د.وليد الحداد يوضح كيف يمكن أن تدر مشاريع الـ B.O.T علينا 70 ملياراً خلال عشر سنوات؟

زاوية الكتاب

كتب 1427 مشاهدات 0





 
كيف يمكن أن توفر مشاريع الـ B.O.T علينا 70 ملياراً خلال عشر سنوات؟
 
الأحد 16 مايو 2010 - الأنباء
 
 

في الأسبوع الماضي أقيم مؤتمر الـ B.O.T من قبل اتحاد العقاريين، وبدعوة من الأخ العزيز أحمد الدويهيس أمين عام الاتحاد، حضرت أحد أنشطة المؤتمر وهو ورشة عمل حول التجربة البريطانية في مشاريع الـ B.O.T، ألقاها أحد الأساتذة البريطانيين والمتخصص في مشاريع الـ B.O.T بحضور جمع من الشركات العقارية الكبرى في الكويت وكثير من المهتمين والمتخصصين، ولقد استفدت استفادة كبيرة من الورشة مما دعاني إلى نقلها إلى الاخوة والأخوات القراء، مع التطبيق على الواقع الكويتي، وفي اليوم التالي كان لي لقاء في الإذاعة حول مفهوم إعادة اختراع الحكومة، كأحد المبادئ الإدارية الحديثة لإدارة الأجهزة الحكومية، ومنها الأخذ بمشاريع الـ B.O.T. ومشاريع الـ B.O.T هي اختصار لكلمة Build Operate Transfer، بمعنى إعطاء الحكومة أحد المشاريع العامة للقطاع الخاص، لبنائها وإدارتها، وثم تحويل الملكية أو تحويل الإدارة الى الحكومة بعد مدة زمنية معينة، ولجأت الحكومات إلى هذه الطرق بالإضافة إلى الخصخصة، لتخفيف العبء على الميزانية العامة، ولرفع مستوى جودة الخدمات، ولتوفير الوظائف للمواطنين، بالإضافة إلى عودتها لملكية المشروع بعد فترة من الزمن أو مشاركتها بنسبة معينة للقطاع الخاص في هذا المشروع.
التجربة البريطانية في الـ B.O.T

في بريطانيا الـ B.O.T له مسمى يختلف عنه في العالم وهو اسم P.F.I أي Private Finance Initiative أي المبادرات المالية الخاصة، ويدار هذا النظام بصورة لامركزية، بحيث تكون جميع أجهزة الدولة لديها الحق في عرض مشاريعها للقطاع الخاص وفق هذا النظام، ولا يوجد جهاز محدد لذلك كما لدينا في الكويت، وأيضا تشمل المشاريع جميع القطاعات، مثل المواصلات، التعليم، البيئة، الصحة، الاسكان والنظافة. والمبادرة تبدأ عادة من الأجهزة الحكومية وليس من القطاع الخاص، بحيث تعرض المشاريع ويؤهل لها ثلاثة فقط يقومون بالتنافس على هذا المشروع وفق مزايدة أو مناقصة، واستطاعت الحكومة أن تستفيد بصورة كبيرة من هذه المشاريع إذ منذ عام 2000 تم التعاقد على 920 مشروعا بقيمة 70 مليار جنيه استرليني، واستطاعت الحكومة أن توفر هذا المبلغ على الميزانية العامة، ولتطوير البنية التحتية، وتعتبر هذه التجربة ثرية ويمكن الاستفادة منها وإرسال وفود ومهندسين وقانونيين كويتيين للاستفادة من التجربة.

قانون الكويت الـ B.O.T ولائحته التنفيذية

نظام الـ B.O.T في الكويت لم يكن منظما قبل هذا القانون، وكان قانون أملاك الدولة يعطي الحق للحكومة بإعطاء المبادرين الأراضي الحكومية من غير تنظيم، وبالرغم من أنه كانت هناك مبادرات إبداعية وممتازة فإن عدم التنظيم القانوني والمساواة بين المبادرين افقد ثقة السياسيين ـ بالأخص ـ في مجلس الأمة، ومع وجود صراع سياسي طبقي للاستحواذ على هذه المشاريع نشأت كلمات مثل ان الـ B.O.T معناها بوق ولا تخاف، وأيضا يصف الوسمي ـ في لقاء له مع صحيقة يومية ـ القانون بأنه «لم يكن بدافع دفع عجلة التطور الاقتصادي وإنما بدافع الحفاظ على المال العام» ويصفه آخرون بأن ممارسات خاطئة أدت إلى صدور هذا القانون، وأيضا يصف العضو عادل الصرعاوي القانون بأنه مر في ثلاث مراحل، مرحلة إيقاف المشاريع (وأيضا إلغاء العقود)، ومرحلة الإعداد والدراسة، ومرحلة صدور القانون، ويرى بوعبدالعزيز أن القانون يجب أن يعطى مهلة 3 سنوات على الأقل للتطبيق، والقانون واضح أنه بني على عدم الثقة، وفي ظل الإرهاب السياسي الذي كانت تعيشه الحكومة في ذلك الوقت من المجلس فخرج بهذه الصورة، ومن نتائج القانون أنه بعد العمل به لمدة سنة كاملة لم يتقدم لهم أي مبادر حسب الرد على سؤال العضو ناجي العبد الهادي، ومن عيوب القانون:

1 ـ أنه فصل بصورة رئيسية لتنظيم مشاريع الـ B.O.T على أملاك الدولة بينما المفروض أن تكون على كامل الخدمات العامة كما هي التجربة البريطانية.

2- فرض القانون عند ترسية المشاريع للقطاع الخاص وتكوين شركات عامة تكون 40% منها للمواطنين فالسؤال هو هل تكون الشركات المساهمة مفهوما جديدا لتخصيص المشاريع العامة او تحويلها بنظام الـ B.O.T في الاقتصاد الكويتي، بحيث يكون الشعب شريكا في كل شيء «وهذا مفهوم اشتراكي بحت»، وهل هذا فيه حافز للمستثمرين، بحيث يعطى كل مشروع 40% منه أسهما عامة للاكتتاب العام، وهل يستطيع المواطنون المساهمة في جميع هذه الشركات والتي تكون عليها تكلفة عالية، وهل يمكن حماية المواطن من جشع بعض المستثمرين في شرائها بأسعار رخيصة خاصة في ظل قوانين البورصة التي تجبر هذه الشركات على الانتظار أكثر من سنة للإدراج.

3- طرح مشروع المبادر للمناقشة أو المزايدة يقتل الإبداع، فهل يعقل أن أقوم بفكرة إبداعية، وأن أعمل لها دراسة جدوى تكلفني الكثير ثم تطرح هذه الفكرة للمزايدة ويمكن أن تضيع مني ويتم بعد ذلك تعويضي بتكلفة دراسة الجدوى +10%، هذه تبعد المبادرين والمبدعين، والأفضل هنا في حالة قبول المبادرة ودراسة الجدوى من الجهاز الفني للمبادرات واللجنة العليا أن يعطى المبادر على الأقل 25% من رأسمال المشروع بالإضافة إلى تكلفة دراسة الجدوى، في حالة عدم رسوها عليه.

4- وضع القانون30-40 سنة، للمبادر في استغلاله للمشروع، وهذا قليل وخصوصا للمشاريع الإستراتيجية والكبيرة ذات الكلفة العالية والتي تحتاج إلى أكثر من هذا الوقت، بحيث يجب أن تفكر من 60 الى 70 سنة، لأن هذا من شأنه أن يقلل من كلفة الخدمات المبيعة على المواطن، وأيضا الحكومة مشاركة في الربح فلا خوف هنا من تمديد الفترة لإعطاء المبادر الحافز للتقدم لمثل هذه المشاريع.

5- لعلنا بحاجة شديدة إلى الأموال الأجنبية لتدخل الاقتصاد، وتبني لنا مشاريعنا العامة، وتطور خدماتنا، والواضح أن القانون لم يعط حوافز كافية للمستثمر الأجنبي خصوصا في الإعفاءات الضريبية، ودعم الدولة له، مقابل الاستفادة المادية وتوظيف الكويتيين.

