النفط وكأس العالم

الاقتصاد الآن

1591 مشاهدات 0


لم تتحرك ولم تتأثر أسعار النفط منذ بداية كأس العالم في جنوب افريقيا، ومعدلات الاسعار مازالت جامدة عند معدل ال75 دولار للبرميل، وكأن الأسواق النفطية قد توقفت بالتمام بالتعامل في النفط وانها في انتظارالصافرة الأخيرة والنهائية لبطولة كأس العالم لكرة القدم حتى يعود المضاربيين الى لعبتهم المفضلة بالمضاربات اليومية، حيث انهم مشغوليين حاليا بالمراهنات على كرة القدم ومن يفوز ومن سيحرز الهدف الأول ونسبة الأهداف ومن سيكون هداف البطولة وأفضل لاعب في الدورة الحالية، ومن المؤكد ان استهلاك العالم لوقود البنزين في هذه الفترة عند أدنى معدل وذلك لعدم استعمال المواصلات لمسافات بعيدة، حيث يتواجد المستهلكيين في بيوتهم أو في المقاهي والأماكن العامة القريبة من دون عناء السفرالى أماكن بعيدة. 

ولم تتأهل الدول النفطية المنتجة الكبرى والمصدرة للنفط لكأس العالم سواء من الدول النفطية الخليجية أو من خارجها مثل روسيا كأكبر دولة منتجة للنفط في الوقت الحالي، في حين نرى تقدم أكبر دولة مستوردة ومستهلكة للنفط في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية تتأهل بجدارة مع أكبر ثالث دولة مستهلكة للنفط وهي اليابان، في حين لم تتأهل الصين ثاني دولة مستهلكة للنفط والتي تضم أكبر عدد من السكان في العالم، ولم تتأهل الهند كذلك ولا الدول الواعدة في المرحلة الحالية، وهنا يجب ان نتذكر بأن التأهل لكأس العالم لايفرق بين القوي والضعيف والغني والفقير، ولكن التأهيل يعتمد أساسا على الإدارة والقيادة والمهارات الفردية الكروية والمدير الناجح والنظرة البعيدة المدى، والتجربة اليابانية أفضل مثال لتتأهل الى الأدوار القادمة وللمرة الثانية على التوالي. 

والفرق بين معدل أسعار النفط للدورة الماضية في عام 2006 والفترة الحالية في حدود ال 13 دولار حيث كانت في تلك الفترة عند ال 60 دولار، ولم يكن العالم قد مر بالطفرة التي وقعت في عام 2008 والتي وصلت اسعار النفط حينها الى 147 دولار للبرميل. ومع هذا كانت الدول النفطية المنتجة للنفط من منظمة 'أوبك' ممثلة في كأس العالم ب 3 فرق من السعودية وايران وأنجولا، لكن في هذه الدورة تأهلت فقط الجزائر ونيجيريا وحصلتا على أكبر عدد من الإنذارات التي تجاوز عددها 16 بطاقة، ثلاث منها من حمر والبقية من اللون الأصفر.

بمعنى ان الإرتفاعات في أسعار النفط لم تحقق تحسن ايجابي في الأداء الكروي للدول النفطية، بل العكس أدت الى تأخرها، على الرغم أن المفروض يكون العكس على ضوء الفوائض المالية الحادة، وان تحدث طفرة وثورة في الأداء الرياضي والى أعلى المستويات وهذا ايضا لم يتحقق. 

والخبر النفطي المتبقي الوحيد ومازال يتصدر الأخبار اليومية منذ 20 ابريل هو التسرب النفطي في خليج المكسيك، وزيادة الأخبار المهلكة لشركة بي.بي.  وارتفاع تدفق كميات النفط الى 100 الف برميل في اليوم، مما يعني ان تأكدت هذه الكميات بأن الشركة ستدفع في اليوم الواحد  100 مليون دولار في اليوم الواحد، اذا ما امتدت حتى شهر أغسطس القادم، وعليكم  بقية الحساب.

ويظل السؤال القائم هو كيف أخطأت بي.بي. في احتسابها أن الكميات المتسربة من النفط كانت 1000 برميل لتصل الآن الى 100 الف برميل، وهذا هو سبب غضب حملة الأسهم وانزعاجهم، لكن هذا لا يهم مادام استلمت الإدارة الأمريكية أول ملياريين دولار في خزينة الدولة، وفي انتظار ال18 مليار في أقرب فرصة ممكنة، مع إحتمالية ان المبلغ المطلوب قد يزيد ويستمر بالزيادة، مع زيادة الكميات النفطية المتدفقة في خليج المكسيك،  والتي أثرت حتى الآن على 4 ولايات جنوبية، مما سيؤثر ويقصم ظهر الشركة البريطانية في أي وقت، خاصة وانها فقدت قيمتها السوقية بأكثر من 50% اي خسرت منذ 20 ابريل حوالي 70 مليار جنيه استرليني (35 مليار دينار) في أقل من 3 اشهر، وتصل قيمة سهم الشركة ما دون ال3 جنيهات أو 5 ر1 دينار كويتي للسهم الواحد 'يا بلاش'.

وبطبيعة الحال الدول النفطية تستطيع ان تشتري أفضل وأحسن وأكبر الأندية في العالم على الإطلاق، أما الحصول على كأس العالم في كرة القدم  فهذا بعيد وصعب المنال، لكن حتما ستكون الدول الآسيوية الناشئة لها مكانة ومراكز متقدمة واعدة في المستقبل، لكن من دون الإعتماد على الفوائض النفطية المتكاثرة. 

 

الآن: كامل عبدالله الحرمي - كاتب ومحلل نفطي

تعليقات

اكتب تعليقك