الإعلام الاقتصادي حدد ملامح الخريطة النفطية
الاقتصاد الآنمشاريع توقفت وأخرى جمدت وثالثة عادت على مضض
مايو 4, 2010, 2:29 ص 1758 مشاهدات 0
قبيل انطلاق مؤتمرها في 17 و18 من مايو الجاري تحت عنوان 'مؤتمر الإعلام الاقتصادي في زمن الأزمة.. تحديات مفروضة.. ودور مأمول' قال تقرير اعدته وحدة الابحاث الاعلامية في شركة ميديا هاوس ان الاعلام الاقتصادي رسم إلى حد كبير ملامح الخريطة النفطية في ظل الازمة الاقتصادية العالمية من خلال خطاب اعلامي متناقض احيانا ويبحث عن الاخبار او المتابعة من وسائل الاعلام الاجنبية احيانا أخرى في ظل سياسة صمت نفذها المسؤولون النفطيون , وقال التقرير الذي اعدته ' ميديا هاوس ' عن مدى تأثر القطاع النفطي بالخطاب الاعلامي في ظل الازمة المالية العالمية بمناسبة اطلاق المؤتمر الاعلامي في زمن الازمة في السابع عشر والثامن عشر من مايو الجاري , ان الخطاب الاعلامي تسبب في الغاء مشروعات عملاقة وتجميد اخرى بعضها عاد على مضض , ورصد التقرير سلبيات وايجابيات التناول الاعلامي , مؤكدا اهمية احداث تغيير فوري في طبيعة العلاقة بين الاعلام والقطاع النفطي لتلافي التداعيات الكثيرة التي افرزتها الاحداث الاخيرة والتي تسببت إلى حد كبير في تاجيل عدد كبير من المشروعات العملاقة خصوصا التي انطلقت بشراكة اجنبية وإلى نص التقرير :
منذ انطلاق الازمة المالية العالمية في منتصف سبتمبر 2008 وحتى الان لم يتاثر اي قطاع اقتصادي بتداعياتها مثلما تأثر القطاع النفطي فتوقفت مشاريعه وجمدت أخرى وثالثة تردد انها محل التقاضي طلبا لتعويضات بملايين الدولارات , وان كان القطاع النفطي لم يتأثر من جراء الازمة بشكل مباشر فان الخطاب الاعلامي كان له الدور الاكبر في جملة من الاحداث إلى حد انه هو من رسم الخريطة النفطية الكويتية منذ وقوع الازمة حتى الان .
وربما كان من قبيل المصادفة ان يلعب الاعلام الاقتصادي هذا الدور المحوري في ظل ازمة مالية عالمية , لان الاحداث ومجرياتها كان لها ان تقع وان تتفجر على هذا النحو سواء في ظل ازمة او في ظل عدم وجودها بسبب طبيعة تعاطي الاطراف المعنية بالنفط مع وسائل الاعلام وهو تعاطي غابت عنه الشفافية احيانا واغلقت في وجهه ابواب المسؤولين في احيان اكثر .
وان كانت جميع القطاعات الاقتصادية تأثرت بالازمة بشكل متفاوت فان القطاع النفطي كان الاكثر تاثرا وكان اكثر القطاعات اهتماما في المشهد الاعلامي وقد ساعد على ذلك مجموعة من العوامل المهمة اطلقت العنان للاخبار والتقارير وخاصة الصحافية في ظل غياب نظيرتها المتلفزة والاذاعية منها:
اولا: مازال القطاع النفطي الحكومي يتعامل مع الاعلام بشكل حذر إلى حد كبير لا يقارن باي قطاع اخر وهو ما تسبب في كثرة التاويلات والتفسيرات بشكل كبيروانتشارها في الصحافة المقروءة والالكترونية احيانا.وان كان منطلق سياسة الصمت او الحذر هو تجنيب القطاع الدخول نحو ابواب المساءلة السياسة كما قال غير مسؤول نفطي في تصريحات ليست للنشر فان تلك السياسة افرزت جدلا وتلميحات بعضها غير مقبول .
ثانيا: آثرت القيادات النفطية الكشف عن الصفقات والعقود في تصريحات مقتضبة إلى مراسلي وكالات الانباء الاجنبية مثل رويترز والفرنسية في ظل غياب حتى وكالة الأنباء الرسمية ' كونا ' وهو ما سبب خنقاً اعلاميا لدى المحررين النفطيين وهم يتابعون اخبار تطورات المشاريع النفطية وخصوصا العملاقة
ثالثا: خلقت ظاهرة عدم الشفافية من قبل القطاع النفطي لجوء الصحافة المحلية إلى المصادر الاجنبية لمتابعة اخبار القطاع النفطي وتطورات مشاريعه فاستبقت التصريحات الحكومية بنشر نتائج المفاوضات سواء لاطلاق المشاريع او تجميدها .
رابعا: اثبتت الفترة الاخيرة لا سيما في ظل الازمة الاقتصادية ان القيادات النفطية جانبها الصواب حين التزمت الصمت دون ان تفتح ابوابها للرد على مايتردد في الاعلام .
خامسا: ان تناول بعض المشاريع النفطية خضع احيانا لاعلاء المصالح الشخصية على المصلحة العامة كما قال مسؤولو النفط غير مرة في تصريحات غير صالحة للنشر لكن من دون ابراز نوعية وهوية المصالح الشخصية .
سادسا: استغلت وسائل الاعلام ازمة السيولة الطاحنة التي ضربت جميع الانشطة الاقتصادية في العالم وراحت تتحدث عن اهمية وقف او تجميد مشاريع عملاقة مثل المصفاة الرابعة ومشروع داو كيمكال.
سابعا: عوض الاعلام الاقتصادي في مواجهة فشله في الحصول على حوارات او تصريحات رسمية من قبل المسؤولين الرسميين باللجوء إلى خبراء نفط سابقين واصحاب الشركات الخاصة في الحصول على تصريحات او حوارات صحافية وهو الامر الذي جعل خريطة الاعلام النفطي في امس الحاجة إلى المراجعة .
ثامنا: مازال التفوق الاعلامي لمراسلي وكالات الانباء الاجنبية في الكويت هو سيد الموقف وخصوصا في الكشف عن المشاريع النفطية , حيث تساهم الشركات الاجنبية بنصيب الاسد في مد المراسلين الاجانب بانباء الاتفاقات , وهو امر غريب لم تنتبه اليه القيادات النفطية لتتخلص من تهمة عدم الشفافية ان بادرت واعلنت عن المفاوضات او ارساء مناقصة ضخمة لتنفيذ مشروعات كبيرة .
تاسعا: اقتصر الاعلام الحكومي على تصريحات اختيرت بعناية إلى حد ان رؤساء الشركات النفطية وجميعها شركات عملاقة اصبحوا في حاجة للحصول على موافقة من اجل الاجابة عن اسئلة الصحافيين وهو امر اطلق العنان للتاويلات والتفسيرات وربما الشائعات فاصبح للاعلام الاقتصادي دور كبير بغض النظر عن تأثراته سواء كانت سلبية او ايجابية او محايدة او مجرد ناقل للاخبار من وسائل الاعلام الاجنبية .
عاشرا: اسفر غياب النهج الاعلامي للقطاع النفطي بكل هيئاته عن تضارب التصريحات بشكل كبير ومن قبل المسؤولين الحكوميين انفسهم مثلما حدث من قبل حول احتمالات بلوغ الانتاج النفطي الكويتي إلى 4 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2020 من عدمه وهو التصريح الذي نسب لوزير النفط ,او ما حدث بشان استيراد الكويت للغاز حيث اعتبرت الشركات المصدرة والكمية والاسعار من باب الاسرار الحربية وهو ما يفتح باب المساءلة ويطلق العنان مجددا للتاويلات الاعلامية التي تقود إلى الجدل السياسي وليس الاقتصادي , ومن المثير في ذلك الامر ان يكشف رئيس شركة اجنبية هي شركة توتال الفرنسية عن صفقة توريد غاز للكويت من دون ان يعتبر ذلك من الاسرار الحربية وهو الامر الذي وضع القيادات النفطية في حرج كبير فجرى الاتفاق ان يتم اصدار تصريح رئيس الشركة الفرنسية قيد بيان رسمي مقتضب بثته وكالة الانباء الكويتية هذه المرة .
في ظل تلك الامور والتقاطعات نال القطاع النفطي اهتماما اعلاميا اختلف عن القطاعات الأخرى فمر بعام عصيب شهد خلاله شبه خمول في تنفيذ العديد من المشاريع النفطية العملاقة ولم يبرز على الساحة النفطية الا القليل من الاحداث والتي كان من ابرزها الإعلان عن اكتشاف نفطي شمال غرب البلاد بحقل مطربة بطاقة 80 ألف برميل يوميا و110 ملايين قدم مكعبة من الغاز الطبيعي , كما اعلن وزير النفط الشيخ احمد العبدالله رصد 25 مليار دولار لمشروعات نفطية ضمن خطة مؤسسة البترول لرفع طاقة الانتاج الى 4 ملايين برميل.
