زايد الزيد يطالب النفيسي بمعاودة نشاطه، ويقول له : كلماتك عن محمد الجاسم كانت بلسما لجروح المتألمين من قمع الحريات وحقبة شراء الذمم !!

زاوية الكتاب

كتب 3357 مشاهدات 0


 

أبا مهند .. عد إلينا !!

زايد الزيد

' من أجل أن لايتحول  الشعب الكويتي إلى مجرد طابور مهذب من المهنئين والمعزين المحترفين.

ومن أجل ان لا تتحول الكويت إلى زقاق من أزقه التاريخ الموبوء بعبادة نجوم المال والاقطاع والاستغلال والرق السياسي.

ومن أجل اليوم الذي يصبح فيه صدور مثل هذا الكتاب في الكويت أمر اعتيادي وطبيعي.'

بهذه الكلمات المعبّرة ، قدّم أستاذنا الدكتور عبداالله النفيسي للكويتيين ، كتابه الرائع : ' الكويت .. الرأي الآخر ' ، والذي نشره في لندن العام 1978 ، احتجاجا على حل مجلس الأمة في العام 1976 حلا غير دستوري ، وما أن وطئت قدما الرجل ، أرض مطار الكويت الدولي ، في صيف 1978 ، عائدا من مدينة الضباب ، بعد أن أنجز مهمة نشر الكتاب ، حتى أقتيد من باب الطائرة إلى جهات التحقيق من جانب مباحث أمن الدولة ، وتم سحب جواز سفره ، وبعدها بأيام ، فرضت ' أوامر عليا ' ، على مجلس جامعة الكويت ، إصدار قرار فصله من العمل ، حيث كان يعمل رئيسا لقسم العلوم السياسية فيها ، ولم توجه للرجل حينذاك أية تهمة ، فلقد كان قرار سحب جواز سفره وفصله من العمل ، قرارا تعسفيا بإمتياز ، دّبج بالجملة المعهودة : ' حفاظا على المصلحة العامة ' !!

واليوم ، أبا مهند ( كنية الدكتور النفيسي ) وبعد مرور 32 عاما على صدور كتابك ذائع الصيت ، لعلك لاحظت أن الأمور لم تتغير كثيرا ، فسجين الرأي محمد عبد القادر الجاسم ، يقبع في السجن المركزي ، من دون وجود قرار بتمديد حبسه ، منذ 31 مايو الماضي ( وهو يوم انتهاء حبسه لمدة 21 يوما ) ، ما يمثل استمرار حبسه وصمة عار في جبين الكويت ، ولقد كانت كلماتك أبا مهند ، بشأن قضية الجاسم ، بلسما لجروح المتألمين من أوضاع القمع التي نعيشها ، ورفضا لأجواء شراء الذمم المنتشرة بكثرة هذه الأيام !

لقد ناضلت أبا مهند طويلا من أجل حرية الكلمة ، ولا أظنك كنت تتوقع ، وأنت تخط بيديك ، حروف مقدمة كتابك ، الذي حرمت بسبب إقدامك على نشره ، من عملك ومن حرية تنقلك ، أن تطول مدة بقاء أسلوب تعاطي ' السلطة ' مع الكتابة الجريئة الحارقة ، كما كتاباتك وكتابات سجين الرأي محمد عبدالقادر الجاسم ؟؟.

ولو تعلم – أبا مهند – مقدار حجم فرحة الشباب الكويتي بعودة مشاركتك في المنتديات السياسية ، لقررت على الفور ، الاستمرار بكل نشاط ، في المساهمة بالشأن العام ، كما كنت من قبل ، وأنا أقول هذا الكلام أبا مهند ، وبين يدي أرقام الأعداد الهائلة ، التي تصفحت محاضرتك الآخيرة ، المنشورة تفاصيلها عندنا في جريدة الألكترونية ، وكذلك أعداد المشاركين في التعليقات على المحاضرة ، وهي أرقام قياسية لم نشهدها في إلا في ثلاثة أو أربعة موضوعات على مدى الثلاثة أعوام الماضية ، هي عمر جريدتنا الفتية !!

أبا مهند ، لعلك تذكر اللقاء الذي جمعنا وإياك في منزلك العامر في ' الضاحية ' ، في ضحى يوم شتوي بارد مطير ، مطلع ديسمبر 1991 ، أتيناك ثلاثة : محدثك والصديقين مظفر عبدالله ونشمي مهنا ، جئنا لنقنعك في أهمية حديثك في تلك الأيام بالذات ، أيام ' ارتباك ' الدولة في فترة مابعد التحرير ، وحينما وافقت بعد جهد جهيد ، دخلنا معك في التباحث حول ترتيبات وموضوع محاضرة : ' حقوق الانسان في عالم متغير ' ، والتي نظمناها كمجموعة محلية لمنظمة العفو الدولية ، وقدمها الصديق مبارك العدواني ، في العاشر من ديسمبر 1991 احتفالا بالذكرى الثالثة والأربعين لليوم العالمي لحقوق الانسان ، ولعلك كنت تذكر ، كيف كانت محاضرة جماهيرية غير مسبوقة ، غص بحضورها مسرح كلية التجارة في العديلية ، كان هذا هو الظهور الأول لك بعد التحرير ، ورأيت ورأينا ، كيف كان الكويتيون متعطشين لسماع آراء الدكتور عبدالله النفيسي الجريئة !

بعدها ، غبت - أبا مهند - طويلا ، إنما حديثك الآخير ، بما حمله من هموم وشجون محلية ، يدفعنا لمطالبتك بالعودة إلى نشاطك المعهود.
    
أبا مهند نختلف معك أو نتفق ، كثيرا أو قليلا ، لكن لانملك إلا أن نحترم شجاعتك النادرة .

ختاما أبا مهند لي سؤال بسيط ، أتمنى أن أسمع إجابته منك ، في ظهورك المقبل ، أو في لقاءنا القريب الذي يرتب له صديقنا ' أبا خالد ' : ماذا تعتقد : هل أصبحت طوابير النفاق الكويتي الآن ، أطول أم أقصر مما كنت تتصور في العام 1978 ؟ وهل أشرفت الكويت على الدخول ، أم هي دخلت بالفعل ، في أحد أزقة التاريخ الموبوء بعبادة نجوم المال والاقطاع والاستغلال والرق السياسي ؟

      تحياتي أبا مهند ، وإلى اللقاء المرتقب ..

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك