عبدالله الهدلق متسائلا: ما معنى التجمع التضامني او الندوات التي يشارك فيها البعض تضامنا مع من ادانهم القضاء ؟!
زاوية الكتابكتب يوليو 11, 2010, 12:40 ص 1037 مشاهدات 0
كلمة حق
التطاول ليس من الحريات العامة
كتب عبدالله الهدلق
ربما ادت ظاهرة تدني مستوى الحوار في معظم وسائل الاعلام الى شيوع التراشق بالشتائم وارتفاع نبرة السباب والتطاول واتهام الذمم المالية للآخرين، وقادت البعض الى الخلط وعدم التفريق بين الحريات العامة – ومنها حرية الرأي والتعبير، التي كفلها الدستور ولم يقيدها – وبين التطاول على الآخرين والطعن في ذممهم المالية، ولان الفارق ضئيل بين الحريات العامة والتطاول قد لا يدركه غير المتخصصين فقد اوكل المشرع مهمة التكييف القانوني للقضايا الى جهاز النيابة العامة المتخصص لذا فان اللجوء الى القضاء حق كفله الدستور والقانون واوجب على طرفي النزاع احترام القضاء واحكامه النهائية والايمان التام بنزاهة القضاء وسعيه الى تحقيق العدالة، كما انه لا يحق للسلطة التشريعية (مجلس الامن) ولا للسلطة التنفيذية (الحكومة) التدخل في مجريات الامور القضائية عملا بأحكام الدستور الذي فصل بين السلطات.
تساهم الندوات والتجمعات التضامنية مع من ادانتهم الاحكام القضائية الى ادخال البلد في نفق مظلم وتشويه صورتها ومحاولة اظهارها في صورة الدولة البوليسية التي تقيد الحريات! ولا تؤمن بالرأي الآخر، الا ان الواجب والمتحتم علينا جميعا ان نؤكد على الجانب الايجابي للحكومة وهو الاتجاه نحو المزيد من تفعيل اسس دولة القانون والدستور التي توجب على المتضرر ان يلجأ الى القضاء وهو سلوك حضاري دستوري يؤكد ان الدولة ليست بوليسية ولا تنتهج الاساليب التعسفية، وان اللجوء الى القضاء للفصل في الخصومات هو الاسلوب الامثل من الاطراف المتنازعة وعلى طرفي النزاع عدم السعي الى محاولة تسييس القضاء.
لابد من الارتقاء بمستوى الخطاب السياسي والبرلماني في ظل ثقافة اصبحت ترى ان الصراخ والتطاول على الآخرين بطولة وشجاعة ولا تفرق بين قضايا الرأي العام (الحريات العامة) وبين جناية التطاول والقذف والطعن في الذمم المالية للآخرين، وهناك قنوات دستورية وقانونية وبرلمانية لتوجيه الانتقادات يمكن ان يسلكها الغيورون على مصلحة البلد بهدف تسليط الضوء على مكامن الخلل في الاداء الحكومي وتصحيح مساره دون اللجوء الى الممارسات الخاطئة التي لا تفرق بين التطاول والحريات العامة ولا بين النقد المباح والطعن في الذمم المالية للاخرين.
من الخطورة بمكان اتهام النظام القضائي بان هناك من يحاول احتواءه او المساس به او تسييره او الانحراف باحكامه الى ما يرضي طرف دون آخر، فتلك رؤى قاصرة تسيء الى الدستور وسيادة القانون ونزاهة القضاء وحياديته، وتهدد سمعة الكويت وتضر بها وتشوه صورتها في المحافل الدولية كما ان من اهم مقومات الوحدة الوطنية رفض التشكيك في السلطة القضائية، والتمسك بمبدأ الفصل بين السلطات ورفع سقف الحريات العامة في اطار الدستور والقانون، بعيدا عن تجريح الاخرين او التطاول عليهم، ولابد في هذا السياق من ان يقف الجميع اجلالا وتقديرا واحتراما لرجال السلطة القضائية على حرصهم التام على استقامة موازين العدل وتحقيق العدالة وعدم الرضوخ لمحاولات البعض التأثير على سير العدالة.
ما معنى التجمع التضامني او الندوات التضامنية التي يشارك فيها البعض تضامنا مع من ادانهم القضاء وحكم عليهم تلك الندوات والتجمعات التي تعطي للمتأمل ايحاء بان هناك خطرا على حاضر الكويت ومستقبلها السياسي الداخلي والخارجي على حد تعبير البعض بينما الامر في غاية البساطة وهو ان القضاء العادل طبق احدى مواد قانون الجزاء على من انتهك القانون واقترف ما يجرمه قانون الجزاء الامر الذي جعل جهاز النيابة العامة يكيف القضية قانونيا باعتبارها تطاولا وقذفا بحق المجني عليه، وبعد تكييف الجهة المختصة للقضية يتجمع البعض ويعقد الندوات معطيا لنفسه الحق في تكييفه القانوني الخاص للقضية على انها قضية رأي عام او حريات عامة، تعسفت فيها السلطة في استعمال الحق! متجاهلا الرأي القانوني المتخصص للنيابة العامة.
تعليقات