تركيا هى الرابح الأكبر من تداعيات أسطول الحرية برأى ذعار الرشيدي
زاوية الكتابكتب يونيو 3, 2010, 11:49 م 1775 مشاهدات 0
تركيا ولعبة أسطول الحرية
الجمعة 4 يونيو 2010 - الأنباء
بادئ ذي بدء أعلن عن كامل فخري واعتزازي بالكويتيين الذين شاركوا في أسطول الحرية وأعلم أنهم ما شاركوا وواجهوا احتمالية الموت إلا من منطلق إنساني بحت ولم يكونوا باحثين عن شهرة ولا غيرها ويكفي أن مشاركتهم ودون قصد منهم منحت الكويت وفي ثلاثة أيام فقط صورة إعلامية إيجابية في الشارع العربي وهي الصورة التي عجزت عن أن تحققها وزارة إعلامنا لأكثر من 20 عاما سواء بقنواتها ذات الميزانية المليونية أو عبر مكاتبها الإعلامية قبل أن تغلق وتتحول إلى مكاتب تشريفات.
ولكن إذا ما أردنا أن نتناول حكاية أسطول الحرية بتجرد فعلينا أن نبتعد تماما عن العواطف وأن نحسبها حسبة عقل ونتابع انعكاساتها سواء على الساحة المحلية أو الإقليمية أو العالمية، ولنعرف من المستفيد مما حدث ومن خسر ومن لم يتغير معه شيء.
مرت الآن خمسة أيام على الهجوم الإسرائيلي على قافلة الحرية، والنتيجة التي بين أيدينا هي أن الرابح الأكبر سياسيا هي تركيا وليس أحدا آخر.
تركيا وقبل قافلة الحرية كانت في ذيل قائمة اهتمام الاتحاد الأوروبي وتعتبر شريكا رهن الحاجة لا أكثر للولايات المتحدة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما انتبه اليه الساسة الأتراك في أنهم لو بقوا على أمل محاولاتهم إرضاء دول الاتحاد الأوربي من أجل الانضمام إليه فلن يحققوا أي شيء يذكر، وأيضا لكونهم مجرد شريك مؤقت للولايات المتحدة الأميركية فلن يتحركوا قيد أنملة وستظل تركيا دولة «لن تطول عنب أوروبا ولا بلح الولايات المتحدة الأميركية».
فقامت تركيا بمحاولة العودة لأصولها الإسلامية ونفضت الأتربة عن جذورها الإسلامية وبدأت تدخل بقوة في العمق العربي والإسلامي للتحول في غضون 5 سنوات في محاولة منها للتحول من دولة إسلامية إلى دولة إسلامية مؤثرة بعد أن علمت أنه لا أمل لها ـ وبعد أكثر من 20 عاما ـ في الحصول على رضاء الأوروبيين، وكل ذلك ليس من أجل القضية الفلسطينية ولا من أجل عيون العرب بل من أجل أن تتحول إلى دولة تحمل رقما صعبا في المشهد السياسي بالشرق الأوسط.
ويرى محللون سياسيون ومنهم الفلسطيني عبد الستار قاسم أن بداية العودة التركية إلى جذورها الإسلامية على حساب علمانيتها جاء في العام 2002 عندما رفضت تركيا مشاركة الولايات المتحدة الأميركية في الهجوم على العراق، كما يرى مركز الزيتونة للاستشارات للدراسات الإستراتيجية في تحليل نشرته صحيفة الغد الأردنية في 12 مايو الماضي أن تركيا انفتحت على محيطها الإقليمي والعربي والإسلامي بشكل واضح وتوجته بموقفها المتشدد من إسرائيل في حربها الأخيرة على غزة وكان الموقف التركي الأكثر بروزا بين جميع المواقف الإسلامية وحولها إلى رقم صعب في الشرق الأوسط.
بل ويرى المحللون «المنطقيون» أن الدخول التركي سيأتي على حساب دول عربية وإسلامية وسيأخذ حصة من أدوار تلك الدول العربية في المنطقة ويسحب البساط منها، وقد حصل هذا فعلا.
ولكن أهم نجاح لتركيا حسب وجهة نظري هو أن تركيا توجت محاولاتها في موقفها من أسطول الحرية بأن علمها بدأ ينتشر في جميع المظاهرات العربية، فقد رأينا العلم التركي في مطار الكويت وفي مظاهرات في غزة وكذلك في اعتصام في الأردن ودمشق والقاهرة.
وبدأ «العاطفيون» في الشارع العربي يرون في تركيا المخلص لمشكلات العرب، بل ذهبت العاطفة ببعضهم إلى أنهم نادوا وعبر الفضائيات أن تقود تركيا العالم الإسلامي.
من هذا كله لابد أن نعرف أن تركيا هي دولة تبحث عن تقدم في مركزها السياسي في المنطقة عبر تبنيها القضية الفلسطينية أو جزءا منها، وهذا من حقها بل ومن كامل حقها ولا أحد ينازعها عليه ولكن علينا أن ننفض غبار العاطفة عن عيوننا ونرى الأمور كما جرت لا كما نريد لها أن تجري.
نعم شارك كويتيون في أسطول الحرية وهذا نفخر به، ولكن العقل والتجربة العربية المريرة تقول لنا ان الأمر ليس بأكثر من سياسة دولة تبحث عن موطئ قدم لها في الشارع العربي لتساوم به الغرب لاحقا، وقد نجحت تركيا بالفعل في اكتساح قلوب «العاطفيين» ولكن العقلاء فقط يعلمون أن الأمر مجرد مناورة سياسية أخرى لتركيا لترفع تصنيفها السياسي في عيون شركائها غير الراضين عنها من الأوربيون أو في عيون حليفتها الشرفية الولايات المتحدة الأميركية.
وأخيرا: نعم أؤيد مشاركة الكويتيين مرة ثانية وثالثة ورابعة في أي أسطول حرية قادم من أجل فك الحصار عن إخوتنا الفلسطينيين في غزة، ولكن هذا لن يمنعني من أن أقيس الأمر بعقلانية وأن أعرف أن المشاركة إنسانيا شيء والبعد السياسي لذلك الأسطول شيء آخر تماما.
تعليقات