خليج الاتجار بالبشر !!
عربي و دولييونيو 16, 2010, 3:46 م 4579 مشاهدات 0
كانت القرصنة وتهريب السلاح وتجارة الرقيق هي الذرائع التي اتخذتها بريطانيا لاخضاع إمارات الخليج العربي لسلطتها في القرنين الماضيين، فقد دمرت رأس الخيمة 1819-1820م بحجة القرصنة . وفرضت الحصار على الكويت لمنع تهريب البضائع والأسلحة للعثمانيين عام 1918م. وحتى يتسنى لها حق تفتيش السفن أمتشقت بريطانيا جانب النبل والدفاع عن حقوق الانسان ففرضت على سلطان عمان اتفاقية عام 1845م لمنع تجارة الرقيق من ممتلكاته في شرق إفريقيا إلى الخليج، وبدعوى عدم استجابتها للمعايير الدنيا لمكافحة الاتجار بالبشر ' Human trafficking ' في القرن الحالي، عادت دول مجلس التعاون لتكون ضحية قوة غربية اخرى في مجال حقوق الانسان هي الولايات المتحدة،و التي ذكر تقرير لوزارة خارجيتها صدر الاثنين 14 يونيو 2010م ، حول الاتجار بالبشر أن دول مجلس التعاون تقع ضمن أسوأ فئتين من الدول في هذا المضمار وهو Tier2 و Tier3 .
تقول الأمم المتحدة ان الاتجار بالبشر هو 'تجنيد ونقل وإيواء أو استقبال الأشخاص من خلال وسائل التهديد أو استخدام القوة أو غيرها من أساليب الإكراه والاختطاف والتزوير والخداع وسوء استخدام السلطة أو موقف ضعف أو إعطاء أو استلام دفعات مالية أو خدمات للحصول على موافقة الشخص على أن يسيطر عليه شخص أخر من اجل استغلاله. '
ومن الأشكال الحادة من الاتجار بالبشر إجبار النساء على البغاء وتجنيد الاطفال لخوض المعارك، أو انتزاع أعضائهم، وتلك بعيدة ولله الحمد عن الظهور في المجتمعات الخليجية المسلمة، لكن ما لا نستطيع انكاره اننا نمارس بعلم أو بجهل اشكال عدة من عبودية القرن الحادي والعشرين او العبودية المعاصرة. فمن منا لايقوم بالاحتفاظ بجوازات سفر السائقين والخدم، وهو إجراء صار من المسلمات في علاقة العامل برب العمل الخليجي، سواء كان فردا أو مؤسسة، وهو كما ترى المنظمات الدولية إجراء مشجع على استغلال العامل ماديا، أو إجباره على ممارسة أعمال لاتنتهي، وحرمانه من الاجازة والراحة أو منعه من السفر، كل ذلك دون ان نعرف ان مانقوم به من تمسك بجوازات السفر او الهوية يقع تحت قانون الاتجار بالبشر مما يجعل كل رب أسرة خليجية مجرما في العرف الدولي، ممارسات أخرى وصمتنا بها المنظمات الانسانية ولا نستطيع التملص منها هي 'قدوم الرجال الأغنياء من منطقة الخليج لـشراء زواجهم من فتيات عربيات، من أجل الزواج المؤقت أو ما يطلق عليه بالزواج الصيفى، بما فيهن الفتيات القصر اللاتى تقل أعمارهن عن الـ18 عاما، حيث أن تلك الاتفاقات تتم غالبا مع أهل الفتاة وسماسرة الزواج، حيث أن تلك الاتفاقات تعد أحد أشكال الاستغلال الجنسى التجارى للأطفال'.
فهل نحن بهذا السؤ في هذا الجانب من مجال حقوق الانسان؟ أم نحن الأبرياء وهم المتحاملين الباحثين عن ذريعة للتدخل في شؤوننا من خلال 'إدعاءات لم يتم تأكيدها بتقارير تصدرها المنظمات الصهيونيه لتشويه سمعتنا ' كما يقول عادة الناطق الرسمي الحكومي في دول الخليج ؟
صحيح ان دول مجلس التعاون قد تجاوبت مع الدعوة للحد من تجارة البشر من منطلقات انسانية واسلامية، لكنها تظل خطوات خجولة، ففي الكويت يقوم المركز الكويتي لحقوق الجاليات بجهود حثيثة للفت نظر الوافد ونظر كفيلة، الا ان هناك من يراقب حقوق هذه الجاليات ويتدخل بالمساعدة المجانية لحفظها، وليست الكويت باستثناء ففي دولة قطر هناك المؤسسة القطرية لمكافحة الإتجار بالبشر ومثلها في البحرين والامارات والسعودية، كما قامت سلطنة عمان بإطلاق موقع على شبكة الانترنت للمساعدة على محاربة تهريب البشر وخطا ساخنا للابلاغ عن أي انتهاكات، لكن الجانب المظلم من القمر يظهر الخلل في تعامل أجهزة الدول الخليجية المعنية مع قضايا الوافدين والجاليات وحقوقهم وينذر بعواقب وخيمة، فتجارة الاقامات، وانتهاك حقوق الخدم داخل المنازل وما يكتنفها من الغموض والضبابية، وجشع شركات جلب العمالة الرخيصة، كلها مبررات جعلت دول الخليج العربي في درك دول الظلم والتسلط على الضعفاء من البشر، مما فتح الباب أمام وزارة الخارجية الاميركية لتصنف 13 دولة من بينها السعودية والكويت وقطر ضمن أسوأ فئتين من الدول في هذا المجال، مع احتمال فرض عقوبات ضدها ما لم تقم بالمزيد من الجهود لمحاربة الاتجار بالبشر.
جريمة الاتجار بالبشر من أنواع الجريمة المنظمة وهي نشاط دولي يتعدى حدود الخليج كله، لكن بعض ضعاف النفوس من الخليجيين لا يألوا جهدا في أن يلتمس من قوانين الهجرة مايبرر تعامله المشين في هذا المجال . ولعل إصلاح التشريعات الخليجية في مجال نظام تأشيرة العمل والكفيل والحد الادنى من الاجور وعدد ساعات العمل هي الخطوة الاولى نحو عودتنا لخلقنا الانساني و الاسلامي الذي ضيق مصادر الاسترقاق ووسع منافذ التحرير، فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، قال: كنت أضرب غلامًا لي؛ فسمعتُ مِنْ خَلْفِي صوتًا: 'اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ إن الَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ'! فالتفتُ فإذا هو النبي! فقلت: يا رسول الله، هو حر لوجه الله تعالى. قَالَ: 'أَمَا إِنَّكَ لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَعَتْكَ النَّارُ أَوْلَمَسَّتْكَ النَّارُ' . فهل نهاب لفعة النار التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم أم نهاب نار العقوبات الاميركية والتدخل الدولي ؟
تعليقات