د. عبدالعزيز يوسف الأحمد يروي قصة أسيرة كويتية في سجون الطاغية صدام
زاوية الكتابكتب يوليو 8, 2010, 12:22 ص 9011 مشاهدات 0
من ذكرى الغزو العراقي الصدامي على الكويت الحبيبة قصة أسيرة كويتية «سجون الطغاة!»
كتب د. عبدالعزيز يوسف الأحمد
بمناسبة الذكرى الأليمة العشرين للاعتداء العراقي الجائر على كويتنا الغالية في الخميس الحزين، أضع هذه القصة الحقيقية المأساوية أمام الرأي العام العربي والعالمي ليروا بأنفسهم مدى هذا الظلم الصدامي والوحشية اللا إنسانية التي ارتكبها الطاغية المقبور صدام حسين مع شلة اللصوص والمنحرفين والرعاع من مجلس قيادته المهزومة في «أم المعارك» وأهدي هذه القصة أيضا الى كل من تواطأ وساعد هذا الطاغية المجرم لعل هؤلاء يفيقون من سباتهم ويعودون الى رشدهم ويتبعون طريق الحق والصواب.
ورغم السنوات العشرين التي مرت على الغزو العراقي الغادر لا تزال تعذب بسياطها المؤلمة داخل أعماقنا فتحيل الذكرى المأساوية الى كتل من الحزن والألم بما فعله الجار الطاغية المدعي الاسلام من غدر وخيانة لجارته المسالمة وبذلك يعتبر هذا المجرم المقبور لم يعض اليد الكريمة التي امتدت إليه لتنتشله من هزائمه والوحل الذي غطى وجهه الكريه فحسب بل نهش ايضا هذه اليد الكريمة كالكلب المسعور عندما هجم علينا غدرا وعدوانا فجر ذلك اليوم الحزين بجنده وعتاده ودباباته وكل ما لديه من حقد اسود ليحيل بلدنا الآمن إلى صحراء كئيبة بعد ان قام وحرق ودمر ما دمر وشرد ما شرد من الاطفال والنساء والشيوخ والمرضى واعتدى على الحرائر وقتل المجرم خيرة شبابنا وشاباتنا ثم بعد ذلك خطف مئات من ابنائنا من احضان اهلهم غدرا وعدوانا ليزجوا في سجون مظلمة وظالمة دون ذنب ولا جريرة ارتكبوها سوى انهم كويتيون أحبوا بلدهم فأخلصوا لها.. وتستمر المأساة والمعاناة للآن تنضح آلما يشق الصدور ويدمي القلوب ويطفئ العيون فكم هو قاس ذلك الحرمان الذي حرم أما عجوزا من فلذة كبدها أو زوجة من سعادة زوجها أو ابناء صغارا من عطف آبائهم.
هذه هي المقدمة لقصة واقعية لإحدى اسيراتنا الكويتيات البطلات التي قاومت الظلم اكتوت واحترقت بنار الأسر الصدامي المجرم، هذه الاسيرة ضحية الغدر والغزو انها لم تعمل أي جرم يعاقب عليه القانون الإنساني سوى انها دافعت عن بلدها الحبيب الذي تنفست من هوائه وداعبت رمل شواطئه فداعبني بحنان الأبوة.
تقول الأسيرة عندما قبض علي كنت أعد الأكل لأبنائي وأسرتي.. عندما كانت طرقات الباب المتلاحقة التي لا يمكن ان انساها تدق كالطبول في رأسي.. فتحت الباب وإذا بمجموعة جنود الطاغية يجروني كالذبيحة إلى مسلخ.. في هذا الموقف الصعب كان منظر ولدي وعينه معلقتين بي بذهول وأنا مقتادة مكبلة بالأغلال من قبل الطاغية ولقد احسست ساعتها ان في صوتي رعشة مخيفة وفي دقات قلبي وجعة ألم وأنا اطلب من ابني الصغير ان يدخل البيت لأنني لن اغيب طويلا وكتمت رغبتي بأن أضم فلذة كبدي بحنان بصدري فأنا لا أعلم ان كنت سأراه مرة أخرى أم لا.. فمع العراقيين لا يكون هناك شيئ مضمون؟
وتقول الأسيرة عندما اصطحبني الاوغاد جنود الطاغية للتحقيق معي في سجن المشاتل بتهمة تسريب رسالة من الكويت الى الخارج مع صديقتي بها كل معناة ابناء وطني ووحشة من يدعي بأنه جاري كنت اتابع وانا اسير بين ممرات الأسر.. وجدت يا الهي تعذيبا تقشعر له الأبدان فالأرجل متسلخة والاقدام متورمة ودماء تنزف وتأوهات تخرج من الاعماق تصرخ أين الضمير فلا مجيب الا قهقهات المجرمين الجلادين من أزلام الطاغية المقبور قلت لله دركم يا ابناء وطني الحبيب الكويت ماذا جنيتم ليقوم جنود الطاغية بسلخكم هكذا سوى حب الوطن الذي لا يعلو عليه أي حب وهل حب الوطن يحتاج لعقاب!
وتواصل أسيرة الكويت لتقول: بعد التحقيق والمعاناة والتعذيب النفسي الجسدي رحّلوني الى سجون بغداد يا للهول من ذلك المكان فمنذ الخطوات الاولى التي تخطوها من ذلك المكان شعرت بقلبي ينقبض وكأن ماردا جبارا مسكه بين يديه وعصره عصرا حتى حجب عنه النور والهواء حيث كان ذلك المكان كأنه مقبرة مهجورة بها زنزانة صغيرة مظلمة موحشة كالقبر إلا من شعاع صغير ينفذ من قضبانها الحديدية التي غطت بعضها البعض بشباكها المتهالكة الوحيدة ولقد غطت أرضية هذه الزنزانة بمخلفات ادمية تزكم الأنوف فاحسست بعدها ان روحي ستخرج من رائحتها الكريهة ولكن إيماني بالله سبحانه وتعالى جعلني اتجرع كل هذه الآلام وانتظر لحظة فرج من السماء، مكثت أياما عصيبة ورهيبة بهذه السجون السوداء التي تقرض الاجسام وتبتلع العافية وتنخر العظام وتحول الإنسانية إلى شيء كالشبح المخيب، تحملت الضيم وشربت كؤوس العذاب ولكنني تشبثت بالحياة من اجل فلذات كبدي وحبي لوطني.. وكانت العناية الإلهية حيث استجابت السماء لدعوات المظلومين وتحررت من هذا القبر الرهيب وعانق قلبي تراب الوطن وجمع الله شملي بأسرتي وعدت إلى وطني الحبيب لتكون هذه الأيام الرهيبة التي مرت علينا نقطة سوداء تسجل بتاريخ هؤلاء الطغاة العراقيين الصداميين المجرمين.
حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه تحت ظل اميرنا المفدى وسمو ولي عهده الأمين وسمو رئيس مجلس الوزراء.
تعليقات