.. وحسين الراوي يصفهم بكوماندوز الحكومة

زاوية الكتاب

كتب 899 مشاهدات 0





حسين الراوي / أبعاد السطور / كوماندوز الحكومة!

 
ما أن يهدد ويصرح أي نائب بأنه سوف يستخدم أداة الاستجواب الدستورية ضد أي عضو في الحكومة يخرج علينا فجأة مجموعة من النواب يدهنون بلاعيمهم بزيت الخروع، ويلبسون فوق رؤوسهم الخوذة، ويتحزّمون بحزام على يمينه قنبلة عنقودية وعلى يساره سكين فولاذ، ويرتدون درعاً سابغة على صدورهم وظهورهم، وينتعلون أحذية ضد الحريق والثلج، ثم يخطّون وجوههم باللون الأسود كما يفعل بالضبط رجال الكوماندوز! ثم يدافعون عن الحكومة دفاعاً مستميتاً لا رحمة فيه، حتى يتبادر أن تسأل نفسك هذا السؤال بتعجب شديد: هذا وهو مجرد عضو عادي يدافع جذي، شلون أجل لو كان وزيرا؟ ما أدري، يمكن راح يقطّع نفسه!
حكومتنا ما تمشي إلا بالاستجوابات، ومشاريعنا ما تمشي إلا بالاستجوابات، ووزراؤنا لا يلتفتون إلى وزاراتهم والتجاوزات التي فيها إلا بالاستجوابات، ومصالح المواطن المسحوق والمواطن الكادح والمواطن ذو الطبقة الوسطى لا تمشي إلا بالاستجوابات، وجشع بعض التجار وسطوتهم ونفوذهم لا يتوقف زحفه في هذا الوطن إلا بالاستجوابات، ومشاكلنا وكوارثنا البيئية لا ينظر لها بعين الرأفة والرحمة والشفقة والإنسانية إلا عبر الاستجوابات، والسرقات الضخمة والهدر المالي في الدولة لا تتوقف (حنفيّته) إلا بالاستجوابات، وطغيان وظلم بعض المسؤولين في وزارات الدولة لا يردعه أو يُنهيه إلا الاستجواب... ورغم كل هذه البركة للاستجوابات في هذا الوطن يأتي من يطلق على النائب المستجوب لقب (نائب تأزيم)! عندما يأتي أي نائب ليدافع عن المواطنين الغلابة عبر أي استجواب يقدمه ضد الحكومة يقولون عنه نائب تأزيم، وعندما يأتي أي نائب ليدافع عن حرمة المال العام وحق الشعب عبر أي استجواب يقدمه ضد الحكومة يقولون عنه نائب تأزيم، وعندما يشتعل غضباً آلاف المواطنين بسبب رجل رويبضة يسبهم ويشتمهم عبر المراحيض الفضائية فيقوم أحد النواب بالأخذ بخواطرهم عبر استجواب يقدمه ضد الوزير المتهاون في تطبيق القانون، يأتي من يصف ذلك النائب بنائب تأزيم، وعندما يشطح بعض الوزراء في تأدية أماناتهم الوزارية كما يجب ويأتي أي عضو يقدم ضده مشروع استجواب، يقولون عنه نائب تأزيم، وعندما يأتي نائب ليدافع عن حياة وصحة آلاف المواطنين في أُمّ الهيمان عبر استجواب يقدمه ضد الحكومة يقولون عنه نائب تأزيم! إذاً بحسب هذه المعادلة المصخرة يكون معظم أفراد الشعب الكويتي مواطنين مؤزّمين، ويستنشقون التأزيم، ويأكلون ويشربون التأزيم، وينامون ويصحون على التأزيم! فإذا كانت حقوقنا لا نأخذها إلا عبر الاستجوابات، وإن كانت كرامتنا لا تُحترَم إلا بالاستجوابات، وإن كانت أموال الشعب لا يذاد عنها إلا بالاستجوابات، وإن كان بعض المسؤولين الطغاة لا يوقفهم ويردعهم إلا الاستجوابات، وإن كانت صحة المواطن لا تهتم لها الحكومة إلا بالاستجوابات... فنعم نحن مؤزمون ولا فخر، مؤزمون بكل قوة، وكل نائب برلماني مؤزّم سنحتضنه بكل حُب وسنعيده بكل قوة ليجلس على كرسيه تحت قبة البرلمان مراتٍ عديدة. أما النواب الحكوميون أكثر من الحكومة! فغداً سوف يجلسون منسيين في ديوانياتهم غير مأسوف عليهم، لا يذكرهم أحد بشيء يشرّفهم، سوى أنهم كانوا مجموعة من فرقة كوماندوز تعمل لصالح الحكومة!


حسين الراوي 

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك