د.حسن جوهر يتحدث عن عاملين أساسيين لاستهداف رئيس الوزراء مباشرة في الاستجوابات
زاوية الكتابكتب يونيو 11, 2010, 1:07 ص 1659 مشاهدات 0
استجوابات إسقاط الحكومة (2)
د. حسن عبدالله جوهر
توقفنا في المقال السابق عند تساؤل مهم حول مدى إدراك الكتل البرلمانية، وحتى النواب كأفراد، لنتائج استجوابات رئيس مجلس الوزراء وما إذا كانت هذه الاستجوابات كفيلة بإسقاط الحكومة برمتها، وإذا كانت الحقائق والقناعات ومعادلات القوة السياسية جميعها تشير إلى عكس ذلك، فلماذا القفز بأداة المساءلة السياسية إلى رئيس الوزراء في ظل وجود وزراء يتحملون المسؤولية الكاملة عن محاور الاستجوابات كما هي الحال بالنسبة لملف البيئة وملف الرياضة؟
وحتى نتأكد من حقيقة الوضع السياسي العام داخل المجلس وخارجه ودورها في فشل استجوابات رئيس الوزراء، فيكفي الإشارة إلى المحاولتين السابقتين لاستجواب الشيخ ناصر المحمد في قضية الشيكات، وكذلك في موضوع البيئة، فالأول جرى في جلسة سرية، ولم يحصل على الأغلبية المطلوبة لإعلان عدم التعاون، بينما سقط الاستجواب الآخر بعد انسحاب النائب المستجوب احتجاجاً على تحول الجلسة إلى سرية، ونفس المصير سيواجه الاستجواب القادم الملوح به والخاص بالملف الرياضي.
وفي رأيي فإن السبب الرئيسي لاستهداف رئيس الوزراء مباشرة في الاستجوابات يعود إلى عاملين مهمين: الأول، قناعة جميع الكتل البرلمانية، وحتى النواب كأفراد، بأن تركيبة المجلس الحالي والذوق الشعبي لا يسمحان حتى بإسقاط أي وزير عبر بوابة الاستجواب ومن خلال طرح الثقة فيه، وهذا ما أثبتته جميع الاستجوابات التي شهدها المجلس الحالي، ووصل عددها إلى خمس حالات رغم صعوبة الوضع في استجواب وزير الإعلام ونجاته بفارق أصوات قليلة كانت بيد أعضاء كتلة العمل الوطني.
وبالتالي، فإن استجواب رئيس الحكومة أصبح مقدماً على وزرائه لأن النتيجة واحدة وهي سقوط الاستجواب، وهذا ما قد يعتبره النواب المستجوبون إنجازاً سياسياً وشعبياً وزيادة في رصيدهم البرلماني، ولذلك فحتى النواب في كتلة العمل الوطني لديهم قناعة راسخة مسبقة بأن استجواب وزير الشؤون على عدم تطبيق قوانين الرياضة سيلاقي نفس المصير، وإن وصل به المقام إلى طرح الثقة، وهنا يكون الاستهداف المباشر لرئيس الوزراء أوقع في بعديه السياسي والشعبي وإن فشل.
أما العامل الثاني، فيتمثل في كون الكثير من الاستجوابات غير موجهة عملياً إلى رئيس الحكومة أو الحكومة كسلطة تنفيذية بقدر ما هي موجهة إلى بعض النواب، في ظل صراع نيابي-نيابي بلغ حد كسر العظم، ولذلك فإن الانقسام النيابي وفقدان الثقة بين معظم الكتل البرلمانية، وحتى بين الكثير من النواب لا يوفر الحد الأدنى من التنسيق داخل مجلس الأمة لتبني استجواب محكم ومتين ومتفق عليه في موضوعه وتوقيته، وبالتالي في تقدير قوته ونتيجته، وهذا ما يدفع الكتل منفردة إلى توجيه المساءلة لرئيس الوزراء مباشرة.
أما المحصلة النهائية لهذه الظاهرة فنجدها واضحة في فقدان المساءلة السياسية لبريقها وتأثيرها السياسي، بل وصلت الحال إلى الضعف الكبير في هيبة المجلس والأدوات الدستورية، ولا أتصور بالفعل أن هناك مرحلة طوال العهد الدستوري نعمت خلالها الحكومة براحة بال والإحساس بالأمن السياسي، وعدم الجزع من الاستجواب مثل الفصل التشريعي الحالي!
تعليقات