وقد اجمعت الاراء ان 2009 عام سيئ على القطاع النفطي في ظل المشروعات النفطية الضخمة التي تم اجهاضها على يد أعضاء مجلس الامة الذين وقفوا لعرقلة تنفيذ المشروع تلو الاخر بالتدخلات السياسية بمناسبة ودون مناسبة لعدم اتمام تلك المشاريع الهامة بحجة الخوف على المال العام, وهو ما يعتبره الكثيرون سببا واهيا لقطع شريان الحياة عن القطاع النفطي.
محطات إعلامية
ومن أهم النكسات التي تعرض لها القطاع النفطي خلال 2009 ووجد فيها الاعلام مادة اعلامية سخية للمتابعة عندما قامت شركة البترول الوطنية في مارس 2009 وبناء على قرار من مجلس الوزراء بالغاء عقود مناقصات المصفاة الرابعة البالغ قيمتها 15 مليار دولار وبطاقة انتاجية تقدر ب¯ 615 ألف برميل يوميا , بعد حملة اعلامية كبيرة التزمت فيها القطاعات النفطية سياسة الصمت لتفتح باب التاويلات حول منافع شخصية من جهة ومخالفات من جهة أخرى , ومن هنا فتحت وسائل الاعلام ابواب التصريحات على مصاريعها, فاعلن عضو مجلس الامة ومقرر اللجنة المالية السابق احمد لاري أن الغاء صفقة انشاء المصفاة الرابعة ومن قبلها صفقة 'كي داو' قد وفر على الدولة اكثر من 10 مليارات دولار.
ومن جراء ما يمكن وصفه بالحملات الاعلامية تاثرت العديد من المشاريع الحيوية للقطاع النفطي ,فعلى مستوى قطاع التكرير توقفت خطط تطوير القطاع 'ولو بشكل مؤقت', فبالتزامن مع الغاء المصفاة توقف مشروع 'الوقود النظيف' الخاص بتطوير مصفاتي مينائي عبدالله والأحمدي وهو المشروع المكمل لمشروع المصفاة الجديدة بالتزامن مع إغلاق مصفاة الشعيبة القديمة للوصول بالطاقة التكريرية إلى مليون برميل يوميا من خلال منتجات تكريرية عالية الجودة وذات مواصفات بيئية عالمية.
وان كانت الازمة المالية افرزت جدلا حول المشروعات فتوقفت او تجمدت او اعيدت إلى الواجهة على مضض , فان قطاع الإنتاج ظل اكثر القطاعات تأثرا منذ توقف مشروع تطوير حقول الشمال بعد رفض مجلس الأمة مشروع القانون المقترح بذلك وهو ما ساهم في ثبات معدل الإنتاج النفطي الكويتي عند مستوى 2.5 مليون برميل يوميا وهو الأمر الذي قد لا يتواكب مستقبلا مع خطط منظمة أوبيك.
نموذج للانقسام بالخطاب الإعلامي
وكانت وسائل الاعلام انقسمت حيال اهمية المصفاة الرابعة التي عادت إلى الاضواء منذ فترة , حيث قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية سعد الشويب ان مشروع المصفاة الرابعة التي تعتزم الكويت انشاءها مازال يخضع للنقاش في مجلس ادارة مؤسسة البترول الكويتية في انتظار رفعه الى المجلس الأعلى للبترول. وكانت صحيفة ' السياسة ' قالت في عددها الصادر بتاريخ 22 مارس 2009 ان الغاء المصفاة الرابعة يكبد خزينة الدولة نحو 1.195 مليار دولار لان البترول الوطنية ستتكبد قيمة توريد 43 مفاعلا وصل الكويت بالفعل بالاضافة إلى العديد من الاعمال الهندسية التي وردتها الشركات الاربعة الفائزة بالمناقصة.وبينت جريدة الانباء في عددها الصادر بتاريخ 25 مارس 2009 على لسان الرئيس التنفيذي لشركة البترول الوطنية فاروق الزنكي ان مشروع المصفاة الرابعة لم يلغ وانما خطابات النوايا فقط والتي اقرها مجلس الوزراء. وعادت ' السياسة ' مرة أخرى بتاريخ 22 مارس 2009 لتشير في تصريح لعضو المجلس الاعلى للبترول د.عماد العتيقي إلى ان الغاء خطابات نوايا مشروع المصفاة قرار حكيم في ظل الازمة المالية العالمية , منوها الى ان الشركات الكورية وردت معدات ومفاعلات بقيمة 300 مليون دينار ومصيرها البيع 'سكراب'.اما جريدة الوطن فقد قالت في عددها الصادر بتاريخ 21 مارس 2009 ان الكويت ابلغت الشركات رسميا بالغاء المصفاة الرابعة , حيث أعلنت شركة هيونداي للهندسة المشاركة رسميا في مشروع المصفاة الرابعة انها تسلمت اخطارا من الحكومة الكورية يقضي بالغاء مشروع المصفاة الرابعة البالغ تكلفته 15 مليار دولار نظرا لعدم جدواه الاقتصادية.وقالت جريدة الجريدة في عددها الصادر بتاريخ 17 مارس 2009 ان الغاء المصفاة الرابعة... السياسة تزيح الراي الفني مجددا , حيث عولت المصادر النفطية انه في حالة الغاء المصفاة الرابعة فان ذلك سيترتب عليه امور كثيرة اهمها كيفية توفير الغاز لمحطات الكهرباء التي ستطلب حرق زيت الوقود الثقيل.وبينت جريدة الانباء في عددها الصادر بتاريخ 22 مارس 2009 ان هناك ترحيب بالغاء صفقتي 'المصفاة الرابعة' و'الداو' :وفر على الدولة 10 مليارات والحكومة تراجعت عن الخطأ.
وبعيدا عن طبيعة الخطاب الاعلامي في تناوله لموضوع المصفاة الرابعة او الغاء مشروع الشراكة مع داو كيمكال الاميركية فقد حظيت المشروعات النفطية في الخارج باهتمام اعلامي كبير وكان من المفارقة العجيبة ان المسؤولين تحدثوا عنها باستفاضة كبيرة مثل مشروعات , وعلى سبيل المثال قال العضو المنتدب رئيس مجلس ادارة شركة البترول الكويتية العالمية حسين اسماعيل ان التشغيل الفعلي لمشروعي الشركة في الصين سيكون بين عامي 2012 و2015 لافتا الى ان تشغيل المشروع الأول ناتشا 'غوانغدونغ' وهو عبارة عن مصفاة تكرير سيكون عامي 2012/2013 والذي تقدر طاقته ب¯ 300 ألف برميل يوميا, والثاني هو 'فوغيان' وطاقته التكريرية تصل الى 200 ألف برميل يوميا, ومن المتوقع ان يبدأ تشغيله في ,2015 وأكد رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة نفط الخليج بدر الخشتي أن إجمالي تكلفة الاستثمارات في المشاريع الرأسمالية في المنطقة المقسومة (البحرية) يبلغ 783.375 مليون دينار من عام 2003 حتى عام 2008 فيما بلغت في المنطقة البرية (الوفرة) خلال الأعوام من 2006 حتى 2008 نحو 696.143 مليون دينار,وقال وزير النفط ووزير الإعلام الشيخ احمد العبدالله ان الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية (كوفبك) تتجه للفوز برخصة تنقيب عن حقول النفط والغاز في فيتنام تغطي المنطقة البحرية البعيدة عن الشاطئ,وقالت شركة 'ميترا' للطاقة المحدودة ومقرها ماليزيا في بيان صحافي انه من خلال التعاون المشترك معها ومع شركة سنغافورة للبترول وقعت 'كوفبك' عقدين لتقاسم الانتاج مع'بتروفيتنام' في منطقتي (بلوك 19 و20) حيث تغطي كل منهما مساحة تبلغ 4500 كيلومتر مربع تقريبا وتمتلك 'كوفبك' حصة 40% في كل من المنطقتين, كما وقعت مؤسسة البترول الكويتية مذكرتي تفاهم مع حكومتين محليتين صينيتين في إطار ستراتيجيتها للتوسع في مجال التكرير والتسويق وإنتاج البتروكيماويات في الصين.
على هذا النحو كانت البيانات النفطية صريحة وتعاملت وسائل الاعلام معها باهتمام كبير , وهو الامر الذي يجب انسحابه على مادون تلك المشاريع الخارجية إلى المشاريع المحلية لاغلاق باب التاويلات او الاحاديث التي بلغت حد التشكيك والتلميح بمنافع شخصية ومخالفات .
العلاقة بين النفط والإعلام
ان العلاقة بين النفط واهميته في الاقتصاد الكويتي والاعلام بما يتمتع به من حرية يضبطها قانون المطبوعات تتطلب اعادة النظر في محاورها ومن دون ابطاء ان كانت هناك نوايا حقيقية لانجاح المشروعات خصوصا والكويت تشهد اطلاق خطة تنموية طموحة وهو الامر الذي يشير إلى اهمية الاستفادة من طبيعة العلاقة بين الاعلام والنفط للانطلاق من تداعياتها إلى رسم ملامح لعلاقة جديدة يمكن الاستفادة منها في انجاح الخطة التنموية .
تعليقات