قانون الخصخصة حكومي تفوح منه رائحة سياسية في ظل حكومة ضرب في اطنابها الفساد المالي والإداري برأى وضحة المضف
زاوية الكتابكتب مايو 9, 2010, 5:35 ص 1514 مشاهدات 0
الخصخصة والجوكر
الأحد 9 مايو 2010 - الأنباء
الكويت الآن تستعد لاستقبال مولودها المشوه المسمى بقانون الخصخصة بعد مرحلة من المخاض العسير ما بين المداولة الأولى والمداولة الثانية، ولكي تأتي الغاية من مقالنا اليوم لابد من التأكيد على أن نظام الخصخصة بشكل عام له مزايا عديدة إذا أتى ضمن سياسة الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام استنادا لنص المادة (20) مع التأكيد على أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال تخصيص إنتاج النفط والغاز الطبيعي ومرفقي الصحة والتعليم استنادا لنص المادة (21) من الدستور، لأن الثروات الطبيعية ومواردها كافة ملك للدولة، والدولة تقوم على حفظها وحسن استغلالها، لذا يجب على كل مواطن حماية ثرواتنا الطبيعية التي يسيل لها لعاب أباطرة المال الجشعين الذين يوهمون المواطنين بشعارات براقة بتحريرهم من البيروقراطية والقوانين البطيئة التي تكبلهم بها الحكومة، وهذه حقيقة شواهدها كثيرة لا تحتاج إلى دس السم بالعسل.
التجربة تقول إن أصحاب المال الجشعين لا وطن لهم فأين ما تكون مصالحهم تكون أوطانهم، وتجربة نظام الخصخصة في الكويت لا تبشر بخير بسبب عدم وجود الأجهزة الرقابية فضلا عن عدم وجود قانون منع الاحتكار وقانون الضريبة على الشركات تزامنا مع عدم تفعيل قانون حماية المستهلك الذي نسمع عنه ولا نراه بسبب تقاعس وزارة التجارة، فالقطاع الخاص عندنا يهتم بالربح أكثر من سعر البيع ما أدى إلى التضخم وارتفاع الأسعار، وعدم وجود هذه القوانين وتطبيقها على أرض الواقع قبل تنفيذ قانون الخصخصة لا يجدي نفعا، فالمنتج والمستهلك كلاهما طرفان في الخصخصة ولخلق عملية التوازن بينهما، الدولة مطالبة بأن تقف على مسافة واحدة بينهما لتحقيق مبدأ العدالة والمساواة حتى تزيل الرعب من الناس خاصة بعد التسريح الجماعي للمواطنين في القطاعات الخاصة، واستبدال العمل الالكتروني بعمالة هامشية في محطات الوقود على سبيل المثال.. والخطيئة التي لا تغتفر التي وقعت بها الشركات العاملة في القطاع النفطي منذ سنوات بتصفية الإدارات التي كانت تدار بأيد كويتية وإعطائها لمقاولين بحجة الخصخصة مازالت عالقة بالأذهان، وهذا يعد ترجمة عملية لفشل نظام الخصخصة في الكويت.
إن الخطأ الفادح الذي ارتكبته الحكومة هو أنها فاجأت الناس بقانون الخصخصة دون التدرج بتقديم رؤيتها وبحجة الخطة الخمسية أقرته دون أن تطرحه للنقاش للاستئناس بآراء المختصين والقانونيين والدستوريين، والذي يدعو للدهشة هو موافقة غالبية النواب الـ «33 الحكوميين» على قانون التخصيص في المداولة الأولي قبل أن يتضمن التعديلات، وهذا يدل دلالة واضحة على أن مجلس الأمة مختطف من الحكومة.. ما دعا كتلة العمل الشعبي بقيادة النائب مسلم البراك الى التصدي لهذا القانون بكل بسالة، ونال أعضاء الكتلة ما نالهم من الاستخفاف والاتهام بوجود حالة تصدع داخلي بالكتلة لمحاولة إضعافهم وإحباطهم.. وبعزيمة صادقة وإصرار بعد التوكل على القهار خرجوا بتعديلات على قانون التخصيص فيها من المكتسبات الدستورية والشعبية ما يحفظ ثرواتنا ومقدراتنا من العبث، ويحفظ حقوق العمالة الوطنية ويمنحها جميع الميزات التي تطالب بها، ما أحرج الحكومة وأرغمها على الموافقة على تلك التعديلات.
ومن الجوكر «السهم الذهبي» يأتينا اليقين، فالجوكر أو ما يسمي «الفيتو الحكومي» يتبع مجلس الوزراء ذي الحسابات السياسية، فلا طبنا ولا غدا الشر، وقانون الخصخصة حكومي تفوح منه رائحة سياسية في ظل حكومة ضرب في اطنابها الفساد المالي والإداري، ومن خلال الجوكر ستمرر الحكومة مصالحها من ثنايا هذا القانون، فالحكومة خفيفة الظل أطلقت نكتة «السهم الذهبي» بوجود موظف الدولة عضوا في مجلس إدارة الشركات المخصصة الذي سيدار كالخاتم بالإصبع بحجة حماية أموال الشعب من الحلب، هذه النكتة جعلتنا نتقافز ضحكا حتى شعرنا بعدم المقدرة على المواصلة لاستخفاف الحكومة بعقولنا، فالتخصيص على هذا النحو مرفوض جملة وتفصيلا.. وكلمة حق أقولها للعالمين.. الدولة التي تتساهل في نقل وبيع ممتلكاتها العامة وثرواتها تتساهل في بيع شعبها وتاريخها لمن يرفع السعر في المزاد، والشواهد كثيرة، فأغلب الشركات المدرجة في البورصة التي حققت خسارة تلو خسارة بعد أن حلبها أصحابها حلبا كانت بالأصل حكومية، والسؤال الذي يطرح نفسه لمصلحة من تقوم الحكومة ببيع حصتها في شركات رابحة؟!
أما الحل بتقديري الشخصي فهو أنه لابد من إعادة النظر في مشروع الخصخصة بالكامل، والحكومة إن كانت جادة وصادقة بدعوتها للإصلاح الاقتصادي تقوم بإيقاف العمل بهذا القانون فورا، على أن تقوم لاحقا بإصدار مجموعة من التشريعات المطمئنة للمواطنين مع الأخذ بعين الاعتبار بالمحاذير الدستورية بعد القيام بالتوعية وجدولة مشروع الخصخصة، أما طرح الخصخصة بهذه الصورة وتصفية الدور الاقتصادي للدولة وخلق طبقات اجتماعية مستفيدة وأخرى متضررة فمرفوض رفضا شعبيا قاطعا. وأختم بنصيحة لعل أن تجد صداها.. «يا حكومة اتقي الله في الرعية».
يطيب لي أن أثمن الرعاية الإعلامية النبيلة لجريدة «الأنباء» صاحبة أفضل تغطية صحافية، والرؤية، عالم اليوم، النهار، القبس، السياسة في دعم قضايا المرأة الكويتية مما كان له الأثر الطيب والفعال في إنجاح الندوة الاسكانية «سكن العازبة والأرملة والمطلقة دون أولاد بين الحق وواقع الحال»...فشكرا كبيرة.
يوم الأحد الماضي 2/5/2010 دشنت أولى مقالاتي في صحيفة «الأنباء» المحببة إلى قلبي «أنباء الأصالة الكويتية وعراقة الصحافة الوطنية»، ولا يسعني في هذا المقال إلا أن أكبر الدعم اللامحدود من رئيس التحرير يوسف خالد المرزوق للأقلام النسائية الكويتية وأشكره على كرم لطفه الحاتمي، والشكر موصول لمدير التحرير محمد الحسيني صاحب الأدب الجم والتعامل الراقي، كما أستذكر بالشكر والتقدير جريدة الرؤية التي دعمت قلمي النسائي الأول الذي رسم بالكلمات فيها منذ انطلاقتها.. فسيبقى لها في نفسي المكانة السامقة والمنزلة العالية.
تعليقات