تفاعلاً مع مقالات الأستاذ 'علي المتروك'
زاوية الكتاب'لماذا تنشأ محاكم خاصة للشيعة ؟'
كتب يونيو 3, 2010, 4:53 م 2362 مشاهدات 0
تابعت بإمعان شديد مقالات الأستاذ الفاضل (علي يوسف المتروك) في جريدة الوطن والتي عنونها بـ (دعوة للتقارب بين السنة والشيعة) كما تابعت مقابلته الشيقة الأخيرة في إحدى الدواوين ، وقد وجدت في طرحة رقي فكري وحس وطني وعمق ديني أصبحنا نفتقده اليوم – وهذا ليس بغريب عليه طبعاً - وأنا هنا في هذا المقال لا أطرح رأياً مسلماً به إنما اطرح دعوة للنقاش العلمي الهادئ من واقع مدني ووطني وقانوني شرعي بحت :
والسؤال الذي يطرح نفسه :
لماذا أنشئت دوائر الأحوال الشخصية الجعفرية لنظر القضايا الخاصة بالأحوال الشخصية لمتبعي المذهب الجعفري ؟ هل كان هذا بطلب منهم أم بطلب متبعي المذهب السني ؟ أم من المجلس التشريعي والحكومة ؟ وما المقصود منه؟ أليس المذهب الشيعي مذهب إسلامي من ضمن عدة مذاهب إسلامية تختلف في آرائها الفقهية ، وألم يحسم قانون الأحوال الشخصية مسألة الخلاف الفقهي بين المذاهب بأن اختار رأياً فقهياً واحد وجعله قانوناً ، لماذا لم يشتمل هذا القانون متبعي المذهب الجعفري كما فعل بباقي المذاهب ؟
إن كان هذا الإنفراد بطلب متبعي المذهب الجعفري أليس في ذلك تفرقة بينهم وبين غيرهم ، وان كان من أبناء السنة أليس في ذلك إهانة لمتبعي المذهب الجعفري ، وان كان من المجلس التشريعي والحكومة أليس في ذلك تفرقة بين أبناء الوطن الواحد مهما اختلفت مذاهبهم الفقهية وترسيخ للفرقة والخلاف؟
-وماذا لو اتبع بعض فئات المجتمع أحد المذاهب الفقهية وأصبح لهذه المذاهب اتباع كثر هل تنشأ لهم محاكم خاصة لذلك ؟
ومن ناحية فقهية قانونية بحته ما هي الفروقات بين المذهب الجعفري والقانون المعمول به ؟ انها بلا شك بسيطة وبسيطة جداً ايضاً ولعلي لا أكون مبالغاً أن قلت أن الفروقات الفقهية بين المذهب الجعفري والسني في قضايا الأحوال الشخصية لا يمكن بأي حال أن تكون أكثر من الاختلافات الفقهية بين المذاهب السنية ذاتها .
ولنضرب على ذلك مثالين : أولهما : خاص بمسألة الوصية الواجبة التي أوجبها القانون لأبناء الابن إذ توفى قبل أبيه ، وهي من المسائل التي لا يراها الشيعة صحيحة ، وللعلم فإن بعض قضاة المحكمة السنية لا يرون صحة الوصية الواجبة بل إن بعضهم يرفض التوقيع على حصر الإرث إذا اشتمل على وصية واجبة ، كما أن بعض قضاة الشيعة ينصح الورثة بإعطاء أبناء أخيهم أي شيء من التركة إرضاء لهم ... إذ المسألة ليست خلاف بين فقهاء الشيعة والسنة فقط ... وعندما حسم القانون هذه المسألة لم يعد للخلاف الفقهي مكان.
وثانيهما : مسألة إنهاء سن حضانة النساء للأولاد فإن هذه المسألة كما يعرف الجميع ليست مسألة خلافية بين الشيعة والسنة فقط بل إن المذاهب السنية مختلفة فيها اختلافاً كبيراً جداً وقد حسم القانون هذه الخلافات باختيار رأياً واحداً ... وقس على هذا كثير من المسائل الفقهية الخاصة بقانون الأحوال الشخصية ... الخلافات ليست شيعية سنية، الخلافات هي طبيعة الفقه الإسلامي وحسم الأمر بالقانون كأن يجب أن لا يفرق بين المذاهب الإسلامية وكان يجب أن ينضوي تحت لوائه أتباع المذهب الشيعي ... علماً بأن المذكرة التفسيرية لقانون الأحوال الشخصية ذكرت أقوال علماء الشيعة في شرح مواد القانون.
-قد يقول قائل أن الخلاف بين المذهب الجعفري والسني أكبر بكثير في مسائل الأحوال الشخصية وهناك مسائل تمس صحة قيام الزوجية وميراث الزوجة التي لا تورث إلا في المباني عند الجعفرية ولا يقوم طلاق الزوجة وهي حائض مثلاً... وأقوال أن الخلاف في مسائل الميراث وصحة وقوع الطلاق في بعض الحالات عند فقهاء السنة أكثر بكثير من هذا ولو تتبعنا أقوال المذاهب لوجدنا كم من الخلافات لا يمكن حصرها .
1- أظن وتأصيلاً لمبدأ الوطنية وبعداً عن الخلافات الفقهية التي قد تشق صفوف المسلمين أنه كان على السلطة التشريعية عدم التفرقة بين أبناء المسلمين ، كما أظن انه على الدولة وضع خطة لمحو هذه الفرقة ولو مستقبلاً ، وعلى أبناء الشيعة والسنة غير المتعصبين منهم مناقشة هذا الرأي بهدوء ورويه خاصة وأننا انتهجنا في محاكمنا تقنين الفقه بعداً عن خلافات المذاهب .
بدأت مقالتي بأن الوازع لكتابة هذا المقال كان الطرح الراقي للأستاذ / علي يوسف المتروك وكم أتمنى أن يستمر هذا النقاش بهذا الرقي لينتج عنه فكراً جديداً.
محمد صالح السبتي
تعليقات