تداعيات الهجوم على أسطول الحرية:
عربي و دوليالمكسب الايراني والجسارة التركية والخسارة الكويتية
يونيو 6, 2010, 5:02 م 2695 مشاهدات 0
غير قابلة للتسمية،ذلك هوالوصف المناسب لمايجري منذ أسبوع أمام سواحل غزة. فقد سميت أزمة سفن الحرية، وسفن الاغاثة،والغطرس الصهيونية ، وحلقة من الصراع العربي الاسرائيلي،والجسارة التركية،والنفاق الاميركي، والعجز العربي،ومهرجان التكسب الموسمي، بل وحتى الصراع الايراني التركي،والشيعي السني ،كما وصفها عبد اللطيف الدعيج .
يقول البدو ' لا تكره الصائح إذا صاح،الرزق باطراف العجاج ' ،فمتى كانت الازمات كان للبعض رزقا منها حتى ولو كان هناك اختلاف على تسمية الحدث. فقد أوقدت الجمهورية التركية بزعمة حزب العدالة والتنمية المسلم المحافظ، المعتدل، غير المعادٍ للغرب، اوقدت النار تحت قدر القضية الفلسطينية امتدادا لجهودها في البحث عن دور اقليمي اكبر في قضايا الشرق الاوسط . لكن القدر أنكفأ بفعل غطرسة الصهاينة من أجلاف وحدة ' شايطيت ' Shayetet 13 للعمليات البحرية الخاصة في حدث رغم احساسنا بصغره الا ان مدي تبعات ذلك الحدث و أثرها و شدتها ستكون اكبر مما نتصوره حاليا ،واقبل اكثر من طرف يمد بده للطعام المتناثر .
عانت تركيا من سؤ العلاقات مع جيرانها طوال القرن الماضي من اليونان الى سوريا الى العراق وحتى إيران. وقد خطت منذ وصول حزب العدالة خطوات ناجحة في سعيها لاحتواء تلك الخلافات، لكنها وعت ان كسب معظم دول الشرق الاوسط يتطلب إعادة ترتيب الأوراق التي تلاعب بها اسرائيل .وما إرسال سفن الحرية ذات الاغلبية التركية بين ركابها الا حركة ضمن سياق اللعبة مع اسرائيل . وتلك جسارة لعل من ثمارها ما تردد في تل ابيب على لسان رئيس الموساد من أن العلاقات الاسرائيلية الاميركية تمر في ادنى مستوياتها . بينما تردد في واشنطن شكوك حول جدوى الاستمرار في التعاون مع تل ابيب فيما لدى الولايات المتحدة خيار لارتباط استراتيجي أفضل ،هو انقره التي لايناصبها أحد العداء في الشرق الاوسط .
في3يوليو2010م كان من المقرر ان تضع الولايات المتحدة بين يدي اعضاء مجلس الامن الدولي للتصويت عليها حزمة جديدة من العقوبات ضد ايران . لكن ازمة غزة جعلت واشنطن تقرأ النتائج السيئة قبل التصويت، فقد كان هناك جدل حول شرعية ما قامت به اسرائيل، ولعل أوضح مؤشرات فشل المشروع الاميركي لو طرح في حينه موقف لبنان الذي ترددت انباء عن امتناعها عن التصويت لصالح العقوبات. لذا أعلنت واشنطن انها ستعيد المحاولة في 21 يونيو بعد ضمانها كسب مرور الحزمة من قبل اغلب الـ15 عضوا في المجلس حاليا .
أعطت الحادثة ايران الوقت الذي تريده لتبريد العقوبات،حيث كسبت موقف تفاوضي افضل في وجه واشنطن ،مستغلة المزاج الدولي حيال الشرق الاوسط برمته بعد حادثة غزة ،بل إن الحادثة قد دفعت صقور واشنطن لحني رؤسهم، وغياب نبرة التشدد حيال ايران،وهم الذين كانوا فيما سبق يتبنون الطروحات الاسرائيلية المتطرفة لمهاجمة طهران عسكريا . وتبدوا ايران للمراقبين واثقة من قدرتها على اجبار واشنطن على التفاوض للحصول على المكاسب التي طالما طالبت بها وتضم أولا : دورها في اللعبة السياسية في العراق،ثانيا :حقها في برنامجها النووي ،ثالثا :التكفل الاميركي بتوفير الضمانات التي تحمي نظام الملالي من السقوط في طهران،واخيرًا اعتراف الولايات المتحدة بنفوذ ايران الاقليمي في الخليج العربي وذلك ما يقلقنا لانه يعني عدم قدرة الولايات المتحدة على بناء قاعدة في قطر او بيع الكويت نظام الدفاع الجوي باتريوت او اجراء مناورة اميركية سعودية الا بعد موافقة طهران او ابلاغها بذلك حتى لا يتعكر مزاجها نتيجة تجاهل نفوذها الاقليمي . لقد راهن الغرب على تبرم ايران من نجاح تركيا في شد الاضواء كمنقذ لشعب غزة،لكن طهران لم تظهر ذلك وتسامت فوق المشاعرالتي قالوا بها كما جاء على لسان المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران اية الله السيد علي خامنئي حين طالب بمحاكمة رئيس الوزراء الاسرائيلي ووزير دفاعه بسبب الهجوم الدامي على اسطول الحرية. أما الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد فقد قدم تعازيه الى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في استشهاد عدد من الاتراك في الهجوم الصهيوني،وطالب بفرض عقوبات على اسرائيل .
لقد صور العديد من الكتاب في الساحة الكويتية تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة ووزير المواصلات د.محمد البصيري حيال الانسحاب من مبادرة السلام العربية عقابا لاسرائيل بانه توريط للكويت، رغم ان الرجل كان يتحدث في لحظات الانفعال العروبية التي سادت المجلس، وكان يوضح موافقة الحكومة على التوصيات التي تمت في تلك الجلسة،ثم استدرك الرجل ولو بعد حين. لكن من أقاموا له المشانق لم يكونوا على استعداد لهدمها دون ان تراق فوقها الدماء. ولقد بارك خطوة الكويت اكثر من جهة محلية وخارجية رغم انها كانت خطأ اجرائي في الجلسة، والتي كانت تعبير عن رغبة الشعب الكويتي ممثل بالنواب،فقد هلل لها اهل غزة كما باركها السيد حسن نصر الله والاخوان في مصر وجهات عديدة اخرى ومعظمهم من جلدنا بنقده وقذفه لمدة عقد ونصف . لقد كانت التوصية بالانسحاب من المبادرة العربية للسلام رغبة شعبية تعادل مشاركة ابطالنا في فك حصار غزة،وهم الذين جعلوا اسم الكويت يعود لساحة الصراع العربي الاسرائيلي بعد طول غياب.وقد سبقنا في الترحم على المبادرة خدم الحرمين الشريفين وهو صاحبها،و الذي اعلن قبل اشهر انها لن تضل معروضة للصهاينة للمدة التي يريدونها . ولو تبنت حكومة الكويت الانسحاب كما قال البصيري لكسبت تبني ارادة شعبها ، وكسبت رجوع شعبية الكويت المفقودة الى الشارع العربي الذي جفل منا بفعل دعاية البعثيين ومن على شاكلتهم ،وحققنا ما حققته تركيا من شعبية أقلمية في اسبوع واحد لكننا خسرنا الفرصة التي كسبت فيها ايران مجلس الامن ولو الى حين، وأضافت انقرة مكافأة جسارتها الى رصيدها الاقليمي .
تعليقات