بعنوان «العراق الطامع بنا دوما»، ولعل القارئ الكريم يلاحظ أن السياسيين في العراق يكررون الافتراءات ذاتها حينما يقترب موعد ذكرى الغزو الغاشم على بلادنا في كل عام، وفي هذا ربط دنيء يعكس اتفاق النخب العراقية بكافة أطيافها على النظر إلى الكويت كجزء من العراق يحاولون استعادته بأي ثمن وبأي شكل كلما تهيأت لهم الظروف.

لا نريد أن نكرر الأفكار ذاتها التي سبق أن سقناها في هذا الصدد ، ولكن أود أن أنقل للواهمين من أبناء شعبنا ردود فعل عراقية جاءت في أعقاب هذه الأزمة الأخيرة التي أثارها مندوبهم الدائم في الجامعة العربية د. قيس العزاوي، فلقد نشرنا في جريدة الالكترونية آراء ثلاثة من السياسيين العراقيين كما نقلتها وكالة أنباء الاعلام العراقي هم : القيادي في حزب الدعوة (تنظيم العراق) عبدالهادي الحساني، والنائب حماد الدليمي، وعضو ائتلاف دولة القانون النائب قاسم عطية الجبوري، فهل تصدقون أن أيا من السياسيين العراقيين الثلاثة لم ينف تصريح العزاوي أبدا، كما لم يقترب اثنان منهم بتاتا من التصريح ، لكن ثالثهم (الحساني) اعتبر أن ما تحدث به العزاوي يأتي من واقع الحرص على تفعيل القرارات الدولية، في حين هاجم الثلاثة بشكل كاسح تصريحات نوابنا الذين استنكروا كلام سفيرهم العزاوي.

أما أخطر ما قاله السياسيون الثلاثة، فخذوا عندكم بالنص: الحساني: «مجلس الأمة الكويتي كان له اثر سلبي في عدم إسقاط الديون العراقية وترسيم الحدود بين البلدين والحقول النفطية المشتركة»، أما النائب الدليمي فقال ان على البلدين ايجاد حلول لمشاكلهم وحسم الملفات العالقة جذريا عن طريق التفكير باللقاءات السابقة ، مبينا أن ادخال البلدين بهكذا أزمات دولية لا تخدم الدولتين لان الانجرار الى مثل هذه التصريحات (يقصد تصريحات نوابنا) ستعرقل العديد من الأنشطة الاقتصادية والسياسية، في حين النائب الجبوري يذكرنا «كنا من اشد الداعمين لاسترجاع الأراضي بعد احتلالها من قبل النظام ألصدامي ولكن الكويتيين لم يتقدموا أي خطوة تجاه العراق بعد إسقاط النظام البائد حيث انهم لو يسقطون الديوان ولم يخرجوا العراق من البند السابع».

بصراحة، العراقيون لديهم قدرة عجيبة على قلب الحقائق، وهم منظمّون ومتوحدون في مواقفهم تجاهنا ، على الرغم من اختلافاتهم الكبيرة والجذرية فيما بينهم، فمن يسمع كلامهم ويطّلع على تصريحاتهم، وهو لايعرف حقيقة ماجرى في الثاني من أغسطس 1990، يعتقد أن الكويت هي من قامت بغزو العراق ومحت اسمها من الوجود.

وللحديث بقية

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك