دبلوماسية 'حدث بالخطأ' الايرانية

عربي و دولي

3659 مشاهدات 0

إيران وابتلاع العراق

يقتضي حادث 'الساعة والنصف' يوم الخميس الماضي الدراسة المنصفة والبحث في الاصول الفكرية والتاريخية والنفسية  للصراع  بين بغداد وطهران . ذلك الصراع الثاوي حاليا خلف صورة مقتدى الصدر المسندة باكياس رمل واسلاك حديد ايرانية، لانها  ببساطة خلافات متجذرة بعمق وطول تاريخ كلا الطرفين. أما النخب الحاكمة حاليا في بغداد والمبتسمة  جل وقتها لطهران فهي نتاج 'مظلومية 'الطاغية صدام حسين،وعندما تتلاشى في ثنايا التاريخ ذكريات فضائع الطاغية فسوف تنكمش بالضرورة هالة قدسية هذه النخب وستعود نظرة العراقيين لايران كسابق عهدها . ولطالما تأثرت العلاقات بين الطرفين بالاستثناء وليس القاعدة فازاحت الكرامة القومية جانبا عقلانية الجيرة والاخوة في المذهب والدين . لكن عملية التعريف لكلا المفهومين  تثير سؤالا صعبا من الناحية المنهجية، ويظل مبهما موقع العقيدة وموقع القومية في جدلية الثابت والمتحرك بين البلدين .
فقد تبادلت القوات الايرانية مع حرس الحدود العراقي النار في  13 مايو 2010م في منطقة الحدود في أقليم كردستان .وقد ذكر قائد حرس الحدود العراقي في السليمانية العميد أحمد غريب دسكارا ان تبادل النار الذي استمر لمدة 90 دقيقة قد جرى في قاطع شاميران التي تبعد 55 ميلا جنوب شرق السليمانية ونتج عنه اسر ضابط عراقي .
        وقد جاء حادث تبادل اطلاق النار بعد هجمات عدة شنها حزب بيجاك الكردستاني  الايراني على القوات الايرانية . مما يجعل احتمال قيام  معركة التسعين دقيقة ناتج  عن سؤ فهم من الايرانيين ،لاعتقادهم بأن حرس الحدود العراقيين هم من الحزب الكردستاني المناهض لطهران .
        لكن احتمال ان يكون اطلاق الايرانيين لنيرانهم على القوات العراقيه  عن عمد  كعرض للقوة يبقى أمر وارد في ظل  الخلافات على السلطة في بغداد، في اشارة لحلفاء طهران بضرورة التشدد في مطالبهم،والاستظلال بغبار مجنزرات جحافل الحرس الثوري القريبة من الحدود. كما يدعم احتمال قيام طهران بعرض قوتها  اقتراب  الخلافات الاميركية الايرانية حيال طموح ايران النووي المثير للجدل الى مرحلة مفصلية تتطلب من جمهورية ايران الاسلامية اظهار الكثير من الجلبة. وهنا نسترجع نفس الاسلوب الايراني  الذي جرى في ديسمبر 2009م عندما احتلت القوات الايرانية  بئر نفط عراقي في محافظة بيسان ولم تنسحب رغم انها تضم 11 عسكريا فقط الا بعد ان تأكدت طهران من وصول الخبر الى الاعمدة الاولى في صحف واشنطن وموسكو وبكين.
 
إن دبلوماسية حادث بالخطأ صناعة ايرانية صرفة أمتازت طهران بمهارة تسويقها، سواء عند اعتراض سفنها للفرقاطات الغربية،أو عند تحليق طائراتها من طراز اف-27   فوق حاملة الطائرات ايزنهاور، أوعند احتلال قواتها للابار العراقية، او اطلاق النار على قوات حرس الحدود العراقي لمدة  90 دقيقة ثم اسر ضابط عراقي دون ان تكتشف ان ما تقوم به هو ضد الخصم الخطأ . فهل ستفجر قنبلتها النووية وتقول ان صنعها قد تم نتيجة خطأ !

د.ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك