بعد تلقيه نبأ وفاة راشد المحارب، زايد الزيد يتذكر زوايا شخصية جمعته مع 'المحارب' النظيف، حيا وميتا.

زاوية الكتاب

كتب 1864 مشاهدات 0


الخلاصة
«المحارب».. راشد
زايد الزيد 

وفاة المناضل راشد المحارب الأسبوع الماضي، أحد قيادات العمل السياسي الوطني في الأربعين عاما الماضية،  شكلت بالنسبة لي «ربكة» لم أستطع أن أفسرها، حتى لحظة هذه الكتابة، ذلك أنه على الرغم من عدم معرفتي اللصيقة به، الا أنه ترك في، هو والمرحلة التي عرفته فيها، آثارا لم ولن أنساها طوال حياتي!

في نهاية العام 1989، وفي اطار الحركة الشعبية لاستعادة العمل بدستور 1962، تشكلت في أرجاء الكويت، لجان شعبية موزعة على معظم المناطق، مهمتها التنسيق والتكامل مع جهود تكتل نواب مجلس 1985 ولجنة الـ45 (لجنة تمثل قيادات العمل الأهلي الرافضة للانقلاب على الدستور)، وفي واحدة من هذه اللجان الشعبية، قمنا بتشكيل لجنة منطقة الأندلس، حيث يسكن في ذلك الوقت الأخ والصديق مبارك سلطان العدواني، والذي قدم ديوانه العامر مقرا لأعمال اللجنة، وضمت اللجنة بالاضافة لصاحب الديوان وكاتب هذه السطور، أستاذي د. غانم النجار، والصديق العزيز جدا مظفر راشد، وتوأم الروح الشاعر نشمي مهنا، ود. علي الزامل، والصديق المشاغب جهاد الغربللي، والشهيد الأسير وليد الصانع (تم أسره مع عمه النائب فيصل الصانع أحد رجالات الكويت وأبطالها الذين لم يوفهم التاريخ حقهم حتى اليوم)، وعبدالعزيز السالم وبدر المنيس.

تقرر في ذلك الوقت، أن يُعقَد اجتماع تشاوري يضم اللجان الشعبية في الكويت كلها، فوقع الاختيار على ديوان المرحوم «المحارب» راشد في منطقة صباح السالم، حضر حينها ممثلون عن أكثر من عشرين لجنة عمل شعبية، من مختلف مناطق الكويت، وطرح في هذا الاجتماع ضرورة الاتفاق على تحديد العلاقة بشكل واضح، بين اللجان الشعبية، من جهة، وبين تجمع النواب، ولجنة الـ 45 من جهة أخرى، وفي هذا الاجتماع كلفت لجنتنا (لجنة الأندلس) باعداد ورقة عمل، تحدد الأهداف وآليات العمل بين أطراف حركة المطالبة بعودة العمل بدستور 1962 (اللجان الشعبية وتجمع النواب ولجنة الـ 45)، وفي هذا الاجتماع، مثل لجنة الأندلس د. غانم النجار ومبارك العدواني ود. علي الزامل، بالاضافة الى كاتب هذه السطور، وكلفني الأخوة أعضاء لجنة الأندلس في طريق عودتنا بالسيارة من صباح السالم الى الأندلس، بتقديم تصور اللجنة، فعكفت على العمل في اعداد التصور المطلوب، وكان يملأني حماس لم أشعر به في حياتي قط، وخلال يومين أنجزت المهمة، وقدمت التصور للاخوان في لجنة الأندلس (مازلت أحتفظ بنسخة من التصور المخطوط)، واعتمدناه في اللجنة دون تعديل، ولم تكن هنا المفاجأة! المفاجأة كانت ان الاجتماع الثاني الذي عقد في ديوان «المحارب» راشد، لكل اللجان الشعبية المساندة لحركة عودة العمل بدستور 1962، اعتمد أيضا ورقة العمل التي قدمتها من دون اجراء أي تعديل رغم المناقشة المستفيضة التي حظي بها التصور!

لماذا أذكر هذه التفاصيل في استحضار وفاة «المحارب» راشد؟ هل لأستذكر «المحارب» راشد؟ أم لأسترجع - بأنانية مفرطة - جزءا من حياتي وتاريخي؟

ربما أستذكر الاثنين معا، ولكن في عملية الاستحضار هذه، أتذكر «المحارب» راشد: الوجه البشوش، العمل الدؤوب، والايثار العجيب، كان رجلا توفيقيا من الطراز الأول، ديموقراطي الى أبعد الحدود، يركز على الكليات، ويتجاهل الجزئيات!

بصراحة، لا أنكر أنني في استذكار حياة المحارب راشد، الذي لم ألتق به بعد أحداث ديوانيات الاثنين، سوى خمس أو ست مرات، وفي مناسبات اجتماعية متفرقة، أستذكر حياتي، وأستذكر معي حياة توأم الروح نشمي مهنا، في تلك المرحلة المفصلية في حياة الكويت، أستذكر الزهيريات الاحتجاجية التي كان يكتبها نشمي باسم «غاندي»، والتي كنت أخطها بيدي (كان يعتقد أن خطي أجمل من خطه ويستعذب كتابتي لأشعاره)، ونأخذها معا الى ديوان د. أحمد الخطيب في الروضة لننسخها على آلة التصوير الموجودة في ديوانه، ليتم توزيعها فيما بعد على اللجان الشعبية وعلى أعضاء تجمع النواب وأعضاء لجنة الـ 45!

المحارب راشد، تلقيت نبأ وفاتك، فتذكرت صفحات من حياتي جمعتني فيك، فكتبت ما كتبت، من زوايا شخصية تربطني واياك، ولكن من المؤكد لن تكن أجمل ولا أدق ولا أوفى مما كتبه عنك الأستاذ أحمد الديين أو ما كتبه الصديق سعد بن طفلة عن حياتك وتاريخك وانسانيتك..

فلله درك أيها «المحارب» النظيف.. حيا وميتا..

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك