أغلبية النواب يتباكون ويحذرون ويولولون من الفساد ومنابعه، وعند المواجهة يختفون، عبدالعزيز القناعي متسائلا: ماذا يعني ذلك ؟!

زاوية الكتاب

كتب 1031 مشاهدات 0


الفساد ومجلس الأمة الغائب     
Friday, 25 June 2010 
عبدالعزيز القناعي

 

ما أصعب العيش بوجود مثل مجلس الأمة هذا والجاثم فوق صدورنا كذبا وزورا وبهتانا،‮ ‬لقد خيب آمالنا فعلاً‮ ‬بعدم اكتماله القانوني‮ ‬وحضوره الجلسات في‮ ‬بادرة تنم على تهاون وعدم احترام للناخبين والناخبات،‮ ‬ففي‮ ‬يومين متتاليين لم‮ ‬يستطع النواب وأعضاء الحكومة من الاجتماع لمناقشة قضايا المواطنين من ملفات البدون وصندوق المتعثرين والقوانين الرياضية،‮ ‬وربما القضية الأهم والتي‮ ‬نشتكي‮ ‬منها مرارا وتكرارا وهي‮ ‬الفساد وتداعياته على ساحتنا المحلية لم تلق أي‮ ‬دافع لدى النواب من الحضور لمناقشة هذه الطامة الكبرى والتي‮ ‬أثرت على حياتنا في‮ ‬الكويت وعلى جميع الأصعدة،‮ ‬والمضحك في‮ ‬الأمر بنفس الوقت ان أغلبية النواب‮ ‬يتباكون ويحذرون ويولولون على أهمية القضاء على الفساد ومنابعه،‮ ‬ولكنهم وفي‮ ‬الواقع‮ ‬يختفون مثل الزئبق عند المواجهة،‮ ‬فماذا‮ ‬يعني‮ ‬غياب النواب؟ انه بلا شك‮ ‬يلقي‮ ‬الضوء على اشتراكهم بالاستفادة ورعاية الفساد وتواطئهم الكامل واحترامهم للسارقين وكأنهم‮ ‬يخاطبونهم وينادونهم بالمزيد حتى تمتلئ الجيوب وتعمي‮ ‬القلوب التي‮ ‬في‮ ‬الصدور،‮ ‬وما للمواطن الا الشكوى والاعتصامات لمطالبة بالحقوق بعد أن خذلهم أغلبية النواب وبصم على رديء أفعالهم جهاز الحكومة والوزراء‮.‬
اننا الآن أمام مفترق طرق نراه شائكا معبدا بالعراقيل والعوائق وساعد في‮ ‬وضع هذه العراقيل مجموعة من نواب الوطن ممن‮ ‬يحملون هوية ممثلي‮ ‬الأمة وهذا ما‮ ‬يساعد على زيادة نزيف ألمنا ويضعنا في‮ ‬حيرة مما نراه منهم وما‮ ‬يفعلون بنا من تمزيق لوحدتنا الوطنية من خلال التصريحات‮ ‬غير المسؤولة والتي‮ ‬تدخل ضمن أفكارهم الشخصية وتحركهم تياراتهم الحزبية،‮ ‬وأما ما‮ ‬يفعلون بنا من تعطيل لمصالحنا ومطالباتنا في‮ ‬التنمية والبناء والعيش الكريم فهذا كله أيضا‮ ‬ينصب في‮ ‬خانة تعطيل مصالح هذا الوطن الذي‮ ‬يتغنون به ويرفعون شعاراته كذبا فوق أوراق معاملاتهم ومصالحهم التي‮ ‬لا تنتهي،‮ ‬وفي‮ ‬كل دور انعقاد برلماني‮ ‬نشهد ونرى شهية بعض النواب لتحقيق انتصارات زائفة‮ ‬يدغدغون بها مشاعر ناخبيهم ونعني‮ ‬بهذا ملف الاستجوابات الذي‮ ‬لا‮ ‬ينتهي‮ ‬وما استجواب كتلة العمل الوطني‮ ‬حول الرياضة ببعيد عن هذا الزيف والادعاء والمصلحة،‮ ‬فهل أصبح لزاما علينا وعلى أجيالنا أن نتأخر في‮ ‬تحقيق التنمية بمختلف درجاتها وتتعطل مصالح البلد من أجل استجوابات لا تمت للواقع ولا للمنطق بأي‮ ‬صفة خصوصا اذا عرفنا وتيقنا بأن مصلحة الوطن أعلى بكثير من أي‮ ‬مصلحة ومبدأ،‮ ‬وأن البلد‮ ‬يتطلب منا جميعا العمل والانجاز بعيدا عن لعبة السياسة وكراسي‮ ‬البرلمان‮.‬
فماذا ننتظر أن نحقق أكثر من ذلك حتى‮ ‬يتحرك الجميع؟ فالبلاد وبما فيها من عباد ضجوا من كثر البيروقراطية والفساد،‮ ‬والرشاوى وعمليات التنفيع أصبحت بشكل علني‮ ‬وساخر بل صارت فريضة وسنة محمودة،‮ ‬والواسطة وتوابعها أضحت طريقا للترقي‮ ‬والمكافآت،‮ ‬ونواب مجلس الأمة في‮ ‬وادي‮ ‬الصراعات والتصفيات السياسية والحكومية،‮ ‬وأصبح الكل‮ ‬يريد القضاء على خصومه لا أن‮ ‬يسمع منه ويصلح الأخطاء والمشاكل،‮ ‬وفتح باب المهاترات الكلامية والتهجم على الأشخاص فاذا لم تكن معي‮ ‬فأنت ضدي‮ ‬ومحسوب من تيار الاعلام الفاسد،‮ ‬ولم‮ ‬يطق النواب معنى الحرية والرأي‮ ‬الآخر فنسفوها وقيدوها بصراخهم فاختلط الحابل بالنابل وضاعت حقوق المواطنين على أنغام التجمعات وسوق عكاظ الجديد‮.‬
‮ ‬أننا نرى هذه المؤسسة اليوم وقد انحرفت عن مسارها وأصبحت الديمقراطية حكرا على أصحاب الحناجر المتضخمة وأما ما‮ ‬يخص الطرح الهادئ والمتزن فانه لا مكان له بين الصراخ والعويل شبه اليومي‮ ‬الا من استطاع أن‮ ‬يحفر الصخر لينثر الماء على أرض الرمال‮. ‬لقد مللنا وشبعنا من هكذا حالة‮ ‬يكون فيها الوطن سلعة تزايد عليها كلماتهم ومن‮ ‬ينمق في‮ ‬الحديث أكثر‮ ‬يكون هو الفائز باليانصيب الأكبر وقد نسأل أنفسنا من السبب في‮ ‬هذا الوضع وكيف وصلنا اليه؟ انه وبكل بساطه ما نعيشه من واقع‮ ‬يومي‮ ‬وما تفرزه حياتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من أزمات تلد أخرى ومن وضع‮ ‬يكاد‮ ‬يكون قاتماً‮ ‬لكل أمل ولكل حلم بالنهوض من جديد ومسايرة الحياة‮.‬

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك