'بي.بي' وآخر كوارثها النفطية أمريكا
الاقتصاد الآنمايو 24, 2010, 12:06 ص 2212 مشاهدات 0
شركة بي. بي. اي بريتش بتروليوم لا تعتبر نفسها بأنها شركة بترولية، بل أنها تعتبر نفسها أكثر من نفطية وانها تجاوزت البترول حيث تسمي نفسها بأنها ما بعد البترول أي (Beyond Petroleum) بحيث تصبح مهمتها الأولى التركيز على المحافظة وحماية البيئة، لدرجة انها غيرت من الوانها، حيث أصبح اللون الخضر هو اللون الطاغي على جميع أنشطتها، والكارثة التي تواجهها بي.بي منذ 20 ابريل من الشهر الماضي في خليج المكسيك تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، خاصة اذا كانت المعلومات المتعلقة بكميات النفط التي تتسرب يوميا قد تتجاوز ال 5000 برميل في اليوم الواحد. مما تعتبر فضيحة أكبر من الكارثة نفسها وقد تجبر شركة بي.بي. بتقديم جميع مراسلاتها بين الرئيس التنفيذي للشركة وأعضاء مجلس الإدارة الى البيت الأبيض لتبيان الحقيقة، بعد تزايد كميات النفط المتدفقة الى البحر من 1000 الف برميل الى 5000 ، والآن الكميات قد تفوق هذا الرقم، مما يعني في نهاية الأمر اذا لم تستطع بي.بي. وقف هذا التسرب النفطي فإن احتمال تدخل وزارة الدفاع الأمريكية والجيش الأمريكي بالتدخل المباشر، و لتتحمل الشركة جميع المصاريف و النفقات. والتي قد تفوق 4 مليارات دولار، بالإضافة الى الأضرار التي لحقت وستلحق بالبيئة البحرية والشواطئ و المواطنيين.
النفط والتنقيب في أعماق البحار ليست بالمهمة السهلة وهذا ليس نهاية المطاف لشركة بي.بي. ولا للشركات النفطية العاملة في الخارج. وهذه تبقى أهم مهام الشركات النفطية بالبحث واستخلاص النفط والغاز من المناطق الصعبة والقاسية والعميقة، حيث لم تعد هناك مناطق سهلة، والمناطق السهلة ليست بحاجة الآن الى التقنيات الخارجية. والتجربة الحالية تعتبر كارثة لجميع الشركات النفطية، حيث أثبتت انها لا تمتلك الخبرات وغير قادرة على مواجهة المشاكل المائية وفي قاع البحار.
وفضح البحر الشركات النفطية بعكس الأرض التي تخفي عيوبها في باطن الأرض، حيث يتسرب النفط الى داخله ويضيع من دون معرفة أحد،اما في البحر فإن النفط سيطفو ويفضحهم ويصل الى الشواطئ ليكون الشاهد والدليل، وهذا مايحدث الآن وماحدث في الاسكا في عام 1989، ومن المؤكد ان الشركات ستواصل عمليات البحث والتنقيب عن النفط في المناطق الصعبة والوعرة ولكن تحت قوانيين اكثر شدة وقساوة وصرامة لمنع تكرار حصول هذه الحوادث المؤثرة على البيئة في أمريكا وفي الدول الأخرى مستقبلا.
وشركة بي.بي. البريطانية بالرغم من خبرتها العريقة في الصناعة النفطية، الاانها ليست محظوظة على الإطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تواجه أكثر من 3 حوداث نفطية مختلفة في 3 ولايات على مدار ال 5سنوات الأخيرة، وما ان تنتهي من تحقيق حتى تدخل في تحقيق آخر مع الكونغرس الأمريكي، والآن تواجه الرئيس الأمريكي والكونغرس معا، وجميع حوادثها النفطية تسفرعن قتل و جرح عدد كبير من العاملين، وفي الحادثة الحالية قتل 11 عاملا وأصيب 17 آخرون. واليوم تواجه الشركة الرئيس الأمريكي واتهامه المباشر لها 'بأن بي.بي. هي المسوؤلة عن الكارثة وعن التنظيف وعن المصاريف' و ستواجه مشاكل قضائية كبيرة من كل صوب وطرف، وقد تزيد عن 100 قضية أغلبها تطالب بتعويضات كبيرة بالإضافة الى تعويضات بيئية وتنظيف البحر والشواطئ التي قد تشمل 3 ولايات أمريكية مختلفة.
المشكلة الحالية التي تواجهها شركة بي.بي. هي كيفية التعامل مع الإعلام الأمريكي والذي يغطي كل بقاع وكل جزء من اجزاء هذا التسرب النفطي بكل دقة من تفاصيل وتحاليل متوفرة في جميع وسائل الاعلام، بالإضافة الى الضغوط السياسة ابتداء من رئيسها النشط والذي يبحث عن سبل لزيادة ايرادات الولاية من ضرائب أو تعويضات، ليشمل جميع اعضاء الكونغرس وجميع سكان ولاية لويزانا التي بالكاد بدأت تستعيد عافيتها من كارثة لتحل بها اخرى .
الكارثة ليست سهلة خاصة وان بعد مرور اكثر من شهر لاتوجد بارقة أمل في امكانية وقف هذا التسرب النفطي، من دون معرفة حجم كميات النفط المتسربة، والتي لم تصل بعد للشواطئ، وقد لا تصل وتقبع في أعماق البحر وهي مصيبة اخرى.
شركة بي.بي. تواجه اكبر تحد وأكبر كارثة في خليج المكسيك، وسيؤثر من دون شك على سمعة الشركة وستكلفها مبالغ كبيرة قد تؤثر على مصير بقاء الشركة على المدى البعيد .
طبعا الشركة مسؤولة وكذلك بعض ادارات الحكومة الأمريكية بإعطاء الموافقات اللازمة بالحفر في أعماق البحار، ومن دون وجود الخطة البديلة أي ( Plan B)، والحل يكمن في زيادة الرقابة على استخراج النفط بوجود ضمانات وتأكيدات على قدرة الشركات بالتعامل مع مشاكل البيئة ووجود الخطط البديلة، وتحمل الشركات النفطية اجمالي المصاريف والتكاليف وزيادة الغرامات والتعويضات، مما سيؤدي في النهاية الى زيادة أسعار النفط وزيادة في كلفة استخراج النفط، وسيتحمل المستهلك النهائي جميع هذه المصاريف المالية في النهاية.
تعليقات