6- اشترطت اللائحة التنفيذية للقانون أن يتصف المشروع بالربح المجزي، وهذا الشرط من شأنه أن يرفع الأسعار على المواطن ويبعد المشاريع التي يمكن أن توفر على الدولة التكاليف وتكون ذات عائد مقبول.

7- هناك مشاريع قائمة بنظام الـ B.O.T قبل صدور القانون وهي ناجحة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، مثل: مشروع سوق شرق، والمارينا، ومشروع مجمع المثنى، حيث طلب القانون التشدد في تطبيق العقود وفي حالة إنهائها وتحويلها للدولة، وهذا في رأيي خطأ، فنحن هنا نعاقب النجاح فالمشاريع الناجحة يجب أن ننميها ويطلب ممن أدارها بنجاح أن يطورها أو أن يطور مشاريع مشابهة لها وفق أحدث النظم الحديثة في البناء، ولا يمنع من مشاركة الدولة له بنسب مقبولة في الأرباح.

8- نصت المادة الحادية عشرة للقانون على تكوين اللجنة العليا من مجموعة من الوزراء، وممثلي الأجهزة الحكومية وأغفلت القطاع الخاص، وهذا ضروري لأن القانون معني بالحكومة والقطاع الخاص، وأيضا نصت المادة الثانية عشرة على إنشاء جهاز يسمى «الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية والمبادرات»، له رئيس تحدد درجته بقرار من مجلس الوزراء، وهذا فيه تساهل من المشرع إذ المطلوب أن يكون من يدير الجهاز ذات مواصفات خاصة، له الخبرة الحكومية وخبرة القطاع الخاص والخلفية العلمية المناسبة والمواصفات القيادية، وفي تجربتي من خلال حضور الحلقة النقاشية لمشاريع الـ B.O.T في بريطانيا هذا الشهر كان المفروض أن يكون المحاضر من بريطانيا يصف تجربة بريطانيا في هذا المجال، وممثل عن الجهاز للحوار حول التجربتين والمطابقة بينهما لاستفادة الحضور المتحفز للعلم، فكان أن حضر البريطاني (طبعا)، وغاب الكويتي ممثل الجهاز عن الحلقة النقاشية مع أنه محاضر، وعندما طلبت من المنظمين الاتصال به، ومعرفة سبب تخلفه عن الحضور لهذه الحلقة النقاشية المهمة - قال «نسيت وأنا عندي الحين موعد أسنان» وأعتذر عن الحضور – طبعا هذا الموظف المهم جدا جدا والذي من المفترض أن يطور البنية التحتية من خلال مشاريع الـ B.O.T ويجذب القطاع الخاص يهمل هذه الحلقة من أجل موعد أسنان... وإذا عرف السبب بطل العجب حتى نعرف لماذا لا توجد دراسات إلى الآن عن المشاريع القابلة للطرح ولماذا لم يتقدم أحد حتى الآن إلى هذا الجهاز...؟؟

الحلم الكويتي... والقضاء على الحسد:

في حلقة الإذاعة هذا الأسبوع، كانت هناك مداخلة من أم فهد وقالت ليش ما يكون عندنا كويتي دريم مثل ما في أميركا أميركان دريم، وقالت ان الحلم الكويتي يجب أن يستمر ومستوى الرفاهية وأعلى دخل في العالم والرعاية السكنية، والصحية، والبنية التحتية الرائعة يجب أن تستمر ويجب أن يكون لكل كويتي القدرة على العمل وتكوين الثروات والنجاح والتميز، وهذا كلام جميل يجب أن نعمل عليه جميعا بأن نحدد لأنفسنا هذه الرؤية وأيضا رؤيتنا للعمل وللوجه الجديد للاقتصاد الكويتي. ويجب علينا وهذا مهم القضاء على ظاهرة الحسد وذلك من خلال:

