سيناريو الأزمة الإماراتية الإيرانية الراهنة !

خليجي

3111 مشاهدات 0


لا يختلف اثنان على أن من حق المتحدث بإسم لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشوري الاسلامي الايراني كاظم جلالي الاحتجاج علي سوء معاملة السلطات الاماراتية للمواطنين الايرانيين، كما إن من حقه الاحتجاج على ما نقلته صحيفة 'واشنطن تايمز' بان سفير الإمارات في الولايات المتحدة يوسف العتيبة قد أيد  ضرب المنشآت النووية الإيرانية وقال إن فوائد الهجوم تتجاوز تكاليفه على المدى القصير.

لكن كاظم جلالي لايملك الحق في القول  ' ان مماشاة الجهاز الدبلوماسي الايراني مع الامارات أدي الي تمادي الدول الصغيرة التي تفتقد الي تاريخ بالمنطقة لكي تطلق مثل هذه التصريحات السخيفة '.  كما لايملك الحق في القول ' ان علي بعض المسؤولين بالحكومة الاماراتية أن يدركوا بأن الرحلات السياحية للمواطنين الايرانيين لبلدهم الذي تعصف به الازمات الاقتصادية الخانقة وخاصة دبي من شأنها أن تؤدي الي انقاذها من هذا الوضع المأساوي '. 

لقد سارعت دولة الامارات العربية المتحدة  الشقيقة على لسان  مساعد وزير الخارجية الاماراتي بالقول  أن التصريحات التي نسبتها صحيفة 'واشنطن تايمز' للسفير يوسف العتيبة 'غير دقيقة'  و ' وقد نقلت خارج سياقها'. و إن 'الإمارات تؤمن وتحترم سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية بأي شكل من الاشكال' وان ' ايران بلد جار للامارات وتربطنا بها علاقات تاريخية ' وان موقفنا من أزمة الملف النووي الإيراني لم يتغير.

 سيناريو الازمة الاماراتية الايرانية الراهنة يفتح لنا قسرا كوة في الارض يطل منها متطرف قومي أمتص بشكل مبالغ فيه الخصائص القومية المتمثلة في التعصب، والحساسية تجاه الإهانات الغير موثقة  والإحساس الحاد بالكرامة الوطنية  دون ان يكون هناك سبب قاهر يدعو لذلك، وهذا ما ظهر عليه كاظم جلالي، ليسانده في هذا الموقف مسعود دانش مند- رئيس غرفة التجارة الإيرانية الإماراتية المشتركة الذي يرى إنّ الإمارات جَمّدت حسابات أشخاص لم تكن أسماؤهم مدرجة ضمن قائمة العقوبات،وعليه قامت طهران بخفض حجم علاقاتها التجارية مع الإمارات، في اشارة الى تجميد أبو ظبي 41 حسابًا مصرفيًا لإيرانيين وشركات إيرانية عاملة على الأراضي الإماراتية.

 ومن يعرف ايران في عصر نجاد يعرف انها لن تعطي العالم الاعتراف بفشلها  ضد العالم على طبق من فضة،لذا لن تتردد في نقل معركتها الى افق آخر بحيث تضع الامور على طاولة مختلفة كليا .أما لماذا الصدام مع دولة الامارات بما يوحي وكأن ابوظبي تنفذ اجندة امريكية بحق طهران فيرجع الى عدة نقاط يجدر التوقف عندها  :
1.لاشك ان تحول نظرة طهران للامارات بوصفها خصما وليس بوصفها  شريكا  فيها الكثير من سؤ التقدير الايراني،حيث أن بازار طهران وهو عصب مهم جداً في الاقتصاد الإيراني بل وصانع للاحداث السياسية، يعتمد على سوق الامارات في بضائعه و على بنوك الامارات لانجاز خطابات الاعتماد لتمويل تجارته  .
2. رب ضارة نافعة فالخطوة الاماراتية بتجميد 41 شركة ايرانية من بين 8 لآف شركة ايرانية في الامارات هي خطوة في صالح المواطن الايراني،لانها تحجم نشاط الحرس الثوري الايراني  التجاري  الذي يسيطر على 30% من الدخل القومي الايراني ويسخرها لاغراض لا تصب في صالح المواطن في طهران وتبريز  .
  3. لقد كان ماقامت به حكومة ابوظبي جزء من  قرار أممي، لكن تضخم الخبر حدث  لكون ايران شريك تجاري كبير للامارات فكان لمثل هذه الخطوة صدى اوسع فيما لو تمت مع بلد اخر ، ويكفي ان نعرف ان حجم التجارة بين البلدين يصل الى 12 مليار دولار .
4. كما إن ماتم ما هو الا و رسالة تهديد ايرانية لدول اخرى تمارس تجارة مباشرة مع ايران مثل تركيا وماليزيا وغيرها من دول اسيا الوسطى وامريكا الجنوبية .
5. لا نشك في ان دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة  كانت تتوقع مثل هذه الخطوة الايرانية، ولا بد انها قد حسبت الربح والخسارة،وهي على ثقة بصواب اجراءاتها لثقتها في  الاقتصاد الاماراتي القوي بما فيه الكفاية لدرجة لم تهزه الازمة الاقتصادية التي عصفت باحدى دول مجموعة اليورو بينما مرت على الدولة باقل الخسائر .
6. لقد اتهمت ايران دولة الامارات العربية المتحدة مع دول اوروبية برفض تزويد الطائرات لايرانية بالوقود، ثم تراجعت طهران عن تلك لاتهامات عندما لم تجد مايسندها من براهين ، وحتى توقف العديد من رحلاتها الجوية ، تذرعت بسؤ معاملة الاماراتيين لمواطنيها ، بينما تتمثل الحقيقة في ان سلطات الطيران الاوروبية  قد منعت ثلثي طائرات  شركة 'ايران اير' تعد أكبر شركة  طيران ولها 48 طائرة مم الطيران في اوروبا  بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة ، حيث يشمل نطاق الحظر  طائرات من طراز ايرباص 320 وبوينغ 727 وبوينغ 747، وهي طائرات لا زالت تعمل بكفاءة في الكويت ودول الخليج العربي لللعناية بصيانتها بشكل مستمر .
 وخلاصة القول إن جارتنا العزيزة جمهورية ايران الاسلامية تمر بمنعطف حاسم نتيجة حزمة العقوبات الجديدة التي أقر علي اكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية الايرانية بأنها مؤذية لطموحهم النووي، وللخروج من عنق الزجاجة وجد صانع القرار السياسي الايراني ضرورة القيام باعادة سبك جذرية لتحركات المرحلة القادمة. وبما ان المشهد الخلفي لكل تحرك ايراني هو إما لرايات منكسة وجيوش مهزومة، وإما انتصارات ومسيرات ورؤوس ابطال  تكللها  أغصان الغار  كما استعاروها من غرمائهم  اليونانيين. اما الدبلوماسية الهادئة والتروي قبل اطلاق ردود الافعال المتعجلة فلا  يتماشى مع  من تسيره الحساسية المفرطة تجاه الإهانات والإحساس الحاد بالكرامة الوطنية .

د.ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك