بعد 29 عاما، هل نفلت من التراجيديا الاغريقية ؟
عربي و دوليليتنا نتريث بالعملة الخليجية كي لا نقع في الأزمات اليونانية
مايو 27, 2010, 10:01 ص 1667 مشاهدات 0
تتفتت معظم الشركات العائلية كما يقال بعد الجيل الثالث، بسبب زيادة عدد أفرادها واختلاف توجهاتهم والمخاطر غير المدروسة التي تستنزف ثروة العائلة. ومجلس التعاون لدول الخليج العربية ليس شركة عائلية فحسب بل شركة مختصة في بيع سلعة واحدة . و رغم تراكم الخبرات لا زال من استلم المشعل يواصل المسيرة، لكنه يدور في اثر خطوات المؤسسين الاوائل ممحصا في دراسات الجدوى الاقتصادية لايجاد سلعة بديلة لتلافي تقلبات سوق سلعتنا الوحيدة الناضبة.
والجيل في علم السنين والايام هو30 عاما أو نحوها، لذا نبارك لأنفسنا ولأخواننا في الخليج العربي مرور تلك السنين على صنع البرواز الذي جمعنا في لقطة جميلة حميمة . لكنه برواز يحتاج الى عمليات جلي مستمرة حتى لايعلوه الصدأ . ولعل اول ما نتفاءل به في بداية الجيل الجديد هو الواقعية البعيدة عن الرمزية أو العاطفية التي اخذت تحكم قرارات المجلس ،والتي عبر عنها وزير الخارجية الكويتي الشيخ د. محمد الصباح السالم الصباح في عمل المجلس حين قال 'انه امر غير مسؤول ان يمضي اعضاء مجلس التعاون الخليجي في العملة الموحدة دون دراسة تداعيات مشاكل الوحدة النقدية الاوروبية '.
فقد كشفت الازمة اليونانية أن ذلك البلد كان ضحية الغموض الذي احاط بحجم ديونها ، وعندما تجلت الحقيقة كانت الامور قد خرجت من سيطرة الحزب الاشتراكي الحاكم الذي كان ندا للشفافية طوال تسلمه للحكم . ولعل اهم ما يقلقنا في الخليج العربي هو ان الازمة قد اخذت في الانتشار مهددة اسبانيا والبرتغال ، أما الامر المقلقل الثاني فهو ان هذا يجري في منطقة اليورو وليس فس كتلة اقتصادية هشة في افريقيا او اسيا او بين جمهوريات الموز .أما الامر الثالث فهو موقف المانيا وهي اكبر اقتصاد بين دول منطقة اليورو ، واكبر دائن لليونان حيث جاء الحل الالماني بالطلب من الحكومة اليوناينة بيع بعض جزرها السياحية لها لسداد ديونها .
إن من الحكمة التريث في اقرار العملة الخليجية الموحدة، وليتنا تريثنا حين تم انشاء قوة درع الجزيرة التي كان قرار انشاءها طموحا عجولا ادى لقصور عملها في 2 اغسطس 1990م ، ثم الى تفكيكها مؤخرا. وليتنا نتريث قبل اقرار التنقل بالبطاقة حتى لا نلغيها عندما تثير محتوياتها خلافات حدودية وسيادية . في يوم أمس الاول الثلاثاء 25 مايو 2010م مضي 29 عاما على قيام مجلس التعاون ولا زالت مشكلات الحدود تحل إما بطيها في ملفات النسيان،أو بدبلوماسية الادب الجم ومحادثات النفس الطويل جدا حتى تبرد همة المواطن الخليجي المتابع لها . وما ذلك الاسلوب الا بديل لغياب كامل للاليات الواضحة لحل المنازعات الاقتصادية والسياسية،بل وعدم وجود مرجعية مختصة لحل هذه الخلافات إلا هياكل هشة توقف عملها قضايا السيادة .
لقد قال رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو إن حكومته ستقوم بإجراءات وتدابير تقشف من شأنها الحد من النفقات الحكومية وتقليل العجز في المديونية وتوفير الحاجات الأساسية للمواطن اليوناني، وإلغاء إجراءات الإسراف ومظاهر البذخ على كافة الأصعدة، لكن الشعب اليوناني الذي لم يكن معتادا على مثل هذه الشفافية ناهيك عن مدى صدقها ،خرج الى الشوارع مخلفا الدمار كرد على اجراءات حكومته التي اوصلته الى هذا الحال .
إن تلمسنا لبعض المواجع في مسير مجلس التعاون متزامنا مع ازمة اليونان الاقتصادية يجرنا الى زوايا حادة و يدخلنا في دائرة المحضور الذي لايتناسب مع الاحتفال بمرور 29 عاما على قيام المجلس، ولكوننا تواقين إلى تقدم دول المجلس لذا سوف نكتفي بطرح الاسئلة مراهنين على قدرتها في رسم الصورة المطلوبة. ومن تلك الاسئلة الحادة: من هي أثينا في الخليج ؟ ومن هي اسبانيا والبرتغال؟ بل من هي المانيا ؟ نقول ذلك وما أزمة دبي المالية عنا ببعيد ،فما هو الضمان لتوفير الحاجات الأساسية للمواطن الخليجي في حال انهيار اقتصاد أحدى دوله ؟
29 عاما ومجلس التعاون لدول الخليج العربية أسم يبحث عن أجندة لايتم تأجيل بنود قممها من قمة الى أخرى . وهيكل في حاجة الى عملية تحديث مؤلمة سواء من خلال العمل بمشروع خادم الحرمين الشريفين أو رؤية مملكة البحرين او رؤية دولة قطر،او حتى بالعودة لمشروع السلطان قابوس و المائة الف رجل لحل المعضلة الامنية.
لقد كنا نرى لو تريثت الامانة العامة في الاحتفال بمرور 29عاما وجعلت الاحتفال على مستوى اكبر في العام القادم حين يكون عمر المجلس 30 عاما بالتمام والكمال، لكن الفرق ضئيل ،وبالوتيرة الرتيبة التي يسير عليها المجلس لا نتوقع ان يتغير الكثير، فلن يتم انجاز المشروع النووي الخليجي الموحد، او العملة النقدية او المواطنة الخليجية الحقة وليس مواطنة رأس المال والتجار فحسب .
والمواطن الخليجي يغني بلسان ويصلي بلسان كما قال الشاعر السوداني المبدع محمد عبد الحي ،فهو يحتفل مع الامانة العامة مغنيا بانجازات المجلس ، لكنه يدعو الله ان لايكون مجلس التعاون لدول الخليج العربية هو قمة طموحنا وان لا يتعدى ان يكون مرحلة انتقالية لشكل من اشكال التعاون اكثر وضوحا وصلابة .
تعليقات