1 - الحسد هو أن يكره الإنسان الخير لغيره ويتألم ان رأى الفضائل عند غيره، والنظرة الشرعية للحسد هي أنه محرم كما قال صلى الله عليه وسلم: «لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تجسسوا» وعنه صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب»، ولقد قص الله سبحانه وتعالى علينا قصة ابني آدم كيف دب بينهما الحسد وقتل قابيل هابيل، وأيضا قصة يوسف كيف أن الحسد جعل اخوته يتآمرون عليه لقتله، وهكذا، ومن أسباب الحسد، ابتعاد الناس عن تعاليم الدين، والنزعة المادية الشديدة التي نعيشها وحب المظاهر، وعلاجه أن نرجع لله، ونعلم من قوله تعالي (ورفع بعضكم فوق بعض درجات) ان الله قد يفضل بعضنا على بعض في الدنيا ليس لخير له بل قد يكون اختبارا وهذه الحقيقة يجب أن نعلمها وان ما نحن فيه خير ونعمة وحتى من دون المال وأن نتنافس للآخرة كما قال الله عز وجل (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)، وأيضا الاستعانة بأذكار الصباح والمساء والمعوذات التي تقي إن شاء الله من شر الحاسد، وتبعد الحسد عن القلب.

2 - أهمية إحسان الظن، حيث يقول الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم) يجب أن نحسن الظن ولا نطلق الأحكام على الآخرين إلا من خلال الحقائق والوقائع.

يجب أن يعلم الجميع أن الاقتصاد الكويتي اقتصاد حر، ويعطي الفرصة للجميع وأن المطلوب هو المثابرة والإبداع والقدرة على الإنجاز، فآخر إحصائية تشير إلى أن الكويت فيها أكثر من 50 ألف مليونير، فأنت تستطيع أن تصبح مثلهم وأن أغلبهم لم يرثوا هذه الأموال بل أن الكثير منهم استطاع أن يكونها بنفسه وأن يكون مبادرا ومبدعا وهذه فرصة للجميع وما علينا إلا دراسة مصادر تكوين الثروات في الكويت وهي كثيرة وواضحة ولكن تحتاج إلى دراسة وتأن وهمة.

أهمية إصلاح القطاع الخاص

مشاريع B.O.T، والخصخصة، تحتاج إلى قطاع خاص ومبادر، متطور، لديه القدرة على الإبداع والابتكار والمنافسة، والقدرة على خدمة مجتمعه من خلال توفير الفرص للعمالة الوطنية والمساهمة بالمشاريع الخيرية والتطوعية في البلد، وهذه الأمور يجب أن يعلمها الاخوة العاملون في القطاع الخاص لتحسين صورتهم أمام المجتمع، فأنا أعرف ان هناك شركات كويتية كبيرة جدا توظف عشرات الآلاف من العمالة غير الكويتية ولا يوجد بها إلا عدد لا يذكر من الكويتيين فهذا يجب أن يعدل ليكون لها دور وطني، وأيضا يجب على القطاع الخاص وضع نسبة للمساهمة في المشاريع الخيرية في الكويت مثل بناء الجامعات والمدارس، وإدارة المستشفيات الكاملة، والدعم الاجتماعي للفئات المحرومة والفئات التي بحاجة إلى عناية طبية، وأخيرا مطلوب تطوير مؤسسات القطاع الخاص وأهمها غرفة التجارة لتكون معلما وطريقا لحضانة الكويتيين في التجارة والأعمال وتوفير جهاز معلومات فاعل للمعلومات الاقتصادية، وتوفير التدريب للقيادات والعمالة الوطنية في القطاع الخاص.

تنويه: اتصل فيني الأخ العزيز صاحب المقال عن «البسيس... والخضر»، وقال لي انه ذكر هذا على سبيل المزحة وأنه لا يؤمن بهذه الخرافات وهي كالحجر لا تضر ولا تنفع، وأنا بدوري أشكره على هذا التوضيح وأشكر له اهتمامه خاصة بمقالاتنا الاقتصادية والإدارية وهذا شيء أعتز به من كاتب كبير مثله، وأتمنى له ولي التوفيق في عالم الصحافة.

والله الموفق..
 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك