ما نقص مال من 'صدقة'
محليات وبرلمانيونيو 25, 2010, 1:37 م 2909 مشاهدات 0
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بسورة آل عمران (لَنْ تَنَالُوا الْبرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) ، وقال الحق تعالى بسورة البقرة 'الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون ' (274)، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما نقص مال من صدقة) ، ان من أعظم ما تفضل الله به سبحانه لعباده المسلمين ان شرع لهم الصدقة فهي نهج الصالحين ونبراس المتقين ونور للطاهرين والإبرار المزكين، وحياة للقلوب، وبلسما للمهمومين، فالصدقة فضلها عظيم وثوابها جزيل وأثرها على النفس بلا شك كبير، ان استشعار فضلها دافعا لفعل الخيرات وانهاء عن فعل المنكرات، وإحساس بآلام الآخرين، ومن صفات المؤمنين الذين يعرفون أنّ ما عند الله باق وما عند العبد يفنى، وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى شيئا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
فالمسلمون كالبنيان يشد بعضهم بعضا ويتلاحمون، ولا ننسى فضل المتصدق ففضل الصدقة عظيم وأجرها جزيل وكبير، لقوله جل جلاله(مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) ففيها تتضاعف الأجور، والله يضاعف الأجر لمن يشاء، بحسب ما يكنه العبد المسلم بقلبه بالإيمان الخالص لله سبحانه، وان فضل الله واسع المغفرة والرحمة والعفو وهو مطلع على نيات عباده، وان المسلم اذا تصدق يتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم فعن ابن عباس رضي الله عنه قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فالرسول صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة) متفق عليه.
ومن أهم فضائل الصدقة هي شفاء للمرضى ودواء لكل عليل، ودافعا لكل بلاء وكرب، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال(داووا مرضاكم بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة، واعدوا للبلاء الدعاء) أخرجه البهيقي، كما ان المتصدق يجازى بجنس عمله لقول النبي صلى الله عليه وسلم (انفق يا ابن ادم ينفق عليك) أخرجه البخاري ومسلم، كما ان الصدقة ليس فضلها بالدنيا فحسب بل وبالآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه) أخرجه مسلم.
ومما يدل على عظم جزاء المتصدق فإن الملائكة تدعو للمتصدقين كل يوم بالخلف والزيادة، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول احدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا) متفق عليه، كما أن الصدقة سببا في زيادة المال وسعة الرزق فقد جاء في سورة البقرة (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ ترْجَعُونَ)، ويقول سبحانه في سورة سبأ (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) آية 39، وفضل الصدقة بأنها تمحو الخطايا والذنوب وترفع الدرجات وكلنا مقصرون ومذنبون وما أحوجنا للمغفرة ورضا الله سبحانه، فقد قال الحق تعالى بسورة التوبة (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار) أخرجه الأمام احمد والترمذي.
كما أن الصدقة تطفئ غضب الله وتدفع الميتة السوء وتدفع البلايا والكروب ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الـصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع عن ميتة السوء) أخرجه الترمذي، كما أن الصدقة منجاة في يوم القيامة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (اتقوا النار ولو بشق تمرة) متفق عليه.
ولا تنسى أخي المسلم انه يجب علينا الاستشعار بآلام أخواننا المسلمين وعذابهم فهناك لا يستطع ان يجد لقمة العيش، فبصدقتك هذه تدخل السرور إلى قلبه وتحي القلوب الميتة، ويجب أن تأمر به أبنائك فالدال على الخير كفاعله، ولاترد السائلة ولاتنهرها لقول الله عز وجل في سورة الضحى {وَالضُّحَى(1)وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى(2)مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى(3)وَللآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى(4)وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى(5)أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى(6)وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى(7)وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى(8)فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ(9)وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ(10)وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ(11) }.
فإما أن تتصدق على الفقراء والمساكين أو تنصحهم بالعمل ان رأيت بأنهم قادرين عليه، ونسأل الله ان يجازينا بالخير إحسانا وان يجعلنا من المتصدقين الطاهرين.
تعليقات