هل ابتلع الصهاينة طعما تركيا؟

عربي و دولي

الفشل العسكري الإسرائيلي في عملية 'رياح السماء'

4518 مشاهدات 0


الحرب الوقائية هي أحد مظاهر الخوف الذي يراود بحدة العقل الباطن اليهودي منذ أن هاجم نبوخذ نصر القدس وهزم ملكها 'صدقيا بن يوشيا'  ونقلهم اسرى إلى بابل عام 586 ق.م. هذا الخوف ولزومية الهجمات الوقائية  لم تكن وليدة اللحظة في صباح 31 مايو 2010م بل كانت ولا تزال جزء من العقيدة القتالية الاسرائيلية،لذا شكل الصهاينة العديد من الوحدات العسكرية المكلفة بالعمليات الاستباقية التي تسهل عمل الجيش أو تردع  خطط العدو الدائم الكامن في وجدانهم.  وفي تحد للنحس الذي يمثله الرقم 13، اطلق الصهاينة على  صفوة قواتهم المخولة بالعمليات البحرية الخاصة اسم ' شايطيت   Shayetet 13'  حين تأسيسها عام 1948م .ولان لكل من اسمه المنحوس نصيب  فقد توالت إخفاقات الوحدة خلال أكثر من نصف قرن مع مكابرة صهيونية لافتة للنظر .

 قد كانت أبرز عملياتها الفاشلة في اليوم الاول من حرب حزيران 1967م حين القي المصريون القبض على 6 من عناصرها خلال مهمة سرية في ميناء الاسكندرية.وفي 1969م قتل ثلاثة من عناصرها وجرح 10 خلال غارة الجزيرة الخضراء المصرية، كما خسرت بعض رجالها في 1973م في عملية ربيع الشباب'  Operation Spring of Youth '  حين اغارت على بيروت واغتالت  كمال ناصر، وكمال عدوان، وأبويوسف النجار. وفي  8 سبتمبر 1997صفع حزب الله اللبناني  تلك الوحدة صفعة مدوية في منطقة الأنصارية، حيث قتل 11 جنديا بما فيهم قائدالوحدة. وفي عام 2006  داهمت متدربي الوحدة أمراض السرطان جراء تلوث مياه نهر قيشون في حيفا  بمواد جرثومية وكيماوية وكان النهر يستعمل  لتنفيذ تمارين وتدريبات غوص لأفراد الوحدة.

 لم يكن لسؤ الطالع دخل فيما  حدث صباح 31 مايو 2010م وادى لمقتل 20 مدني على اسطول الحرية،بل كان فشل عملياتي كبير تتحملة قوة الصفوة ' شايطيت   Shayetet 13' ويتحملة الجيش الاسرائيلي كله.ويتوقع ان يطيح بروؤس عدة في المؤسسة العسكرية الاسرائيلية.
 لقد استهلت الوحدة اخطاءها بالاعتماد على تقارير الموساد،وكما تمت تعرية الموساد على يد الفريق ضاحي بن خلفان بن تميم ورجاله في دبي ، فشل الموساد في جمع المعلومات المطلوبه عن السفن وهي تستعد للابحار الى غزة من حيث تقدير الخطرالممكن من الناشطين ومن الادوات والعدة الموجودة على ظهر السفن .ولعل اضعف تبرير صدر حتى الان في هذا السياق هو القول بأن القوات الخاصة قررت تنفيذ العملية في المياه الدولية قبل ان تتخلص سفن الناشطين من مطلوبين لاسرائيل ومن اسلحة وممنوعات كانت في طريقها الى قطاع غزة .

 لقد تجاهل رجال ' وحده شايطيت   Shayetet 13'   أن الانزال البحري بين السفن  كان ولايزال منذ عصر الارمادا الاسبانية الغابر من أعقد وأخطر العمليات الحربية ، وقد تطور في العصر الحديث ليسمى  (VBSS) اختصارا لمهمات أربع هي الزيارة“visit' والانزال' board',  والبحث 'search' و الاقتياد ' seizure”  .وقد ظهر الفشل في زوايا المهمة الاربع ، فقد كان بمقدور الناشطين المدنيين اعاقة وضع سلالم الحبال بين السفن، او تلقف النازلين بالحبال من المروحيات بالاسلحة البيضاء والعصى وكل ما يشكل اداة ضرب. بل إن خراطيم اطفاء الحرائق -كما يقول خبير عسكري – يمكن ان تشكل خطرا اذا استخدمت لابعاد سفن المغيرين الصهاينة المطاطية من ان تلتصق بسفن الاغاثة . لقد كان على ظهر السفن ما يصل الى 700 راكب وكان منهم من ينام على السطح مباشرة مما يلغى  ذريعة المفاجأة  لدى الاسرائليين لو تعذروا بتطور الموقف العملياتي وخروجه عن السيطرو ومقتل اعداد كبيرة من المدنيين .

لقد كان من الاخطاء العملياتية التي اقترفتها اسرائيل في تنفيذ العملية التي سموها رياح السماء'  Operation sky wind'  عدم الاهتمام بحجم الحشد ، فقد كانت القوة المغيرة صغيرة جدا مقارنة بمن كان ينتظهرها على سطح السفن، وكانت تعول على تقنيات المفاجأة والضرب بقوة والاحتواء السريع للموقف والسيطرة على طاقم السفن والركاب، وهذا ما لم  يحصل ، فقد تم طرح بعض الجنود الصهاينة أرضا ساعة هبوطهم من المروحيات وانتزع سلاحهم ووجه الى نحورهم،مما اطال فترة السيطرة فكثر عدد المقاومين وشجع اخرين على المقاومة فبدأ الصهاينة باستخدام النار .

لقد  تجاهل الصهاينة مواقف طالما مروا بها وتتمثل في صعوبة التعامل مع تمرد الفلسطينيين ومناصريهم والناشطين في هذا المجال بعد القاء القبض عليهم ، وصعوبة وضعهم تحت السيطرة بيسر كما هي الحال مع المتظاهرين والمناهضين للسلطات في ارجاء اخرى ،حيث سلك الصهاينة اقصر الطرق وهي قتل الناشطين الذين قاوموهم . كما اخطأ الاسرائيلون ايضا عندما استخدموا القنابل المسيلة للدموع في وسط محدود المساحة بين جموع غفيرة وكأنهم في شوارع الخليل ،مما جعل الجنود الصهاينة انفسهم ضحية لاثر تلك الاسلحة التي شكلت سحب اثارت العلع في قلوبهم وكان الحل في استخدام السلاح .

وقد حاول الجيش الاسرائيلي تغطية اخفاقاته بالقول عن استخدام جنود وحدته الخاصة لاسلحة تحمل كرات أصباغ ' paintball guns '، وإن الذخيرة الحية كانت في الجيوب الخلفية لمنتسبي الوحدة ، حيث لم يسبق ان استخدم احد من قبل قاذفات كرات الصبغ  لغير اغراض التدريب ،ولو كانت نية الصهاينة عدم ايذاء احد لما قتلوا 20 مدنيا ، لقد كانوا في حل من اية التزام اخلاقي او دولي ولوكانوا غير ذلك لاستخدموا الطلقات المطاطية التي لايستخدمها احد في العالم  بقدر استخدامهم لها 

بالمقاييس العسكرية كانت عملية رياح السماء فشل ذريع لوحدة يجلل الفشل سجلها العسكري و تسمى ' شايطيت Shayetet  13'  وكانت النتيجة  كما صرح الناطق باسم الجيش الإسرائيلي'أن الجنود تعرضوا لإطلاق النار والاعتداء بالسلاح الأبيض من قبل ركاب السفن الذين استخدموا السكاكين والهراوي. كما خطف بعضهم السلاح الشخصي من أحد الجنود وفتحوا كما يبدو النار منه.' ومن جهة اخرى قد يكون اختيار الوحدة بجلافتها وعشوائية تنفيذ مهماتها امر مقصود في الاصل لخلق الاجوء التي تلبدت بها سماء القضية .

وهنا نتساءل عن سبب الغطرسة الاسرائيلية حيال قضية كانت تحت مجهر العالم بكل تفاصيلها ؟ فهناك من يقول انها كانت طعم تركي ابتلعه الصهاينة بغباء و سيطيح بدون شك برؤوس اسرائيلية عدة . وهناك من يذهب الى إن الانزال الاسرائيلي بالقوة بدل اجبار السفن على مرافقتها،أو تكليف الضفادع البشرية الاسرائيلية إعطاب محركات السفن وسحبها الى ميناء أشدود،  استهدف قتل وجرح أكبر عدد ممكن من المواطنين الأتراك الذين كانوا يمثلون الاغلبية على تلك السفن لإذلال أردوغان، و غول، و حزب العدالة، وتصويرهم كعاجزين عن حماية مواطنيهم ،ووتشويه صورتهم امام الشارع العربي الذي اعتقد لوهلة بامكانية ان تكون تركيا هي اللاعب القوي الموازن لاسرائيل في الشرق الاوسط .

د.ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك